حقي العظم

حقي العظم

"حقي العظم".. بناء الدولة عبر الكفاءة فقط

سمر وعر

 

أديب ومؤرخ ودبلوماسي سوري، أول رئيس للوزراء في الجمهورية السورية، أحب العلم والمتعلمين وكان يختارهم لبناء سورية الحديثة.

إنه "حقي العظم" الذي قال عنه الموثق "حسان المؤيد العظم": «كان ذا خلق حسن، صديق حميم وأخ كريم وأب شفوق على الصغار، أحب مساعدة الآخرين وتقديم يد العون لهم، كان متعلماً أحب الأدب والشعر، رعى العلماء والمثقفين والأدباء ومد لهم يد المساعدة».

"مدونة وطن eSyria" التقت المحامي "معتصم المؤيد العظم" (ابن حقي العظم) بتاريخ 15/9/2013

وتحدث عنه بالقول: «ولد حقي العظم في دمشق عام 1864، ونال علومه في مدرسة "الآباء العازريين" حيث أجاد العربية والتركية والفرنسية، كانت بداية حياته السياسية في الدفتر الخاقاني أي "المصالح العقارية" في دمشق ومن ثم في اسطنبول ومن ثم أسندت إليه مهمة الجمارك، قبل أن ينقل إلى مصر حيث عين وزيراً للمعارف فيها.

في عام 1909 عيّن مفتشاً عاماً لوزارة الأوقاف العثمانية بعد خلع "عبد الحميد الثاني" لكونه من أعضاء جمعية "الاتحاد والترقي" التي قامت بالانقلاب غير أن ممارسات الجمعية اللاحقة ولاسيّما انتهاج سياسة التتريك مع العرب دفعته للاستقالة منها، فعاد إلى مصر عام 1911 وأسس حزب "الإصلاح" وجمعية "اللا مركزية" في مصر، وخلال الحرب العالمية الأولى حكمت المحكمة العسكرية التي استحدثها "جمال باشا السفاح" عليه بالإعدام بعد مطالباته العلنية باللا مركزية الإدارية في بلاد الشام، ولوجوده في مصر لم تتمكن من تنفيذ حكمها».

ويتابع: «ولما وضعت الحرب أوزارها عاد إلى سورية بعد أن أصبحت تحت سلطة الانتداب الفرنسي، حيث في الأول من أيلول 1920 قام "غورو" بتقسيم سورية معلناً ميلاد دولة دمشق، وفي تشرين الثانيصورة لعائلة العظم ومعهم حقي العظم.

عهد لـ "حقي العظم" برئاسة الدولة والوزراء، وقد تميز حكمه بالهدوء وعمد إلى تقليص النفقات العامة، وأقرت حكومته سلسلة تنظيمات بارزة واستحدثت رئاسة العلماء لتكون بمثابة دار إفتاء للدولة وإلى جانبها هيئة مستقلة لمراقبة أموال وزارة الأوقاف، وقد استمر حاكماً لإقليم دمشق حتى كانون الثاني 1925 حيث أعلن عن حلّ الاتحاد السوري وقيام وحدة شاملة بين دولتي دمشق وحلب باسم "الدولة السورية" وشكل رئيسها "صبحي بركات" الحكومة وخرج بذلك "العظم" من السلطة.

وفي عام 1928 جرت أول انتخابات في سورية أفضت إلى ميلاد جمعية تأسيسية لوضع دستور للبلاد غير أن الفرنسيين لم يصدروه حتى أيار 1931، ثم أجرت في أعقابه أول انتخابات نيابية في كانون الأول 1931 وأعلنت نتائجها رسمياً في 9 نيسان 1932، وكان "حقي العظم" من بين نواب دمشق الفائزين الذي ترأس "كتلة الجنوب النيابية" وتمثل دمشق وما حولها مقابل "الكتلة الوطنية" برئاسة "هاشم الأتاسي"، وشكل"العظم" الحكومة في 14 حزيران مناصفة بين الوطنيين والمعتدلين، وأسند بها إلى شخصه وزارة الداخلية إلى جانب رئاسة الوزراء، ونتيجة المظاهرات التي حدثت أوعز لحكومة "العظم" بالاستقالة فاستقالت في3حزيران 1933».

ويضيف "معتصم" أن الرئيس "محمد علي العابد" كلف "حقي" بتشكيل الوزارة مجدداً فجاءت وزارة "العظم" الثانية بكاملها من المعتدلين وبعض المستقلين من مجلس النواب، وكانت هذه الحكومة ناجحة إدارياً محققة الوفر الاقتصادي للدولة ومبتعدة عن الفساد، ومكثت حكومته في السلطة سبعة أشهر غير أنها كانت ضعيفة غير مدعومة من قبل الشعب، وفي نيسان وأيار 1934 عادت المظاهرات ضد الانتداب فاستقالت تلك الحكومة بناءً على إيعاز من المفوض الفرنسي في 17 أيار 1934، ثم عيّن "حقي العظم" بعد استقالته رئيساً لمجلس الشورى حتى تقاعده عام 1938، وانتقل بعدها إلى القاهرة وأدار منها أملاك آل العظم في مصر حتى وفاته.

وعن الجانب الآخر في حياة "حقي العظم" يقول "معتصم": «لم تقتصر حياته على النشاط السياسي بل كان له اهتمام باللغات والكتابة والتأليف فترك عدداً من المؤلفات التاريخيّة باللغة التركية بعضها مطبوع بالعربية ومنها "دفاع بلافنا" و"حروب الدولة العثمانية مع اليونان»، أما عن أهم صفاته الشخصية فيشير إلى أنه اتصف بالنزاهة والصدق وامتاز بأخلاقه وإخلاصه ومحبته لأصدقائه.

 

يشار إلى أن "حقي عبد القادر العظم" توفي عام 1955 عن عمر يناهز 90 عاماً ودفن في دمشق.