مسرح الشارع.. إيقاع الحياة ضمن الحالة الفطرية

طلعت الحسين

مسرح الشارع كإضاءة ثقافية وفنية، تاريخه ونشأته والمقومات التي يرتكز عليها ودوره في نقل الشارع من حالة السكون أو الفوضى إلى الحالة المعرفية، بالإضافة إلى أول عرض مسرحي عرض في الشارع في محافظة "السويداء"، هو أهم ما تحدث به المخرج المسرحي "رفعت الهادي" للمدونة الثقافية في 9 كانون الأول 2014.

وبدأ حجيثه بالقول: «التاريخ يقول أن مسرح الشارع بدأ على عربة "فيسبيس"، وهو المسرحي الأول في تاريخ المسرح اليوناني، وهو اسبق من أبو المسرح "اسخوليوس"، وكان المسرح حينها جوالاً ويعرض في الطرقات، ولكن الولادة الثانية للمسرح بدأت بساحات القرى والطرقات والشوارع في أوروبا، ثم جاء هذا المسرح إلى الكنيسة على أيدي الرهبان، ليتم فيه عرض قصة السيد المسيح، ثم تم الفصل بينه وبين الكنيسة، ليخرج إلى ساحات المدن الكبرى والقرى، ومن أهم الفرق الجوالة المعروفة في العالم التي ظهرت في القرن الخامس عشر في أوروبا هي فرقة "ماي تنغس"، حيث كانت تقدم كل العروض المسرحية من الجاد والكوميدي، ثم تطور هذا المسرح ليعم العالم، فأصبح في كل دولة في العالم على الأقل فرقة تسمى فرقة المسرح الجوال، ونحن لدينا في سورية فرقة للمسرح الجوال، وهي معتمدة من قبل وزارة الثقافة، وهي تذهب من مدينة إلى مدينة وأحيانا تزور القرى وتعرض في المسارح، ونذكر على سبيل المثال لا الحصر مسرحية "روميو وجوليت" التي تم عرضها في قصر "أسعد باشا العظم" في فترة التسعينات، وكانت ساحة القصر هي مكان العرض وجدار القصر هو خلفية المسرح».

وعن أنواع مسرح الشارع تابع: «مسرح الشارع نوعان منه من يستخدم العربات، وهي عربات مفتوحة على كل الجهات حيث يقدم العرض محمولاً على عربة وهو موجود في كل دول العالم، وهو فرق تشغل تبعيات العرض المسرحي وتنقل من مكان إلى آخر وتجول، والنوع الآخر هو عرض مسرحي من أساس التصميم يصنع ليقدم في الشارع، وهناك عروض مسرحية متعددة.

مسرح الشارع لا يحتاج إلى ديكور أو إضاءة أو موسيقا، والتصميمات الحركية تكون من داخل العرض، فالإضاءة هي الإضاءة العامة الصالحة لكافة المشاهد، والديكور يتبدل مع الحركة ولا يحتاج إلى مناظر وكتل، والملابس يتم تبديلها أمام الجمهور ضمن اللعبة الفنية، والموسيقا تكون من داخل العرض ويؤديها الممثلين ولا تحتاج إلى جهاز صوت، حيث تستخدم الإيقاعات الحية والغناء الحي، وكل ذلك يؤدى ضمن الحالة الفطرية، كما أن مسرح الشارع يتماهى مع المكان الذي يعرض فيه فهذا المسرح يذهب للجمهور ولا يأتي الجمهور إليه، فنحن هنا نقطع الطريق بأسلوب جميل ونصادر الجمهور الموجود في الشارع، ومن جذبه العرض يبقى واقفاً ومن لم يجذبه العرض يتابع طريقه».

وأضاف:«أول مسرحية عرضت في السويداء في الشارع من تقديم فرقة مسرحية محلية هي مسرحية "الوسام" وقد عرضت في 16 تشرين الثاني من هذا العام، فلم يسبق لمسرح السويداء أن قدم تجربة تستجيب لمقتضيات الشارع سابقاً، ومسرحية الوسام هي عمل للناشئين و فكرة المسرحية كانت كيف يمكن للإنسان أن يقوم بأعمال عظيمة شريطة أن يحسب مقدار مغامرته ولا يلغيها بل عليه أن يفكر في ترشيد طاقته لتوصله إلى بر الأمان مع الفعل المبدع، وكانت المسرحية امتدادا للمساحة الإنسانية عبر تجسيد فكرة تكاد توازي التضحية، وهي الدفاع عن الحق في مواجهة الباطل مهما كان الثمن، وقد شارك فيها ممثلون من جيل الشباب والجيل الجديد وكلهم فنانون محترفون وهم "أكرم غزلان"،  و"يزن جابر"، و "فراس حاتم"، و "حنين البعيني"، و"منيرة الشماس"،  و"مجد العيسمي"،  و"ليال الهادي"، و"حسن رسلان"».

يذكر أن المخرج "رفعت الهادي" من مواليد محافظة السويداء عام 1963، وهو عضو نقابة الفنانين السوريين.

 أسس فرقة "حكايا" المسرحية وقدم معها عددا كبيراً من العروض المسرحية على ساحة الوطن وحصل من خلالها على عشرات الجوائز على مستوى سورية في كافة المجالات أي التمثيل والإخراج والنص والسينوجرافيا ، كما يعتبر الهادي باحثا مسرحيا تستفيد معظم الكوادر والهيئات المسرحية من خبراته.