وجوه "تخت شرقي" متعددة الوجوه

 حين قرر عازف العود "كنان أدناوي" تأسيس فرقة "وجوه" كان يطمح لتقديم موسيقا متنوعة تعبّر عن تفاعل جيل شاب متأثر ومؤثر في موسيقا المنطقة.

تلك كانت المعالم الأولى لفرقة "وجوه" التخت الشرقي الذي تأسس عام /2005/ من موسيقيين شباب كانوا طلاباً في المعهد العالي للموسيقا "بدمشق". يقول "أدناوي" مؤسس الفرقة: «الصُحبة فـــي تقديم الموسيقى آنذاك، عبر جلسات صداقة في قســــم الآلات الشرقية، تطورت اليوم لتصبح هوية فرقة للموسيقا الآلية دون غناء».

ويضيف: «الطرب من خلال التقنية واللعب على مخزونِ المقامِ، هو نوعٌ من الكتابةِ الجديدةِ له وللجملة الموسيقية، وهذا ما نسعى إليه، والارتجال أو التفريد أحد أهم جوانب موسيقا الشرق في شكله غير المطروق هو هاجس الفرقة، تضاف إليه تأديةُ العازفين لمقطوعاتهم الموسيقية المؤلفة الخاصة».

 

العازف "كنان أدناوي"

 

وللخوض أكثر في خصوصية هذا التخت الشرقي يتحدث عازف القانون "فراس شهرستان" منسق الفرقة: «اسم الفرقة يدل على وجوه الموسيقا الشرقية، فنحن نحاول تقديم تلوينات موسيقية من المنطقة، لأن لكل منطقة تراث وجغرافية موسيقية مختلفة عن سواها، وكون الفرقة تجمع عدة عازفين من مناطق مختلفة كالساحل، والشمال، والجنوب، والمنطقة الوسطى نحاول جمع هذا التراث المتنوع وتقديمه».

ويضيف "شهرستان":  «أمر صعب أن تعزف موسيقا بإيقاعات مختلفة مثلا الإيقاع 7/8  ليس مستخدما بدمشق، وإيقاع "الجورجينا" أيضا غير مستخدم، إضافة إلى ألحان شعبية ساحلية غير مستخدمة في أيامنا هذه، وقد حاولنا تقديم هذاالتنوع في فرقتنا».

وردا على سؤال حول طبيعة الفرقة التي لا تقدم نجماً واحداً أجاب: «كل عازف معنا  متمكن من آلته، ويقوم بدوره بشكل ممتاز، لذا لا نحتاج للاعتماد على عازف نجم فنحن نوزع موسيقانا على شكل  "اليونسون" أي اللحن الذي تعزفه الفرقة بأكملها بشكل دقيق جداً، وبتفاصيل نتفق عليها حتى يخرج اللحن بالشكل الصحيح».

تعزف الفرقة بعض المقطوعات التي يؤلفها "أدناوي" منها معزوفات "اللونغا" المعروفة بسرعتها وتكنيك العازفين العالي فيها، ويتحدث عنها "أدناوي": «قالب "اللونغا" هو أحد القوالب الموسيقية الشرقية التقليدية، وهو ليس غنائيا بل آلي، ونحن نحاول  أن نقدم في  أغلب الحفلات قطعا موسيقية من تأليفنا حتى نصل لبرنامج كامل لنا».

في محاولة منها لتحقيق التوازن بين الغناء والموسيقا تلوّن "وجوه" أمسياتها بصوت المغنية "ليندا بيطار" التي قالت: «الغناء ليس أساسيا في الفرقة لأن "وجوه" تعنى بالدرجة الأولى بتقديم المعزوفات الموسيقية، لكن أحيانا نقدم الموشح كقالب شرقي بحت، وهو نوع من التلوينات التي يقدمها هذا التخت الشرقي».

 

المغنية "ليندا البيطار"

 

إضافة للمغنية "ليندا" تستضيف الفرقة في حفلاتها بعض الضيوف العازفين لتحقيق الإضافة من خلال خصوصية كل آلة.  "ابراهيم كدر" عازف الناي هو أحد هؤلاء الضيوف وقال: «نحاول في بعض الحفلات تقديم خصائص المقام الشرقي الأصلي غير المشوه كما نراه في بعض الأغاني الدارجة في طريقة عزفه وغنائه».
وأضاف عن تجربة التخت الشرقي في فرقة "وجوه" فقال: «التخت الشرقي يعتمد على إمكانية العازف والمغني بإظهار اللحن المعروف بطريقتهم الخاصة دون المساس بالجوهر الأساسي للحن، وهو مؤلف من الآلات الشرقية الأساسية، أما عن وجود آلة "التشيللو" وهي آلة غربية بين آلات التخت الشرقي فهي ضرورية جدا بحيث يُغلف طبقات الصوت، وأعني هنا طنين أوتاره بحيث يصدر صوت "الباص" العريض، وهذا يعطي أرضيّة متماسكة وأساسا يكمل الجُمل اللحنية».

تتنقل  "وجـوه" بين المدن السورية وتحاول تقديم تراث كل مدينة أمام جمهورها مثلاً (قدود حلبية، موشحات، ، أغاني من فلكلور الجزيرة السورية، أغاني الملحن السوري محمد عبدالكريم، قطع للموسيقي السوري حسين سبسبي، وصولاً إلى فيروز، ومحمد عبد الوهاب). وتحظى الموشحات بتركيز استثنائـــي لاحتوائها على فكر موسيقي، يضاف إليهـــا التراث عموماً، ثُمَّ الموسيقا اللحنية العراقية (جميل، ومنير بشير) والتركية (تشينوشن، جميل بيك الطنبوري، جوكسيل باكتاجير، يوردال توكجان)، والأرمينية، والسريانية والعربية المعـاصرة (الرحابنة، مرسيل خليفة، شربل روحانا) إضافة لمؤلفات الفنان "أدناوي" كلونغا نهاوند، بحر".

 

 

 

يذكر أن فرقة وجوه تأسست عام/2005/ بوجود أربعة عازفين هم عازف الإيقاع "وائل القاق"، والعوّاد "كنان أدناوي"، "وفراس شهرستان" على "القانون"، وعلى "التشيللو" "محمد نامق".  وانضم للفرقة فيما بعد عازف الناي "ابراهيم كدر"، والإيقاع "مهند جرماني"،

 و"فراس حسن"، أما"أيمن جنيان" فهو عازف "كونتر باص".  وشاركت الفرقة منذ تأسيسها في العديد من الحفلاتوالمهرجانات في "دمشق" بدار الأسد للثقافة والفنون، وضمن احتفالية دمشق عاصمة الثقافةالعربية لعام /2008/. كما أحيت العديد من الحفلات في  المدن والمناطق السورية، وأمسيات موسيقيةفي البلاد العربية المجاورة. وقد استقبلت "وجوه" عدداً من الضيوف الموسيقيين من غير الأعضاء مثل عازفة البيانو السورية "لين جناد"، وعازف الناي "مسلم رحّال". وأحيت حفلا بأحد المهرجانات بألمانيا، وآخر بدعوة من السفارة السورية بأوكرانيا.