"غير مهم" هو عنوان المعرض "التشكيلي- الحركي" الذي أقامه كلّ من الفنانين "خيّام زيدان" و"جلال الماغوط" في الصالة المركز الثقافي الألماني "غوته".
قدّم كلّ من الفنانين المشاركين في المعرض أسلوباً ونمطاً فنياً مختلفاً عما قدمه الآخر، ففي حين قدّم "زيدان" أعماله على شكل لوحات تشكيلية بصبغة تعبيرية اقتربت إلى حدّ كبير من التجريد، فضّل "الماغوط" طرح رؤيته الفنية على شكل فلم ثنائي الأبعاد 2D أطلق عليه اسم "كائنات من عدم" فكّك فيه الشخصيات والأمكنة إلى عناصر تكعيبية.
أعجبتني لوحات "خيّام" كألوان منسجمة تخلق متعة ناجمة عن الرجوع إلى الإحساس الداخلي، كذلك في انسجام الكتلة مع الفراغ المكون
لماذا "غير مهم"؟
مدونة وطن eSyria زار المعرض والتقى الفنّان "خيّام زيدان"، وسأله عن سبب تسمية المعرض "غير مهم"، يقول: «"غير مهم" هو لقاء فكري جمعني مع الفنان "جلال الماغوط"، نحن نقدم نمطين مختلفين من الأعمال، ونختلف في كثير من الأمور إلا أننا نتفق فكرياً من حيث المبدأ، "غير مهم" لأننا لا نعمل على موضوع».
أما الفنّان "جلال الماغوط" فقال: «هو طرح لفكرة فنية قد لا تكون جديدة، "غير مهم" ليس لأن العمل الفني غير مهم، بل لأن الفن ليس من مهامه تقديم رسالة توجيهية أو معرفية عن موضوع معيش، إذ للفنّ التشكيلي مقومات وجوده الخاصة، والتي تتعلق بالإدراك البصري بغض النظر عن الموضوع الذي يطوره التشكيل، ومهما كان نوع الموضوع».
وأضاف "الماغوط": «عملية تحويل مواضيع العالم الخارجي إلى لوحة فنية هي عملية يمرّ بها الفنان بحالة اللاوعي، الموضوع غير مهم، إلا أنّ المهمّ هو النتيجة الإدراكية البصرية».
وقال "خيّام زيدان": «قد لا أتناول في أعمالي قضايا كبيرة بل أركز على الروتين والعادي والمألوف والمتكرر، بحيث أعيد تدوير الأفكار مع المشاهد وليس فقط الأشياء، من خلال التعامل مع تكوينات ولغة بصرية بطريقة فنية، فأتعامل مع العمل نفسه بطريقة إعادة التدوير دون التحايل على المتلقي».
وعن انتمائه لمدرسة فنية دون أخرى قال "زيدان": «أنا ضد أن يقال عن العمل إنه انطباعي أو تعبيري لأن هذا المصطلح يحمل فترة زمنية معينة لا يمكن أن تتكرر، قد أخذ شيئاً عن الانطباعيين لكن هذا الشيء لا يمكن أن يتكرر ذاته في عام 2010».
أما الفنّان "جلال الماغوط" فحدثنا عن فيلمه: «رسمت كائنات وحاولت أن أجعلها تمثل حالات عامة، تمرّ شخصيات الفيلم بسياق ضمن سيناريو إلى حد معين، ضمن أمكنه لها علاقة بالخراب، هذه العلاقة التي استوحيتها من أحياء المخالفات وتشوهها البصري، بالإضافة إلى شيء متخيل، يرتبط بكوابيس طفولية».
وعن المدّة الزمنية التي استغرقها العمل قال "الماغوط": «وقت التنفيذ كان سنة كاملة، أي فيلم يكون عادة عملا جماعيا صناعيا، لكن الموضوع كان مختلفاً لكوني عملت بشكل فردي، واتبعت آلية تفكير قريبة من عمل اللوحة، حيث لم ألزم نفسي بشيء من ناحية السيناريو ولا من حيث حركة الكاميرا ونسبة النقاط لبعضها التي تكون مدروسة في الحالة الصناعية، بل هذه الشظايا المتحركة كان يتولد بعضها من بعض، كذلك هي المسألة في علاقة المقاطع مع بعضها، في النهاية جاء حوالي 85% من الفيلم دون تخطيط مسبق».
وأضاف "الماغوط": «المهم حقاً هو أن يتعود المتلقي على حالة إيجابية جديدة، في أن يبتعد عن الجلوس أمام العمل الفني وكأنه أمام برنامج تعليمي ويقوم بتلخيصه، يجب أن يكون المتلقي شريكا بإضفاء المعنى على العمل الفني».
والتقينا بعض زوار المعرض يقول "أياد ديوب" خريج فنون جميلة: «قد تكون الفكرة التي قدمها "خيّام" غير جديدة بقدر ما هي حالة نضج، فالتكوين حسب ما هو شائع في أن تكون الكتلة وثقل اللون أسفل اللوحة، إلا أنّه عمل على كسر هذه القاعدة، يوجد صخب وفراغ وضياع في لوحاته، والقيم اللونية عنده تعكس صراحته».
كذلك التقينا "خنساء حميدان" والتي حدثتنا عن المعرض، تقول: «أعجبتني لوحات "خيّام" كألوان منسجمة تخلق متعة ناجمة عن الرجوع إلى الإحساس الداخلي، كذلك في انسجام الكتلة مع الفراغ المكون». وأضافت "حميدان": «جميع لوحات المعرض جاءت في نفس السياق، أحببت أن أرى أعمالا متنوعة لأطلع أكثر على تجربة "خيّام"، ولكن تفرض طبيعة المعرض أحياناً الاشتراك بلوحات منسجمة مع بعضها بعضاً».
لمحة تعريفية:
"خيّام زيدان" من مواليد 1983 أنهى دراسته في كلية الفنون الجميلة، قسم التصوير عام 2007، معيد في كلية الفنون الجميلة في السويداء.
"جلال الماغوط" من مواليد 1987 انهى دراسته في كلية الفنون الجميلة، قسم الاتصالات البصرية عام 2009.