يظهر في لوحاته الشكل الجميل لوجه أنثوي، محافظاً على أسلوبه الفني ومنهجه ذاته، وبطريقة المقل باختيار الألوان دون خلطها، فتجده يعرض ألوانه الصريحة كما يحبها أن تكون "أحمر، أبيض، أسود" وليكون التضاد اللوني في العمل عنصراً أساسياً، مضيفاً إلى ذلك أبياتاً شعرية من ديوان "قاسم حداد" الشاعر البحريبني المعروف لتكون جزءاً من اللوحة ترقص بين ألوانها وسط سيمفونية لونية خاصة.
موقع "eSyria" حضر افتتاح معرض الفنان التشكيلي "أحمد أبو زينة" يوم الخميس 16/12/2010 في صالة "السيد"، حيث عرض لوحاته وسط شغفه بعشق إلهي للون، اللون الذي جسده على اللوحة وسط خطوط تشكيلية داعبت الوجوه المرافقة لها.
كانت أعمال معرضي السابق تجريدية بالكامل، وهو ما يخلق انقطاعاً بيني وبين المتلقي غير المختص تشكيلياً لكونها أعمالاً صعبة، من هنا حاولت إدخال الوجوه الأنثوية إلى أعمالي في المعرض الحالي، لأنها تشكل وسيلة حوار جيدة مع المتلقي، وذلك لأن المرأة تشكل جزءاً كبيراً وأساسياً من حياتنا كبشر، بذلك يخلق المعرض حالة من السعادة لكونه يرى وجهاً قريباً أو يمس واقعه، لذا عملت على إعطاء وجوه جميلة للمرأة في عملي؛ حيث بذلك يسهل فهم أسلوبي للمتلقي عن طريق الدخول إلى الشكل الجمالي للأنثى وبنفس الوقت أبقى محافظاً على الجرأة في طرح اللون والخطوط والألوان التجريدية
هناك وخلال حضورنا المعرض التقينا الفنان التشكيلي "محمد الوهيبي" الذي كان يتجول بنظراته عبر اللوحات، وعن رأيه قال: «تجمعني صداقة جميلة مع "أبو زينة"؛ وتدور بيننا الكثير من الحوارات عادة عن اللون وسطح اللوحة والكثير من الأحاديث تمر وتتجدد من خلال عمله، حيث أجد أن "أحمد" يحاول أن يوجد هنا حواراً بين الحفر والتصوير لذلك نجد مساحات ملونة تناسب التصوير ومساحات تعبر عن الحفر من خلال الأبيض والأسود تدور في اللوحة، وهذه الموافقة والتقنية تنتج عملاً جديداً.
إن الفنان "أبو زينة" عرف عنه البحث والتجريب المستمر لينتج في النهاية طاقة فعالة ضمن مساحة العمل الفني، وهو أيضاً شغوف باللون الأحمر إجمالاً، وباعتقادي أن كل لوحة من أعماله فيها شيء من اللون الأحمر لأنه شيء يمثل ذاكرته أو الخط التعبيري الذي يسير ضمنه، أما الجديد هنا هو استخدامه الأبيض والأسود ودرجات الرمادي والبحث عن المنطق الغرافيكي ضمن الأبيض والأسود».
الفنان التشكيلي "أسعد فرزات" يقول: «بعد غياب طويل للتشكيلي "أحمد أبو زينة" عن ساحة الفن التشكيلي في سورية نجد في معرضه الجديد أعمالاً فيها الكثير من الحداثة والغرابة، وهي أعمال متينة من حيث التكوين واللون؛ حيث استطاع الدمج بين التصوير الزيتي والغرافيك وهي عملية صعبة تحتاج إلى الكثير من الخبرة، أما الوجوه الموجودة في اللوحة فهي عالمية، من الممكن أن تنطبق على كل مناطق العالم، فاستطاع الفنان أن يحور هذه الوجوه ويمنحها بعداً تعبيرياً خاصاً ويضعها ضمن مساحات لونية تعبيرية تجريدية لها أيضاً علاقة بالغرافيك، كما استطاع أن يمنح الشكل الإنساني هذا اختزالاً عميقاً، وهو يقدم بذلك فهماً عميقاً لداخل الإنسان ليترجمه على سطح لوحته».
الناقد الفني د."عبد العزيز علون" يقول عن رأيه: «لا أرى حساً غرافيكياً في العمل لأن الغرافيكية هو تأثر بالخط بالدرجة الأولى والاشتغال على الطبقة لأن الفنان "أحمد أبو زينة" فنان من نوع آخر فهو فنان تعبيري يؤدي أداءً سريع التعبير، أي قد يرسم وجهاً بعيداً ويشكل من هذا الوجه العالم، ولا يرسم عالماً ليشكل منه وجهاً ليكون جزءاً بل هو الكل، كما إنه يشكل وجوهاً ليس بالضرورة تنتمي لهوية ما، فمن فترة كان معرضه في "الكويت" وقيل حينها في معرضه أن الكويتيين سعداء جداً لأن الفنان "أبو زينة" يرسم الفتاة الخليجية لكن في الحقيقة هو لا يرسم فتاة خليجية أو يابانية أو عربية أو غير ذلك، "أبو زينة" يفرغ شحنات سيكولوجية عميقة في وجه امرأة فيه من الصبا والجمال والزخارف الدقيقة التي قد تكون حروفاً عربية، وبإمكانه توظيفها حروفاً واضحة أو مقلوبة أو مائلة وكيفما شاء لتكون في دور تزييني بحت».
ويتابع: «إن الفنان "أحمد أبو زينة" يقدم لوحة تعبيرية جميلة رغم أن اللوحات التعبيرية ليست جميلة دائماً؛ فالجمال ليس سمة أساسية في المدرسة التعبيرية، لكن "أبو زينة" يمتاز بتقديمه فناً تعبيرياً جميلاً، والوجه شحنته النفسية تميل للجمال وليس لمطالعات الحياة النفسية في شعور الباطن أو العالم الداخلي، فالقيم الجمالية هي الأساس في عمله، وهنا في أحد أعماله يضع وردة في اللوحة وهي مفصولة عن المرأة، إلا أنها تعادل المرأة في التعبير من حيث القيمة الجمالية، بالإضافة إلى أن مساحاته فيها الكثير من الفراغ، لكنه يعمل على التراكبات اللونية أي اللوحة فيها الأبيض والرمادي، ويشغل مساحة صغيرة هنا هي مساحة الوجه بخطوطها السوداء والحمراء، فهو لا يشتغل بكل الألوان بل بعدد قليل من الألوان، إلا أنها تمتلك قدرة عالية على التعبير ومعرضه إجمالاً يشكل ظاهرة جميلة في الحركة التشكيلية السورية».
أما الفنان التشكيلي "أحمد أبو زينة" فيخبرنا عن البعض من تفاصيل لوحاته تاركاً المجال مفتوحاً ليقرر مدى قرب اللوحة من إحساسه، قائلاً: «كانت أعمال معرضي السابق تجريدية بالكامل، وهو ما يخلق انقطاعاً بيني وبين المتلقي غير المختص تشكيلياً لكونها أعمالاً صعبة، من هنا حاولت إدخال الوجوه الأنثوية إلى أعمالي في المعرض الحالي، لأنها تشكل وسيلة حوار جيدة مع المتلقي، وذلك لأن المرأة تشكل جزءاً كبيراً وأساسياً من حياتنا كبشر، بذلك يخلق المعرض حالة من السعادة لكونه يرى وجهاً قريباً أو يمس واقعه، لذا عملت على إعطاء وجوه جميلة للمرأة في عملي؛ حيث بذلك يسهل فهم أسلوبي للمتلقي عن طريق الدخول إلى الشكل الجمالي للأنثى وبنفس الوقت أبقى محافظاً على الجرأة في طرح اللون والخطوط والألوان التجريدية».
من الجدير بالذكر أن التشكيلي "أحمد أبو زينة" هو خريج قسم العمارة في كلية الفنون الجميلة بجامعة "دمشق" عام 1970، عمل أكثر من ثلاثة عقود في تصميم وتنفيذ الديكورات الداخلية ويمتاز بأسلوبه التجريدي وتصوير الألوان المتضادة والصارخة. كما أقام العديد من المعارض داخل سورية وخارجها، وقد نال في الفترة خلال هذا الشهر إلى جانب أربعة فنانين جائزة "بينالي الخرافي الدولي الرابع" للفن المعاصر الذي شارك فيه 90 فناناً وفنانة تشكيليين من 17 دولة عربية بينها سورية.