لم تكن المرة الأولى التي يعرض فيها عمر حمدي الفنان السوري في دمشق التي غادرها في السبعينات ليستقر في فيينا عاصمة النمسا، وإن كان قد بنى شهرته على المستوى الدولي من خلال مشاركاته العديدة في دول عديدة من عربية وأوربية وأميركية، وبنى لنفسه شهرة واسعة باسم مالفا.
ولعل الحضور المتميز للنخبة الثقافية والفنية والإعلامية لهذا الافتتاح، يشير إلى الحظوة التي يتمتع بها هذا الفنان ليس على مستوى المتابعين المهتمين العاديين بالفن التشكيلي فحسب، وإنما على مستوى تلك النخبة.
أطفأ حضور المكان المتمثل بالمبنى العريق الذي ضم هذا المعرض(Art House) مسحة جمالية إضافية على سحر اللوحات التي توقف الحضور ملياً أمامها، والتي تمثلت فيها مدرستين على الأقل هي: الكلاسيكية وكان فيها تركيز واضح على الطبيعة، والتجريدية التي أظهرت عبقرية الفنان في مزج الألوان وتحميل اللوحة بتفصيلات كبيرة مفعمة بالمعاني والرؤى.
" إنه عمر القديم الجديد هو عمر الأصلي، أعماله ليس فيها عبثية أو لا مبالاة الموجودة عند بعض الفنانين الذين يغتربون عن أوطانهم سواء أكانوا محلين أو من دول عربية.
قوي يمثل الفنان الشرقي الذي يحارب بسلاح عظيم، بالتالي نرى عمر ليس مجرد لأنه يرسم فقط، إنه مسؤول عن كل ما يفعله، وعندما يسألونه عن الرسم ينصحهم أن يرسموا المكان ما هو محلي وأن يفكروا كثيرا، لا يوجههم كيفما كان، وأراه دائما إنساناً قريبا من أصدقائه يذهب ويعود متذكرا الجميع.
هذا ما قاله عنه الدكتور عبد الحكيم الحسيني أستاذ كلية الهندسة المعمارية بجامعة تشرين باللاذقية، ويضيف: عمر فنان سوري عالمي وهو فخر لسورية في الخارج ، وهو نافذة على الفن الأوربي الحديث كونه ينقل عبر أعماله الفنية تجربة حداثوية جديدة دائمة التطور في جذورها.
ويقول الدكتور الحسيني: يضع في بعض لوحاته صورة معروفة مثل صورة والده الذي رفض أن يرسمه عمر، ويقول عن ذلك الفضل يعود له لأنه رفض رفضه ويقول نقلا عنه أنه كان يخاف أن يرسم أمامه فاعتبر أن الرسم مغامرة، كان عمر دائما مستفيداً من ذكرياته عبر وجه والده المرسوم في لوحة عملاقة مختلطا هذا الوجه مع تشكيل بألوان صفراء صحراوية ساخنة ومتحركة تلفح بحرارة قريته النائية .
عمر الذي يعيش برد فيينا وأوربا يحمل أينما ذهب شمسه داخله من خلال اللون الدافئ ومن خلال تلك اللوحات الحمراء والصفراء إنه ينظر ويدقق في تفصيلات لا نراها نحن.
السيد هشام إسماعيل وهو مدير متحف الفن الحديث في المدينة الرياضية في اللاذقية قال: إنه فنان عظيم بكل معنى الكلمة، وأنا من أشد المعجبين به وحبي له يعود إلى أيام الدراسة عندما كنت طالباً في كلية الفنون الجميلة وكان كتاب مونيه لا يفارق يدي وعندما تعرفت على لوحات عمر أصبح كتابه هو صديقي الوحيد، وهو منم اعز أصدقائي وقدمت اليوم خصيصا لأحضر افتتاح معرضه.
عن لوحاته يقول: لوحاته الانطباعية جميلة جداً، ولوحاته التجريدية المعمقة معبرة دائما موجودة بأماكن متنوعة، أتمنى من المشاهدين أن يتأملوا لوحاته وأن يتكلموا معها بلغة الصمت حتى يصلوا إلى ما تعنيه اللوحة.
وتقول السيدة ديانا جبور مديرة التلفزيون وسبق وأجرت مع الفنان عمر حمدي عدة مقابلات تلفزيونية: إن أعماله نوعية كيفية ممزوجة بفلسفة خاصة مليئة بالتناغمات والحركات والأضواء والظلال والألوان وكل مقومات اللوحة التشكيلية فيمزج ما بين الاختزان الخارجي والداخلي بين المعقول واللامعقول بين الفكر والعاطفة. وفرشاته سريعة جريئة واثقة من لمساتها دون تكرار معمولة بمهارة فائقة وبراعة نادرة فهي مجموعة من الحالات الموسيقية الشجية العذبة بلون ساحر وضوء دافئ.
ونذكر أن المعرض ضم حوالي ثلاثين لوحة وسيتمر حتى العاشر من شهر أيار.