الشعر صورة كما قال "سقراط" وبيان وتبيين كما ذكر "الجاحظ" وهو خيال وفكر وخلق مختلف، فمن استطاع سمواً في هذا حلق جيداً في فضاء الشعر وفي زحمة ما يطبع من أشعار كثيرة بات البحث عن الجيد بينها مضنياً، فقليلة وقليلة جداً هي الكلمات التي تدخل القلوب والصور التي ترتسم في الذاكرة، صور ترسمها الكلمات فتؤكد معنى الفنان الشاعر.
فالعمق نبض الشعر والفنية وهجه وتظل القيمة في جمال المبنى والمعنى، وفي هذا السياق أقيمت ندوة نقدية حول المجموعة الشعرية "شفيف الروح" للشاعر "علي مرهج" في ثقافي "العدوي" بتاريخ 18/1/2011 شارك بها الكاتب الشاعر "عوض الأحمد" والشاعر "محمود حمود".
قدم الشاعر "علي مرهج" في صناعة ديوانه جهداً يشكر عليه لكن هذا الجهد لم يكلل بالكمال، فقصائد الديوان تفتقر إلى الصور سواء أكانت صورا جزئية أم كلية أم مركبة وتفتقر إلى التراسل والتجسيم والتجسيد بأنواعها المختلفة فقد أصبحت الصورة الفنية معيارا نقديا يؤشر إلى ارتفاع النص أو انحداره وقصائد الديوان تنحو منحاً بعيداً عن الحداثة فلا بد من تحديث النص
موقع "eSyria" حضر الندوة والتقى الشاعر الناقد "محمود حمود" ليقدم لنا نقده لهذه المجموعة الشعرية للشاعر "علي مرهج"، حيث قال: «شعر "علي مرهج" غناء عفوي وكلمات عذبة نتلوها آيات في دوح الحب نغني ضوع أزهار الشاعر عمقاً ونؤكد ألوان قوس قزح شكلاً، ومن المؤكد حين يحرص الشاعر جاهداً على سمو القصيدة فنياً وعلى رفعتها معنوياً وبروح شفيفة صافية تحرك الحواس وتلهب المشاعر تجعلنا نقول الله، وبهذا نصل بغيتنا ونثلج صدورنا، وهذا ما نجده في الكثير من قصائد الشاعر الذي آمن بالشعر العمودي أسّ القصيدة العربية فنسج على منوالها وحدّث في مسألة التأسيس والتوليد لتأتي القصيدة نسيجاً بهياً وحديقة غناء تود أن تضم إليك منها جل وردها، و"علي مرهج" رومانسي المذهب، الطبيعة مادته والوجد نسيجه والإيحاء وسيلته، فمشاعره فياضة وعواطفه متأججة وإحساسه عميق وفرحه وألمه كبيران، فالانسجام مع الطبيعة بينّ ودال على توحد الذات مع جوهر الجمال نرى من خلال الحكمة في شعره، وبهذا نلحظ الربط ما بين مفهومي الصوفية والرومانسية لديه، ولأن الموسيقا غذاء الروح وعذوبة الشعر في شعره فجاء غنائياً، ولأن العروض سلّم موسيقاه، فقد جاءت قصائده مموسقة مغناة وإنه حين أراد العزف منفرداً كانت التفعيلة لديه نغمة الناي ووتر الرباب، فهنيئاً للشاعر باكورة إبداعه الشعري وإلى التحليق عالياً في سماء الشعر بصوت شجي وبعفوية صادقة، فالمجموعة جهد تستحق الاهتمام والقراءة».
أما الناقد الكاتب "عوض الأحمد" فقد قال عن المجموعة: «بالنسبة لعناوين القصائد كانت متمايزة من حيث الدلالة والإيحاء، فهناك العناوين المفسرة الشارحة مثل "غرامك لا يفارق، ظالماً كان القرار، ومسك القول في العبيد السلام، أنا الشاعر" وعناوين تقليدية مثل "نجوى، صرخة، ندم، لست أدري" وعناوين تحمل المباشرة مثل "قولي أحبك، للهوى قلبي يغني" وعناوين متميزة تتصف بالدلالة والإيحاء والجدة، ولما كان الشعر صوت القلب ولسان العاطفة والأمين بما يجيش في حنايا الصدور من أحاسيس ومشاعر وأفكار وما يتراءى للعيون من مشاهد في حنايا وصور فقد استطاع الشاعر "علي مرهج" أن يقدم لنا مجموعة من القصائد المتنوعة بالموضوعات الإنسانية والوطنية والاجتماعية، فالقصيدة التي تحمل عنوان "بحر الهوى" قصيدة حب وغزل جاءت على شكل الشعر القصصي، والقصيدة التي تحمل عنوان "نجوى" فهي قصيدة غزلية اعتمد فيها الشاعر على تصوير المرأة وإبراز محاسنها والإكثار من التشبيهات والأوصاف والوقوف عند ظاهرة الجمال التقليدية وعلى إظهار ما في النفس من خلجات واضطرام ومما يلاقي المحب من صد المحبوب أو يعاني من بعده وهجره أو يعالج من أشواقه كل ذلك معتمداً على صور حسية بصرية».
أما عن رأي الكاتب "عمر هاشم" أحد المتابعين لندوة النقد فقد قال: «صفات شعر هذا الديوان "الالتزام" بعمود الشعر العربي في معظم قصائده وبالقافية التي أضعفت بعض الشعرية، أما الألفاظ فهي مألوفة سهلة والأسلوب متشابه في أغلب القصائد والقصيدة تبدأ بالغرض وتنتهي به، والمعاني واضحة بعيدة عن الغموض كما في قصيدة "الجلاء" جلاء المستعمر الفرنسي عن سورية ويقترب الشاعر في قصائده من الرومانسية والتي هي الإبداع في الشعر عن طريق تصوير الحالة الوجدانية والتغني بالطبيعة والاهتمام بالمضمون أكثر من الشكل ويهيم في عالم الأحلام كما في قصيدة "لغة الهوى"».
وعن رأي "أنغام محمد" بالمجموعة الشعرية قالت: «قدم الشاعر "علي مرهج" في صناعة ديوانه جهداً يشكر عليه لكن هذا الجهد لم يكلل بالكمال، فقصائد الديوان تفتقر إلى الصور سواء أكانت صورا جزئية أم كلية أم مركبة وتفتقر إلى التراسل والتجسيم والتجسيد بأنواعها المختلفة فقد أصبحت الصورة الفنية معيارا نقديا يؤشر إلى ارتفاع النص أو انحداره وقصائد الديوان تنحو منحاً بعيداً عن الحداثة فلا بد من تحديث النص».
والجدير بالذكر "شفيف الروح" ديوان شعري صدر حديثاً عن دار "بعل" للشاعر "علي مرهج" وهو الأول من نتاجه الشعري وجاء بأربعين قصيدة بالإضافة إلى مرفقات الديوان، فهناك الإهداء، والتقديم بقلم الشاعر "محمود حمود".