في بيت عربي قرب ساحة "ساروجا" التقى مجموعة من المهتمين بأمور التراث ليقدموا عرضاً مفصّلاً عن كيفية الاعتناء بالمدينة القديمة وتطويرها ونشر روح الثقافة التراثية بين ساكنيها وزوارها.
موقع "eSyria" بتاريخ 1/10/2010 حضر الأمسية التي أقيمت في منزلٍ بحارة "جوزة الحدبة" قرب "ساحة ساروجا"، والتي تم الحوار فيها مع الكاتبة السورية د."ناديا خوست" وعدد من المدعوين، إضافة إلى عرض فيلمين قصيرين عن الأحياء التاريخية باسم "غصّة" و"حنين" ناطق بالعربية ومترجم إلى الإنكليزية، ومشروع تصميمي لبعض الأفكار التي يجب أن تطور في منطقة "الساروجا".
إن فكرة المشغل أو الورشة هي جلب الفنانين والمثقفين إلى هذا الحي وتطوير الوعي الذهني لدى الزوار للاعتناء بمثل هذه المناطق، فاختيار المكان كان مرتبطاً باهمية إلقاء الضوء على حي "ساروجا" التراثي والأثري
خلال اللقاء أشارت الدكتور "ناديا" إلى أهمية الحفاظ على التراث، ومدى عراقة حي "ساروجا"، قائلة: «إن التراث الذي تحتفظ به "دمشق" من أهم وأعرق الحضارات التي مرّت على المنطقة، فلهذه المدينة علاقة مباشرة مع تاريخ المنطقة ورونقها الثقافي والحضاري، وهنا علينا نحن أبناء "دمشق" وزوارها أن ننتبه إلى كل التفاصيل التي تخص المدينة التراثية، كما أن "ساروجا" تعد من المناطق الحية التي ورّثت "الشام" الكثير من الحب والياسمين، فالحي بمجمله وسط الابنية المحاطة به يعد جزيرة مشاةٍ وسط "دمشق"، ولعلّ هذه الندوات والمبادرات هي من الخطوات المهمة التي يجب أن تفعّل بشكل أفضل للاعتناء بتراثنا المادي والمعماري».
الدكتورة "رولا أبو خاطر" باحثة في المعهد الفرنسي للشرق الأدنى ومنسقة الفعالية تقول: «إن الإرث التاريخي في "دمشق" ليس حصراً على مدينتها القديمة، إذ إن الأحياء التاريخية خارج السور تعتبر امتداداً عضوياً ومستمراً لأحياء "دمشق" ضمن السور، لقد تطورت هذه الأحياء منذ الفترة الأيوبية في القرن الثاني عشر وتضم بين حناياها الصروح الرائعة والبيوت التقليدية التي تتناغم مع نسيجها العمراني العضوي، لكن معظم هذه المناطق تواجه اليوم خطر هدمها كلياً أو جزئياً، كما أن الحالة الفيزيائية والثقافية المتدهورة لجزء كبير من هذه الأحياء تساهم بفقد اهتمام القاطنين المحليين بالمحافظة على تراثهم».
أما عن الأهداف الرئيسية للمشروع فتقول: «يهدف مشروع "التشاركية الثقافية من أجل إحياء التراث" بشكل أساسي لتحسين الحالة الفيزيائية والثقافية في المناطق التاريخية خارج السور في "دمشق" وذلك من خلال زيادة التوعية بأهمية التراث المادي المعماري والعمراني وكذلك التراث اللا مادي لهذه المناطق، تسهيل مشاركة المجتمع المحلي بالنشاطات الثقافية الموجهة نحو تعرّفهم على تراثهم المحلي، تشجيع البحث والنقاش حول دور ومساهمة النشاطات الثقافية في المدينة وخاصة في الأحياء التاريخية في التطور الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع».
تتابع: «يتوجه المشروع من خلال نشاطاته إلى المجتمع المحلي في هذه الأحياء والقاطنين في المدينة بشكل عام، وإلى المختصين في القطاعات الفنية والإبداعية الثقافية اتلمختلفة والمهتمين برفع المستوى الثقافي في المدينة، بالإضافة للباحثين وأصحاب القرار، وكل من يهتم بدور الثقافة والتراث في التنمية وفي تعزيز الهوية المحلية، أما النتائج المتوقعة فهي عبارة عن نشاطات ثقافية تشاركية عامة مثل معارض صور وجولات وعرض أفلام وإنتاج فيلمين وثائقيين قصيرين بهدف رفع مستوى التوعية حول أهمية التراث المعماري والعمراني للأحياء التاريخية خارج السور من خلال نشر معلومات عن التراث الثقافي المادي وغير المادي على نطاق المجتمع المحلي، تطوير أدوات ومواد تعليمية تفاعلية موجهة للأطفال بعمر 10-14 سنة، تهدف للتعرف على التراث المعماري والعمراني أو التراث الثقافي غير المادي من خلال طرح مسابقة موجهة للمختصين في هذا المجال وتنفيذ أفضلها في بعض المدارس في "دمشق"، تطوير أعمال فنية مختلفة خارجية في الفراغات العامة من خلال إطلاق مسابقة حول تصميم عروض وتصاميم فنية يتم تقديمها زتنفيذها في بعض الساحات العامة في المناطق التاريخية في "دمشق" والقيام بمشاريع صغيرة بهدف تحسين المظهر الفيزيائي لبعض الفراغات العامة في الأحياء التاريخية، ونشاطات بحثية لتقصي واقع الفعاليات الثقافية ودورها في إعادة إحياء التراث في مدينة "دمشق"، وكذلك دراسات تاريخية حول الحياة الثقافية العامة في "دمشق"».
تضمنت الأمسية التحدث عن أهم الركائز التي تدعم الحفاظ على هذا التراث المعماري، كما تم إتاحة الفرصة لفنان ومعمر من المنطقة "ساروجا" للتحدث عن ذكرياتهم ومحاولاتهم لتطوير هذا الحي المرتبط ارتباطاً وثيقاً بلحظات مهمة من حياتنا، فتحدث الفنان السوري "مهند ديب" عن ورشة التشكيل في الإسمنت، ذلك المكان الواقع قرب "ساحة ساروجا"، حيث يتردد إليه الفنانون التشكيليون للعمل على كتل إسمنتية فنية، عن ذلك يقول "مهند": «إن فكرة المشغل أو الورشة هي جلب الفنانين والمثقفين إلى هذا الحي وتطوير الوعي الذهني لدى الزوار للاعتناء بمثل هذه المناطق، فاختيار المكان كان مرتبطاً باهمية إلقاء الضوء على حي "ساروجا" التراثي والأثري».
وتنهي الدكتور "رولا أبو خاطر" حديثها قائلة: «يهدف المشروع ومن خلال فعالياته المتعددة إلى تسهيل مشاركة سكان الأحياء التقليدية في الفعاليات الثقافية العامة وتنمية القدرة الإبداعية للمدرسين والفنانين لتطوير الفعاليات الثقافية والتعليمية التي تشجع المشاركة الفعالة للمستفيدين الأساسيين، كما يمكّن المشروع الفنانين والمصممين الشباب من تطوير أعمال فنية في الفراغات العامة أكثر ابتكاراً، والقيام بأبحاث متعددة كدراسة نتائج تحوّل حي تقليدي إلى حي ثقافي في المدينة، أضف لتوثيق الفعاليات الثقافية الشعبية في القرنين التاسع عشر والعشرين وجرد الفعاليات الثقافية التي تم تنفيذها في مناطق بديلة في "دمشق" خلال الأعوام الثلاث الماضية، مما يساعد في تنمية السياسة الثقافية بما يخدم القاطنين في كافة المناطق».
من الجدير بالذكر أن مشررع "التشاركية الثقافية من أجل إحياء التراث" ينفّذ بدعم مادي من الاتحاد الأوروبي ومن سفارة "المملكة الهولندية" في سورية تحت إدارة وتنظيم مكتب "دمشق القديمة" في المركز الثقافي الفرنسي للشرق الأدنى بالتعاون مع جمعية "النهضة الفنية"، والمركز الهولندي للدراسات الأكاديمية والمركز الدانمركي في "دمشق" وذلك خلال الفترة بين كانون الثاني وكانون الأول 2010.
كما أنه يقام جولة تعريفية ضمن حارات وأزقة "ساروجا" يوم السبت في 6 تشرين الثاني 2010 الساعة الرابعة مساءً، سيتم فيها توزيع معلومات وخريطة تعريفية بالمنطقة، بحضور الإعلاميين والقاطنين في الحي والسياح وكل مهتم بالتراث والتاريخ المحلي، كما يقود الجولة خبراء ومهندسون من المعهد الفرنسي للشرق الأدنى.