أقيم في صالة "عشتار- دمشق" معرض الفنان التشكيلي د."موفق الخزعل"، وأتى هذا المعرض بعد حصيلة أكثر من عشرة أعوام من البحث والتجريب، أتت اللوحات منتمية إلى عدة أساليب وعدة موضوعات تنوعت بين الإنساني، الطبيعة الصامتة، البورتريه، والطبيعة، وكانت الأعمال في مجملها تميل إلى التعبيرية تقترب أحياناً من الانطباعية، وبعضها يميل إلى الحس الغرافيكي.
موقع eSyria زار المعرض في الافتتاح الذي توافق في 14/12/2010 ورصد حوله الآراء التالية:
أما شخوصه فمتعبة قلقة، ويأتي الخط ليلعب دوراً مهماً في تحديد الأشكال، ليزيد في تأثيره على عين المشاهد، ويؤكد الصراع بين الحار والبارد، والأشكال والفراغ
الفنان التشكيلي "عصام درويش" يقول: «أنا تعرفت على عمل موفق منذ فترة بسيطة، وتفاجأت بالمستوى الجيد لأعماله، أنا أقول دائماً أنه في مدينة "حمص" هناك شيء خاص جداً بالفن، و"موفّق" ينتمي لهذه المجموعة، الذين يحبون الرسم، الرسم بمعنى الخط واللون والظل والنور والشكل، فحتى عندما يجردون يكون تجريدهم لطيف، "موفّق" لديه حس تصويري عال جداً وجميل، ولديه جدية وإخلاص بالعمل، وهذا السبب دعاني لأن أعرض له في صالتي "عشتار"، وأعتقد أن كل معرض بالنسبة للفنان ليس فقط من أجل أن يظهر أعماله للجمهور، بل هو مهم كي يرى هو أعماله من منظور مختلف، ويراقب تجربته أيضاً بعيون الناس وتعليقاتهم، فالمعارض عموماً بالنسبة لنا نحن الرسامين هامة جداً ونعرف أنه عندما نعلق اللوحة في المعرض تكون أفلتت من يدنا، وتصبح تنتمي للآخر، ونصبح نراها بعين الآخر، فهذا أيضاً يحسن أداءنا نوعاً ما، وهذا ما قاد "موفق" لإقامة المعرض».
أما السيد "نديم العيد" صديق الفنان، فقد قال: «المعرض لا يشمل كل أعمال الدكتور "موفّق" وإنما يضم فقط 25 لوحة، ولكنه يشمل أكثر من مرحلة من تجربته وخبرته، نستطيع التكلم عن حالة لونية تطورت في الفترة الأخيرة كثيراً، واختلفت عن العمل القديم، أستطيع تمييز العمل القديم عن الجديد ببساطة، حتى شكل البانوراما تغير عنده، الحالة اللونية أصبحت واضحة وجميلة جداً، وأتصور أنها تعكس نفسيته الجديدة وكيف تغير خلال هذه المدة، فأعماله الجديدة فيها الكثير من جمال اللون، توحي بالحياة والفرح والتألق».
لكن الفنان والناقد التشكيلي الأستاذ "غازي عانا" تحدث عن المعرض فقال: «عندما دخلت للمعرض، استوقفتني أول لوحة، شعرت بأن فيها شيئاً غريباً، غرابتها تأتي أنه في ذات اللوحة هناك أكثر من أسلوب، أحسست بها التجريد في اللون وأحسست بها التشخيص والتعبير الواقعي، هناك أكثر من صياغة وأكثر من أسلوب، أربكتني اللوحة بعض الشيء، ولكن عندما دخلت المعرض ورأيته على مهل، رأيت أنه عمل على ما يبدو على استعادة، عرض أعمالاً منذ عام 2000 حتى 2010، وعرض تقريباً ثلاثة صياغات، وحتى الموضوعات تنوعت، عمل على الطبيعة الصامتة، وعلى الطبيعة الخلوية والمشهد الطبيعي، وعمل على التشخيص بأسلوبين، أسلوب تعبيري وأسلوب فيه بعض التبسيط، "موفّق" قدم ثلاث مراحل وثلاث صياغات، من يقف أمام اللوحة ويتأمل فيها بعض الشيء يرى أن بها الاجتهاد والتعب، وبالنتيجة نرى أنه متمكّن كمصور من المادة التصويرية، متمكّن كملون، وكرسّام أيضاً، كرسام أراه جيداً في "البورتريه" بشكل واضح، أعمال "البورتريه" فيها الكثير من التمكن والأكاديمية، فيها مهارات باللون والرسم، ربما "موفّق" ليس معروفاً بالوسط التشكيلي، ولكنه على ما يبدو من الخريجين في التسعينيات، لا أعرف لماذا كان غائباً، لكن حضوره في المعرض اليوم يعوض عن غيابه بعض الشيء، فهو قدم معرضاً فيه مجموعة من المراحل، وقدم نفسه في هذا المعرض بشكل صحيح، كان هناك أكثر من مرحلة وأكثر من صياغة وأسلوب، بالنتيجة موفّق كان موفّقاً بالمعرض إلى حد ما، استطاع أن يجد مكانا بشكل مقبول ضمن المشهد التشكيلي في الثورة التي تحدث حالياً».
الآنسة "سهام عبد الرزاق" تقول: «أعمال الفنان متفاوتة فتارة نكون أمام "كرنفال" لوني، وفجأة نقف عند أعمال محدودة الألوان وكأنها أعمال "غرافيكية"، لكن الخط الواصل بينها جميعاً أنها مرسومة بيد خبيرة وبحرفة عالية».
في تقد يم "البروشور" كتب الفنان التشكيلي "عبد القادر عزوز": «لدى الحديث عن أعمال "موفق الخزعل" أحاول أن أعرض ما عرفته عنه من عمل دؤوب في الظل دام سنوات عديدة من التجربة والبحث والمعاناة في صمت ودون ضجيج، حيث إن الأعمال تمثل جزءاً من تجربته الفنية من حارات وبيوت قديمة، متينة التكوين والبناء متماسكة في علاقاتها الشكلية واللونية مع بعضها، وقد ساعد التقشف في استعمال الألوان على جعلها مترابطة وحميمية، فقد اعتمد التضاد اللوني (ظل ونور) فيها مما زاد في تآلف حركة الخطوط والمساحات».
وتابع حديثه: «أما شخوصه فمتعبة قلقة، ويأتي الخط ليلعب دوراً مهماً في تحديد الأشكال، ليزيد في تأثيره على عين المشاهد، ويؤكد الصراع بين الحار والبارد، والأشكال والفراغ».
وأضاف: «أما الأعمال الأخرى ففيها إطلاق لطاقة اللون إلى أقصى حد، وتنوع وغنى في الدرجات، دون الوقوع في فخ الزخرفة أو البهرجة السائدة. فهو كالفراشة التي تختار أزهى الألوان وهي ترقص حول الضوء الذي حوَله إلى حديقة غنَاء. لقد تناول في معرضه مواضيع متعددة بأسلوبيته الخاصة، وما يجمع بينها عقلية ناضجة تحاور المشاهد وتحترم الذائقة البصرية، فهو في داخله حديقة غنَاء ثرية بالألوان والأشكال والفرح».
وأخيراً تحدث الفنان "موفق الخزعل" عن معرضه وهذا التنوع الموجود فيه فقال: «هو نوع من طموحي لأن أكون شاملاً قدر الإمكان دون تكلّف، هذا التنوع يأتي عبر الزمن أيضاً، بلحظة ما أعمل بأدوات وحالة أعطي نتائج عنها، وبمرحلة أخرى أعمل بأدوات مختلفة أو أنها نفسها تعطي نتائج مختلفة، التقنية التي أستخدمها غالباً هي الزيتي، مطعّم بالقليل من المائي على القماش، هناك اختلاف بالأساليب يعود في بعض اللوحات، عبارة عن حارة دمشقية حيث كنت أقيم في "دمشق" وعملت تجربة في الـ2000، وكنت أريد تطويرها ولكني توقفت عند حد ولم أستطع إكمالها، أما الموضوع الإنساني فجزء منه قديم يعود لثماني سنين مضت، هناك لوحة الكبيرة عملت عليها على مراحل منذ عام 2007».
والجدير ذكره أن الفنان "موفق الخزعل" هو طبيب أسنان ومقيم في مدينة "حمص"، وقد سبق أن أقام معرضه الأول في أيار 2010 في صالة "الشعب- حمص".