قاده عشقه للتراث والتمسك بالأصالة الأدبية العربية إلى عوالم الخط العربي، بات يستكشفها بطريقته الخاصة، ويمنحها مزيداً من المساحات والألوان، فأنتج لنا أعمالاً امتطت صهوة خيول الشعراء وخلدت مشاعرهم وكلماتهم.
فريق eSyria التقى الفنان التشكيلي "أكسم طلاع" وجاب معه في فلك الخط العربي، الذي تدور حوله أعمال الفنان باحثاً عن التفاصيل والطاقات الكامنة في الحرف، ليصبها ضمن صورة تحمل إيقاعه: «يكثف الخط العربي هويتنا، تلك الهوية التي تمثل أهم حصوننا والمتجذرة في داخلنا، كما أننا أبناء ثقافة عريقة أنتجتنا بهذا الشكل والعواطف والإحساس، وبالتالي حملتنا المسؤولية للدفاع عنها وإحيائها، وكعادته الفن يصلح ما أفسدته السياسة، من هنا جاء التركيز على الخط العربي في أعمالي».
رغم أنني أقيس لوحتي بمكان العرض، لأن العمل يفرض نفسه بمضمونه، ولكن تحت تأثير حالات انفعالية شديدة أرغب بالصراخ عبر لوحة كبيرة الحجم، وأحيانا أكثف مفرداتي وعواطفي في واحدة أصغر
يؤمن "طلاع" إيماناً يقيناً بطاقة الحروف ونغماتها المسكوبة في نمط الخط العربي، التي تشكل لديه حافزاً للرسم والإبداع : «يملك الخط العربي طاقة بصرية وروحانية، طاقة لم تكتشف بعد، نستطيع فقط أن نكتشفها مع أنفسنا، للحرف طاقة تعبيرية وأدبية ومجاز موسيقي، فالحروف أرواح عندما نتأملها نحسها خفيفة وثقيلة معاً، فأنا أطوف في عالم الخط العربي بمنتهى العرفان، أحمل اهتمام المستكشف، فلطالما استخدمت العبارة كمدلول نصي وكان ذلك سقف إمكانياتها، أما أنا فاعمل خارج تلك الأطر وبأسقف مفتوحة لا تعرف حدوداً، لأحول تلك الحروف والكلمات إلى صورة جميلة تحمل فكراً وإيقاعاً».
يحمل له عالم الخط العربي مفردات يستعين بها للحفاظ على قلقه الذي لا يستغني عنه في لحظات الحياة والإبداع معاً، كما يعتبره جزءاً من العرفان: « نحن أبناء هؤلاء الشعراء الذين تركوا قصائدهم ومعلقاتهم نتغنى بها، نحن حملة موروث ثقافي وأدبي عظيم، يستحق المزيد من الأفق للتعبير عنه، أقرأ الشعر عندما أنزوي إلى نفسي أو في حالات حزني فلا ينتابني إلا نزعات الإنسانية الجميلة التي أفرغها في لوحتي».
ويصر "أكسم" في أعماله على إظهار الزمن جلياً عبر ألوان يخط بها لوحته: «نحن كشرقيين يسكننا الزمن، الزمن الذي يدل على اللحظات التي مرت علينا، أجسدها في لوحاتي بألوان باردة وحارة تمثل عدد الأطياف والأرواح والتأثيرات التي مرت أثناء رسم اللوحة، نحن جزء من المكان و الزمان، فأعمل على توثيق تلك اللحظات كجزء من روح اللوحة».
وعن دور الفن في التعبير عن قضايا الأمة أكد "أكسم طلاع" مسؤولية الفنانين حيال ذلك بشكل خاص، وتحدث عن "ملتقى القدس في عيونهم" مثالاً حياً على ذلك: «استحضرنا "القدس" بألواننا ومفرداتنا وعواطفنا التي سكبناها على لوحاتنا، هذا الملتقى احتفى بـ"القدس" عاصمة الثقافة العربية وعاصمة الهوية العربية التي تواجه الآن أبشع أنواع الإلغاء، عملت على لوحة من ثلاثة أجزاء تشكل عملاً واحداً أطلقت عليه اسم "مدينة السماء" لأن "القدس" بوابة السماء، فهي الحب، وكل حب خطوة في الطريق إلى السماء».
كما لحجم اللوحة مدلولها لدى "اكسم" وإن حكمها أحياناً مكان العرض: «رغم أنني أقيس لوحتي بمكان العرض، لأن العمل يفرض نفسه بمضمونه، ولكن تحت تأثير حالات انفعالية شديدة أرغب بالصراخ عبر لوحة كبيرة الحجم، وأحيانا أكثف مفرداتي وعواطفي في واحدة أصغر».
يحركه قلقه الفني دائماً ضمن إيقاع خاص رسم له طقوساً مختلفة في عمله الذي يفضل إنجازه في مساحات حرة مفتوحة، تضاهي المساحات التي يجوب فيها داخل الخط العربي وحروف تلك العبارات التي يخطها.
يذكر أن الفنان التشكيلي "أكسم طلاع" من مواليد الجولان، 1963، عضو اتحاد الفنانين التشكيليين، عضو اتحاد الصحفيين في سورية، أقام عدة معارض فردية كان آخرها عام 2009 في صالة "فري هاند"، وأخرى جماعية كالمعرض السنوي لوزارة الثقافة ومعرض الكرمة الدوري السنوي، وشارك في ملتقى دار الثقافة عام 2004 ومهرجان دمشق للتراث عام 2005 ، كما شارك في معرض جماعي اقيم في تدمر عام 2009.