ببحثه المكثف وتجاربه المستمرة توصل إلى استنباط مواضيع لوحاته من مخزون ثقافي تراكم في الذاكرة والوجدان، وقرر البدء باستعراض شريط الموروث ضمن إخراج ورؤية معاصرة، بعد أن شغلته سنوات من العمل ضمن المدرسة الواقعية، وتزامناً مع معرضه الذي اختار موضوعه عن الخيول العربية كان لقاء موقع "eSyria" مع الفنان التشكيلي "عبد الناصر الشعّال" في صالة "السيد" للفنون حيث يقام معرضه الأخير، ليحدثنا بداية عن اختياره لموضوع المعرض: «امتهنت الرسم والفن ووجدت حينها البورتريه يشدني بقوة؛ لأن الوجه الإنساني يحمل بتفاصيله كل معاني الحياة ومعطياتها، فعملت على هذا الموضوع فترة جيدة ونجحت في ذلك، أما في المرحلة الحالية أعمل على موضوع "الخيل"، فدخلت إلى عالمه من خلال أول معرض فردي أقمته عن هذا الموضوع بالتعاون مع الجمعية السورية للخيول التي عمّقت معرفتي بالخيل العربي ومميزات شكله وأصالته، كما أقيم حالياً معرضي الثالث في هذا الموضوع في بحثي عن جمالية هذا المخلوق الأصيل».
يضيف "عبد الناصر": «سورية هي مهد الخيل، لذا أرى أنه من واجبي تكريم هذا المخلوق الذي أطلق من بلدي إلى العالم، كما أننا نمتن أبداً لقوة الخيل العربي الذي كان أحد أهم الأسباب لانتصار المسلمين في حروبهم ضد الصليبيين والمغول بفضل قدرته على التحمل وسرعته الفائقة».
سورية هي مهد الخيل، لذا أرى أنه من واجبي تكريم هذا المخلوق الذي أطلق من بلدي إلى العالم، كما أننا نمتن أبداً لقوة الخيل العربي الذي كان أحد أهم الأسباب لانتصار المسلمين في حروبهم ضد الصليبيين والمغول بفضل قدرته على التحمل وسرعته الفائقة
رسم خيوله البيضاء والبنية بواقعية المشهد واختار تبسيط الخلفيات بمساحات لونية، عن ذلك يحدثنا: «خلال المعرض قدمت عدة خيول بيضاء وبنية، لكن كل واحدة منها أخذت مفردات لونية تختلف عن الثانية بسبب انعكاسات الضوء عليها والجو الذي وجدت فيه، كما حاولت أن أفرد كل عمل بوحدة خاصة ليتميز عن الآخر، معتمداً على المقومات الكثيرة التي يتمتع بها الخيل العربي من نعومة الوجه، العيون الكبيرة والقوام الجميل، قدمت عناصري بواقعية مع تبسيط للمساحات اللونية كخلفيات، وهي بالمجمل مشتقة من ألوان الخيل لإبراز جماليته، ولتجمع هذه الخلفيات بين أصالة الخيل والتكوينات المعاصرة».
وعن سلسلة أعماله القادمة: «في هذا المعرض لم أخرج عن خطوط الخيل لإبراز مدى جماليته، ومعرفتي بالخيول لم تأت إلا بعد بحث تطلب الكثير من التجريب، فلعالم الخيول خصوصية لن ندركها عند رؤيتنا له إلا بالتمعن العميق في تفاصيله، لكني بالتأكيد لن أؤطر نفسي بخانة معينة لأني لا أستطيع تقييد ريشتي في زاوية وحيدة أو ضمن سلسلة وحيدة، لذا سأعمل ضمن سلسلة جديدة بتقنيات لونية مختلفة عناصر وتفاصيل أخرى تعكس مقداراً أكبر من الحرية».
اختار المدرسة الواقعية منذ بداية عمله التشكيلي حيث عكست أعماله طاقته العالية وموهبته، وحول رؤيته لتطور مسيرة الفنان يقول :«المعطى الأهم للفنان أن يمتلك إحساساً فطرياً وموهبة، من ثم يتلقى مهارات وإضافات تصقل هذه الطاقة، فالشهادة لا تصنع الفنان بل كثرة التجارب والخبرة من يعلّم ويطور، المهم استمرار العمل وبشكل مدروس، لذا أحاول أن أسلك أقصر الطرق بأقل وقت لأصل إلى مبتغاي لتكون شهادتي هي عملي، كما أن الموهبة التي تلعب الدور الأساسي في حياة الفنان تحتاج لصقل دائم وعمل مستمر، وهنا أود أن أذكر أهم شخصين بالنسبة لي في عملي هما الأستاذ "عزيز إبراهيم" والأستاذ "أحمد إبراهيم"».
أما عن دور التقنية في إظهار قيمة العمل الفني فيقول :«تظهر التقنية في أعمالي بشكل خاص خلال البورتريه لأني أعمل كثيراً بحرية الريشة والسكين، وكل هذا منبعه العاطفة والإحساس الذي يمنح العمل العنصر الجمالي، وبطبعي أحب اللون وأعمل عليه، وأي شيء أريد أن أرسمه أراه لوحة في ذهني وأنفذها لأوصلها للصورة التي أريدها».
نهاية حديثنا مع الفنان التشكيلي "عبد الناصر الشعّال" كان سؤالنا حول اختياره العمل ضمن موروثه الثقافي السوري فأجاب: «باعتبار أن تاريخنا غني بالبطولات فأنا أفضل تناول مواضيعي من واقعي وبيئتي، كما أرى أنه يفترض ذلك على كل فنان السوري، وبالتأكيد من الممكن أن يتأثر الفنان بمواضيع غربية لكن ليس بالموضوع ككل، فمقومات الجمال لا تحصى في بلدنا ويجب أن نعمل عليها ونظهرها، كما أن لدينا الكثير من المواضيع غير الخيل بإمكاننا العمل عليها ومنحها حقها الجمالي والفني».
من الجدير بالذكر أن الفنان "عبد الناصر الشعال" من مواليد "دمشق" عام 1970، خريج مركز "أدهم إسماعيل" عام 2002 إضافة لتخرجه من المركز الثقافي الروسي عام 2001 وله عدة معارض فردية وجماعية داخل سورية وفي "مصر وإسبانيا" وأعماله مقتناة في عدد من دول العالم.