من ينصت إلى إحساس الموسيقى المنبعثة من نفس "نيسم" المبدعة على "الفلوت" وإبداعات "يان" على "العود", يدرك أن مثل هذه الموسيقى لا يمكن أن نسمعها إلا من موسيقيين محترفين وليس من فرقة شابة تبدأ أولى خطواتها في هذا الطريق.
فرقة "نون ياء" فرقة صغيرة بعددها, كبيرة بقدرتها الموسيقية الآسرة, أبطالها شابة تعزف على آلة "الفلوت"، وشاب يعزف على آلتي "العود والغيتار"وتجربةٌ تبلورت ونضجت لتقدم عبر أنفاس صادقة وأوتار شاعرية الحفل الذي أقيم على مسرح المركز الثقافي الفرنسي يوم الأربعاء 17/12/2009 .
كانت ثلاث مقطوعات منفردة من الألبوم أما البقية فكانت من ألبوم "للمقاومات"
بدأ الحفل في تمام الساعة الثامنة مساء, حيث تهافت الجمهور بإقبال شديد لحضور الصديقين "نيسم جلل" و "يان بيتار" للاستماع إلى ماسوف يتم تقديمه في تلك الأمسية.
جَمَعنا مع "نيسم" و"يان" حوار مضت دقائقه بسرعة, استهللنا فيه الحديث عن موسيقاهم وأعمالهم التي قدموها، وبداية الحديث كانت مع العازفة "نيسم" :
*كنا قد سمعنا منكم ألحانا موسيقية رائعة أثَرت مشاعرنا, ما هي الحصيلة التي ذخرتم بها لتنتجوا مثل هذه الموسيقى؟
**بعيداً عن البلدان التي سافرنا إليها أنا و"يان" والتي شكلت لدينا رؤية أخرى للصوت الموسيقي, هنا أنظر إلى الموضوع بشكل آخر, فنحن نعطي ما نشعر به من قوة تدفعنا إلى التعبير عنها موسيقياً, وهنا نتعامل مع الصدق في ما نقدمه اتجاه موضوع معين أو مشكلة أو ظاهرة ونحاول أن نعيشها أو نعيش حلولها موسيقياً, وبالتالي نتعامل معها بصدق بعيداً عن الماديات التي أصبحت الآن هي التي تتحكم بالسوق الموسيقي الذي أخذ ينحو المنحى التجاري في تداولاته للحن المسموع، فالكثير يحاول أن يضع قوالب فنية ويُلزم الآخرين في العمل ضمن هذه القوالب للتقييد وليس للإبداع».
برأيك ماهو الشيء الذي وجده الجمهور في موسيقاكم وألحانكم حتى انسجمت روحهم مع روح الألحان المقدمة؟
«أعتقد أنه الصدق بالألحان فقط, نحن مزجنا عدة قوالب موسيقية وقدمناها بأسلوب مختلف ناهيك عن "الفلوت" الذي عزفت به ألحاناً كانت بعضها شرقية، و"يان" الذي عزف على آلة "العود" بطريقة غربية, ولكن كل هذا لا يمكن أن يأسر النفس ويحرك مشاعرها ما لم يكن نابعا من الصدق الموجود في قلوبنا».
هل جميع المقطوعات التي قدمتموها من ألبومكم الأول الذي يحمل اسم "للمقاومات" مع العلم أن الألبوم لم يصل بعد إلى الأسواق السورية؟
**«كانت ثلاث مقطوعات منفردة من الألبوم أما البقية فكانت من ألبوم "للمقاومات"».
بعيداً عن اسم الألبوم "للمقاومات" قدمتم مقطوعة كانت قبل الأخيرة تحمل اسم "للمقاومة" وبعدها قدمتم المقطوعة الأخيرة والتي أطلقتم عليها أسم "الحرية", ما سر هذه التسمية والتسلسل في التقديم؟
«كنت قد ذكرت في الحفل وقبل عزفي مقطوعة "للمقاومة" أن هذه المقطوعة مهداة لكل المقاومات ليست فقط العسكرية التي تعتمد على الرصاص والحرب, بل إلى كل موسيقي وفنان يقاوم من أجل إيصال عمله إلى الإبداع رغم كل التحديات, أما بالنسبة لمقطوعة "الحرية" فباعتقادي أن الحرية تأتي بعد المقاومة الناجحة ».
ثم التقينا بالموسيقي "يان" وسألناه:
*كيف ترى نفسك وأنت تعزف على آلة شرقية "كالعود"؟
**«بالطبع آلة "العود" آلة شرقية جميلة جداً استطاعت أن تأسرني بصوتها وإمكانياتها اللحنية, إلا أنني أجد نفسي على قدر كبير من المسؤولية وخاصة عندما أعزف عليها أمام شعب شرقي مشبع بألحانها، وهنا أطالب نفسي أن تبدع أكثر حتى تصل لمستوى أستطيع من خلاله إرضاء المستمعين».
**«في أثناء نقاشي مع "نيسم" وبعد تعارفنا شجعتني بشدة على التعلم على تلك الآلة الشرقية, وحتى أنها ساعدتني في ذلك حيث ذهبنا سوياً إلى مصر وبدأت أتلقى تدريباتي على تلك الآلة في معهد "نصير شمة" للعود, وهناك تأثرت بالأستاذ "عبدو داغر" الذي كنت أذهب بشغف شديد إلى دروسه لأتعلم منه كل جديد وكل يوم».
**«أول رحلة قمت بها كانت إلى موريتانيا, وهناك التقيت بأناس يعيشون في الصحراء, ولا يملكون أي شيء ليعطوه سوى صدقهم وكرمهم وضحكتهم, فهذه الحالة أذهلتني وألهمتني في الكثير من المقطوعات, فالإحساس الصادق والنابع من القلب يعطي إيحاء الروحانية التي تتقبلها أي نفس تريد الهروب بعيداً عن التكليف والاندماج الموسيقي الغير مبرر».
تصدح "نيسم" بنَفَسِها الذي يمر عبر "الفلوت" ليشكل أعلى مستويات الألحان الموسيقية, أما "يان" فيتحرك بشكل أخطبوطي لتشكل أجزاء جسمه من يديه وحتى قدميه إيقاعات وألحان تذهل كل من يسمعها بتراكيبها الموزونة والجديدة .