"موفق قات".. رائد أفلام الرسوم المتحركة في سورية

هيسم شملوني

تتعدد مناحي الحديث عن تجربة الفنان "موفق قات" بتعدد الأتجاهات الإبداعية التي ينهجها، فهو الفنان التشكيلي ومهندس الديكور لحوالي 25 فيلماً سينمائياً أكثر من نصفهم من إنتاج المؤسسة العامة للسينما، هو صاحب أول فيلم كرتوني وأول مسلسل كرتوني في سورية كما كتب السيناريو وأخرج في هذا المجال.

التقت "المفكرة الثقافية" بالفنان "قات" وكان الحديث حول تجربته في مجال أفلام الرسوم المتحركة التي أنجزها وعلاقته بهذا النمط من الفن :

* سبق وشاركت مؤخراً في فيلم كرتون "الوصية الحادية عشرة" خلال مهرجان "دمشق" السينمائي في دورته الـ18، ماذا الذي أردت أن تقوله من خلال هذه التجربة؟

** فيلم "الوصية الحادي عشرة"، فيلم كرتون مدته ربع ساعة، أستعمل فيه تقنية الرسوم المتحركة، البعدين والثلاثة أبعاد (2D & 3D)، الحقيقة كان من الصعب بالنسبة لي الخلط بين هذين النظامين ولكن أحسست أن الجو العام للفيلم قد يكون أفضل. الفيلم يتكلم عن الوصايا العشر، التي تعرفها البشرية كلها، ولكن الوصية الحادية التي يحض عليها الفيلم هي الحفاظ على البيئة، في السابق كان الإنسان صديق للبيئة، لكن في العصر الحديث بدأت تظهر المشكلات البيئة، أي منذ الثورة الصناعية واستغلال الموارد الأرضية بشكل غير مدروس، لذا عملت عملية ربط بين الإنسان والبيئة في هذا الفيلم.

 

من أعمال الفنان "موفق قات"

*لماذا اخترت هذا التكنيك في هذا الفيلم، أي العمل ما بين الـ2D، والـ3D؟

** في الحقيقة لدي في الفيلم مشاهد للبحر كثيرة، ولأنني اعتمدت أصلاً على قصة طوفان النبي "نوح"، ورسم البحر في الـ2Dلا يعبر كتقنية الـ3D، لهذا السبب الأساسي اعتمدت التقنيتين،  إضافة أن هناك ما اسمه حركة الكاميرا في الـ3Dوالتي تعطي دائماً تعبيراً أكثر.

* بدأت في هذا المجال بأول فيلم قصير كرتون لك اسمه "حكاية مسمارية"، وفي فترته ملأ الدنيا وشغل الناس، ناقشت فيه قضية سياسية بإمتياز، والفيلم حاز على عدة جوائز، ما ظروف نشأة هذا الفيلم؟

**في الحقيقة سبق وعملت بالسياسة في زمن المراهقة، وانتهى العمل السياسي بالنسبة لي في تلك الفترة، أنا أعتبر العمل السياسي له علاقة بالمراهقة أكثر مما له علاقة بالنضج، بعد أن يصبح الإنسان حكيماً يسمو فوق الصراعات، وتصبح لديه نظرة بأن لا ينحاز مع أحد وضد أحد، بل ينحاز لقيم الخير والإنسانية، وبالتالي أصبحت تدور في داخلي فكرة فيلم "حكاية مسمارية"، الذي طرحت من خلاله مفهوماً إنسانياً وليس مفهوماً سياسياً، لأني وضعت فيه صراعاً يدور بين الدول أو بين الأشخاص، ودائماً يدفع الضريبة أناس آخرين، برأيي احتلال أميركا للعراق دفع الشعب الأميركي ضريبته كما الشعب العراقي، ما قصدت قوله أن السياسيين عندما يختلفون، الشعوب وحدها من تدفع الضريبة، وهذا يشبه الحالة الإجتماعية، عندما يطلق الأب امرأته، فالأولاد يتأثرون سلباً أكثر من الأم والأب. والفيلم كما تعلم حصل على جائزة لجنة التحكيم، جائزة النقاد العرب، وجائزة تقديرية في "بومبي"، وعُرض في تلفزيونات عربية وفي مهرجانات عدة، وعلى هوامش بعض المهرجانات لأنه قديم ولكنه بقي محافظاً على قوة حضوره.

*ماذا عن الأعمال الأخرى التي تلت "حكاية مسمارية"؟

**عملت "ألف صورة وصورة" بمناسبة الذكرى المئوية لاختراع السينما، وحصل أيضاً على جائزة لجنة التحكيم، والجائزة الذهبية في "تونس"، والجائزة البرونزية في "قرطاج"، والجائزة الذهبية في مهرجان "القاهرة" الدولي للأفلام، بعدها عملت "مذكرات رجل بدائي" من جزئين، وغالباً في المهرجانات التي أشارك فيها أحصل على عدد  من جوائز

*ما الذي أتى بك أساساً إلى عالم أفلام الرسوم المتحركة؟

**عندما كنت طفلاً كانت صالة "الكندي" في "دمشق" تعرض أفلام "كرتون" روسية، يومي الجمعة والأحد صباحاً، أذكر أني رأيت فيلماً اسمه "المهر الأحدب"، وشعرت بنفسي جالساً في الفردوس من شدة الحالة السحرية الموجودة فيه، حلقت في الفيلم وقلت أنني أريد البقاء في هذا المكان ولا أريد الخروج من هذا العالم السحري، وشاءت الظروف أن أذهب وأدرس في روسيا عند نفس المخرج الذي عمل هذا الفيلم، فكم كنت محظوظاً في هذه الدنيا، درست عند "إيفان بتروفيش إيفانوف فانو" مخرج "المهر الأحدب"، رغم أني تقدمت إلى معهد السينما أكثر من 6 مرات ورفضوني، وبالصدفة كان المخرج موجوداً ورآى عملي فقال أنه سيأخذني، لأنهم في روسيا لم يكونوا يأخذون أجانب إلى هذا الاختصاص (الرسوم المتحركة)، لذلك أنا أعتبر أول أجنبي أدرس في معهد السينما باختصاص أفلام الكرتون في سنة 1976، وأخذوني بشكل شرطي (أي بعد أن يجربوني)، لأنه في روسيا ينتهون من التحضيري خلال 6 سنوات، ومن الصف السادس يتخصصون في مدرسة فنية، بينما أنا ذهبت بعد حصولي على البكالوريا، فلم أكن مهيأ لهذا، علماً أني كنت أعمل معارض في المدارس وأشارك في معارض عديدة ولكن بشكل عام مستواي ليس كمستوى الروس، درست هناك وتخرجت عام 1982، درست مخرج أفلام رسوم متحركة مدة 7 سنوات، وأنا أول اختصاصي أكاديمي في سورية بهذا الاختصاص.

 

من فيلم "الوصية الحادية عشرة"

*بعد أن رجعت إلى سورية، هل ساعدك المناخ العام للعمل بهذا الإختصاص الجديد؟

**لا، فقد عملت في البداية قليلاً بالكرتون، وأحسست بعدها بعدم وجود الإمكانية أبداً في سورية، فاتجهت نحو الديكور السينمائي وعملت كمهندس ديكور 25 فيلماً روائياً سينمائياً، نصفها للمؤسسة العامة للسينما وبينها شيء مشترك سوفييتي روسي سوري أجنبي.

*إلى أي مدى أغنتك التجربة في روسيا؟.

**يمكنك القول أن ثقافتي متكونة من مزيج إسلامي عربي شركسي روسي، لأن أصولي شركسية وتربيت في عائلة شركسية، وأحمل ثقافة عربية وإسلامية بحكم المكان والبيئة التي تربيت وعشت فيها، وفي ذات الوقت أحمل الثقافة الروسية، لأن تفتح مواهبي وثقافتي كان في روسيا، بالتالي أفرح وأشعر بالتميز كوني أتمتع بمختلف هذه الثقافات، وكما تعلم تنوع الثقافات يعتبر غنى وليس فقراً.

*بتجربة الأفلام التي عملتها، ما الفرق بينها وبين تجربة الكاريكارتون التي وقعها الفنان"علي فرزات"؟

**كان هناك تعاون بيني وبين "علي فرزات" بأن يطرح الأفكار والشخصيات وأنا أخرج الفيلم، وعملنا وقتها عدة أفلام  لقناة "الجزيرة"، ولكن المشروع توقف عند تغير إدارة "الجزيرة" في حينه، ولكني عملت نفس الأفكار لمجموعة من الأفلام القصيرة لشركة "TPI" الأمريكية، عملت عقداً معهم لمدة سنتين وعملت لهم عدة أفلام، وصممت شخصيات لمسلسل أميركي اسمه "جحا وحماره" هذا الكلام كان منذ حوالي 6 سنوات، كتب السيناريو كتاب لبنانيين، صممت حوالي 25 شخصية لصالح الشركة الأميركية.