ربما تلخص عبارة: "نقطة.. ما انتهى!." مشوار البحث الموسيقي المستمر الذي بدأه الفنّان السوري الشاب "سعيد ميرخان"، منذ سبع سنواتٍ تقريباً حينما قام بتلحين مجموعةٍ من الأغاني من كلمات رسام الكاريكاتير السوري "سعد حاجو" في تجربةٍ استلهمها من تراث الموسيقار المصري "سيد درويش"، وأعمال "الرحابنة" الموسيقية، فضلاً عن تعلقه
بموسيقا الجاز، والموسيقا اللاتينية، والموسيقا الكلاسيكية التي يجيد تأديتها بوصفه عازف "بيانو" تلقى تعليمه على يد مجموعة من الأساتذة الموسيقيين السوريين.
هذا طموحي الذي أجتهد لتحقيقه، ولذلك كان اسم مشروعي الأول: "نقطة.. ما انتهى"
وفي العام /2007م/ مرّ هذا المشوار بمحطةٍ مميزة هي لقاء "سعيد" بالمغنية السورية الشابة "شمس إسماعيل" لتكون الخطوة التالية مجموعة من الأغاني الجديدة التي تم تقديمها لأول مرّة مساء (5/1/2009)، على مسرح "مجمع دمّر الثقافي"، في أمسيةٍ موسيقية خاصة نظمتها احتفالية "دمشق" عاصمة الثقافة العربية التي حرصت ضمن فعالياتها المتنوعة على تقديم التجارب الموسيقية السورية الشابة بكل أطيافها.
وشهدت هذه الأمسية أيضاً تقديمٍ "ناصر ميرخان" كمغنٍ شاب لا يتجاوز عمره الثمانية عشر عاماً، لكنه نجح في انتزاع إعجاب الجمهور الذي تفاعل معه كثيراً خاصة في أغنية "منيح اللي اتصلت.." من كلمات "سعد حاجو".
أما "شمس إسماعيل" فتألقت في أداء أغنياتها الجديدة، وأشرقت وحلقّت في أداء أغاني السيدة "فيروز": "كرمالك، وحدن بيبقوا.."
عزف في الأمسية مجموعة من الموسيقيين السوريين المميزين منهم: "فراس شهرستان/ قانون، ومحمد نامق/ تشيللو"، وذلك إلى جانب "سعيد ميرخان" على آلة البيانو، بينما قام بالتوزيع الموسيقي لأعمال "ميرخان" الفنّان السوري" "باسل داود".
موقع "eSyria" حضر هذه الأمسية والتقى بــ"سعيد ميرخان" الذي تحدّث لنا عن بداياته قائلاً: «كانت بداياتي مع الموسيقا الكلاسيكية، حيث تعلمت عزف "البيانو" على يد مجموعة من الأساتذة السوريين، ثم اكتشفت أن كتابة الأغاني وتلحينها تستهويني أكثر من أداء الموسيقا الكلاسيكية..» وأضاف قائلاً: «بدأت بتلحين أربع أغنيات من كلمات رسام الكاريكاتير السوري "سعد حاجو" ثم كان لقائي مع "شمس إسماعيل"»
وعن علاقته بــ "شمس" وملامح مشروعهما الموسيقي قال: «لدينا رؤية موسيقية متشابهة إلى حدٍ كبير، فعندما التقيت بــ "شمس" كانت تبحث عن مجموعةٍ من الأغاني الخاصة بها، في حين كنت أبحث عن صوتٍ دافئ كالذي تمتلكه هي، وقادرٍ على إيصال المعاني والأحاسيس التي أريد إيصالها للناس عبر تجربتي في كتابة كلمات الأغاني وتلحينها».
وعن موضوعات أغانيه قال "سعيد ميرخان": «أتناول عموماً المشكلات الاجتماعية التي يعاني منها الشباب، كالتأثيرات السلبية لبعض العادات والتقاليد على حياتنا، وإشكالية العلاقة بين الحبيبين، وذلك بالاعتماد على مفردات لغوية بسيطة إلى حد الطرافة مثل أغنية بعنوان "بيتك بيغم القلب" تتحدث عن إنسانة تضايقها الفوضى التي يعيشها حبيبها، وهناك أغنية أخرى بعنوان: "لغتك صعبة عليي" تحكي عن اثنين لا يفهمون لغة بعضهم البعض، لكن الحب يجعلهم يتغلبون على عائق اللغة من خلال الموسيقا، قد تبدو الفكرة غير واقعية.. لكنها رومانسية..»
وعن الموسيقيين الذين تأثر بهم ونوع الموسيقا التي يشتغل عليها قال "ميرخان": «تأثرت بأعمال "سيد درويش" وموسيقا "الرحابنة" بالإضافة إلى الموسيقا الكلاسيكية التي تستهويني كثيراً، وأجد موسيقا الجاز والموسيقا اللاتينية قريبةً مني كثيراً» أما عن ملامح مشروعه الموسيقي فلخصّها بقوله: «لدي بحث دائم عن أغنية سورية قريبة من الناس بشرائحهم المختلفة، ويحبونها لأنها تعبر عن مشاكلهم، وتتحدث عن موضوعات جديدة تعلق في ذاكرتهم..» وختم بالقول: «هذا طموحي الذي أجتهد لتحقيقه، ولذلك كان اسم مشروعي الأول: "نقطة.. ما انتهى"».
كما التقينا بــ"باسل داود" الذي أثنى على تجربة "سعيد ميرخان" الموسيقية بقوله: «تبدو أعمال "سعيد" الموسيقية مميزة، وواعدة ويمكن صقلها هذه التجربة بالعمل المستمر الذي يمتلك "سعيد" الكثير من مقوماته..»، وأضاف قائلاً: «هذه ليست المرّة الأولى التي أقوم فيها بالتوزيع الموسيقي، حيث كان لي تجارب سابقة مع عددٍ من الفنّانين السوريين، وفي مجال الموسيقا التصويرية لبعض الأعمال الدرامية السورية، وقد حاولت أن أَعطي لتجربة "سعيد ميرخان" العمق المطلوب ضمن الإمكانيات المتوفرة..» ولدى سؤالنا عن مدى تأثر هذه التجربة بأعمال "الرحابنة" سواءً على صعيد التأليف أو التوزيع؟ قال "باسل": «بصراحة حاولت الهروب كثيراً من هذا الموضوع، لكنني كنت انساق -ولوعن غير قصد- وراء أعمال "الرحابنة" خاصة تلك التي تعود إلى خمسينيات القرن الماضي، إنها مشكلتنا الدائمة مع الذين سبقونا وأثروا في تجربتنا ووعينا الموسيقي، لكن الأمر يستحق المحاولة لإشباع تجارب لم يتم إشباعها سابقاً، وأجد نفسي ميالاً لهذا الجو عموماً، حيث تستهويني الأعمال الموسيقية المؤسسة بشكل جيد على تراث من سبقونا، وحجزوا لأنفسهم مكانة متقدمة في تراثنا الموسيقي، إن لم نقل في التراث الموسيقي العالمي..»
وبكلماتٍ مختصرة وبعد تلقيها الكثير من باقات الورد، وتوقيعها للعديد من الأوتوغرافات، والمزيد .. المزيد من التقاط الصور مع معجبيها قالت "شمس إسماعيل": «ننتمي أنا و"سعيد" لنفس البيئة الموسيقية تقريباً، وكلانا يمكن أن يكون جزءاً من المشروع الموسيقي للآخر، جربنا معاً مجموعة من الأغاني التي قدمناها لأول مرّة اليوم، هذه الأغاني فيها شيء من الجرأة والمغامرة على صعيد الموضوع، والكلام، واللحن، لكن ردود الفعل التي لمسناها من الجمهور جعلتنا في غاية السعادة والتفاؤل..»
يذكر أن "شمس إسماعيل" وقفت لأول مرة أمام الجمهور في سن السابعة عشرة، وغنت على مسارح عدد من المدن السورية والدول المجاورة كالأردن ومصر، فأدت بصوتها أغانٍ لفيروز وأسمهان وسيد درويش وغيرهم من أعلام الموسيقا العربية، كما شاركت في عدة ورشات عملٍ في القاهرة خلال عام/2008م، وهي الآن بصدد التحضير لأول ألبوم خاص.
ومازال المشروع مستمراً.. "نقطة.. ما انتهى!.".