ثلاث ساعات ونصف في جو درامي موسيقي لا مكان للملل فيه، ضمن توالي الخدع والتهريج بين الطبقة الوسطى والنبيلة قبل ليلة الزواج، ولا يبدو الحمق مرتسماً على شخصيات الطبقة الأرستقراطية تماماً كما أخفاه "موزارت" في عصره ليتمكن من عرض الأوبرا، بقدر ما تظهر خفة البسطاء وحنكتهم.
وفي النسخة السورية من النص المقتبس من الجزء الثاني من ثلاثية الكاتب المسرحي الفرنسي "بومارشيه"، "حلاق اشبيليا"، "زواج فيغارو"، "الأم المذنبة" لا اختلاف في الحدث الموسيقي أو الدرامي، فكل شيء يجرى في قصر الكونت في "اشبيليا"، وذلك بعد مرور سنوات على أحداث مسرحية "حلاق اشبيلية"، إنما بإخراج كلاسيكي مطور من مؤسس ومدير "فرانس أوبرا"، "كريستيان دوما" الذي اقتبس سابقاً من النص ذاته مسرحيته "حول الزواج" مع مغنين فرنسيين.
نحن عندما اخترنا هذا العمل فكرنا بالإمكانيات والأصوات الموجودة لدي كوادرنا والأصوات التي لدينا فيها نقص هي أصوات "التينور، آلتو، سوبرانو" فحاولنا اختيار عمل متوافق مع الأصوات المتوافرة لدينا
موقع "eSyria" كان حاضراً للعمل الأوبرالي "زواج فيغارو" والذي انتهى موخراً على مسرح الدراما في دار الأوبرا السورية.
تدور الأحداث في هذا العرض حول محاولة الكونت الحصول على "سوزانا" خطيبة "فيغارو" الذي أصبح رئيساً للخدم في القصر، يراوغ الكونت ويحاول تأجيل الزفاف قدر الإمكان لتحقيق مآربه، في الوقت الذي يحاول فيه "فيغارو" وخطيبته والكونتيسة إحباط مخطط الكونت الذي يسعى لتزويج "فيغارو" من امرأة تكبره سناً هي "مارشلينا" التي سبق أن استدان منها "فيغارو" مبلغاً من المال، لكن الجميع يكتشفون فيما بعد أنها أم "فيغارو" وأن "يارتولو" أبوه، ومن أجل الإيقاع بالكونت، تقوم "سوزانا" بمواعدته ليلاً في الحديقة بعد أن تتفق مع الكونتيسة أن تتبادل الثياب معها، وهكذا تذهب الكونتيسة المتنكرة إلى الموعد مع الكونت الذي يقع في الفخ ويكتشف الجميع خداعه، ولكن كما يحدث في المسرحيات الكوميدية عادة، تنتهي الأوبرا بحدث سعيد وهو زفاف "سوزانا" من "فيغارو" واستعادة الكونتيسة لحب زوجها الكون.
وعلى هامش العرض كان لفريق "eSyria" بعض اللقاءات التي أجراها مع أبطال هذا العمل حول أول عمل أوبرالي بكفاءات سورية.
حيث بدأنا مع الأستاذ "بيير الخوري" درس في المعهد العالي للموسيقى بدمشق وتتلمذ على يد المدرّسة "غالينا خالدييفا" والمدرّس "فلاديمير مالتشينكو"، حاصل على إجازة في الغناء الأوبرالي عام 2011 والذي جسد شخصية "فيغارو"، قال: «كانت هناك محاولات بسيطة لأوبرا قبلنا منذ 15 سنة، لكن لم تكن بهذا الشكل الذي قدم في أوبرا "زواج فيغارو"، هذا العمل متكامل ليس فيه شيء محذوف موسيقاً وهو من أصعب الأعمال لموزارت،كان هناك رهان بأن نقدم عمل أوبرالي سوري بإمكانيات سورية واستطعنا أن نقدم عملاً وفق الإمكانيات ودون أن نحتاج مساعدة من الخارج رغم وجود بعض الصعوبات التي واجهتنا والتي من الممكن أن تكون متاحة أكثر».
"إياد دويعر" تخرج عام 2001 من المعهد العالي للموسيقا اختصاص "مونتر باص" وغناء أوبرالي، حصل على منحة سورية لإكمال دراسته في إيطاليا وحصل على شهادة المرحلة العليا في آلة "الكونتر باص" والذي جسد شخصية "الكونت"، قال: «عن الصعوبات التي واجهتهم خلال التدريب تجلت بصعوبة النطق وعملية الدخول إلى عالم المسرح الكلاسيكي، أنا كممثل مغني أوبرالي كيف لي أن أفهم هذا النص إذا لم يكن هناك أحد يشرح بعض الحركات الأساسية والنقاط الرئيسية ومن الطبيعة أن نتعاون مع ذوي الخبرة مثل الطليان والألمان حتى نستفيد من خبراتهم».
عن ما الذي تغير بعد مرور 15 سنة على إنجاز أول أوبرا سورية بكفاءات محلية، أضاف قائلاً: «أصبح لدينا خامات أولية و كوادر جديد وخبرات ومناهج تدريبية متطورة وأطلعنا على أعمال الآخرين من خلال التلفزيون والسينما والانترنت وهذه تطورات جديدة استطعنا من خلال هذا الأشياء أن نطلق أول عمل أوبرالي بكفاءات سورية».
"رشا رزق" أستاذة غناء أوبرالي في المعهد العالي للموسيقا والذي تخرجت منه 2002 وتتلمذت على يد "غالينا خالدييفا ونتاليا كيريتشيناكا" الحائزة على جائزة "ماريا كالاس" والتي جسدت شخصية "سوزانا" قالت: «معظم الأعمال كانت تأتي مستوردة من الخارج أو تحصل بالتعاون بنسبة النصف تقريبا مع جهات أوروبية وبالتالي يكون العرض ليس ملكاً لدار الأوبرا ولا نستطيع أن نعيده مرة أخرى لكن الشيء الذي ميز هذا العرض هو إنتاج دار الأوبرا الكاست 99% سوري وهذا الشيء المهم ونستطيع أن نعيده متى شئنا لأنه هو ملك لدار الأوبرا».
وعن الأداء الأوبرالي قالت: «مهمة مغني الأوبرا الغناء والتمثيل وهذا ليس بجديد عليه و أكثر لغة يغنى بها هي اللغة "الايطالية" وهي لغة الأوبرا وأيضا يغنى بلغات أخرى مثل "الفرنسي، ألماني، إنكليزي، روسي" وهذه اللغات التي تدربنا عليه للغناء الاوبرالي وهذا جزء من مهنتنا».
وعن سبب اختيار هذا العمل دوناً عن الأعمال الأخرى قالت: «نحن عندما اخترنا هذا العمل فكرنا بالإمكانيات والأصوات الموجودة لدي كوادرنا والأصوات التي لدينا فيها نقص هي أصوات "التينور، آلتو، سوبرانو" فحاولنا اختيار عمل متوافق مع الأصوات المتوافرة لدينا».
وأضافت: «عمل "زواج فيغارو" أو أوبرا "موزارت" بشكل عام هي من أهم الأوبرات التي تعرض بالعالم و حتى نشكل ريبورتوار من إنتاجات عروض الأوبرا من الضروري أن نبدأ كبداية بالأساسيات مثل أوبرا "موزرات" وأهمها "زواج فيغارو"».
"ميساك باغبودريان" قائد السيمفونية الوطنية السورية تخرج من المعهد العالي للموسيقا باختصاص بيانو وقيادة أوركسترا، قال: «هي تجربة حتماً صعبة وبرأيي تجربة ناجحة أن تستطيع الفرقة السيمفونية الوطنية العزف بمرافقة مغنين وهم يمثلون على خشبة المسرح حيث أصبح للموسيقا بعد آخر بعد ليس مغني واوركسترا كما هو المعتاد بل أصبح هناك حركة وبعداً هندسياً وفراغاً، وكان لنا أيضا تجربة أوبرالية بسيطة في عام 1995 مع الأستاذ "صلحي الوادي" وهذه التجربة الثانية وشيء مهم أن نخطو هذه الخطوة على أمل أن تستمر الخطوات بدعم من دار الأوبرا وكل الجهات المسؤولة والعمل تم اختياره من إدارة المشروع لدار الأوبرا وهم رؤوا أن هذا العمل أكثر ملاءمة للأصوات السورية الموجودة».