فنانة تشكيلية شابة شهدت النور في "باريس" وتلقت دراستها الابتدائية هناك لتنتقل مع العائلة فيما بعد الى "دمشق" وهي تحمل في ذاكرتها البصرية وقلبها مخزوناً من حب الفن والإحساس بالذوق والجمال، فشوارع باريس بحد ذاتها متحف خالد وواجهاتها معرض دائم وابنيتها فن معماري عريق.
وما بين مسقط الرأس في فرنسا ومسقط القلب في سورية محطات كثيرة وتجارب عديدة.
إنها الفنانة التشكيلية السورية "ماسة أبو جيب" التي التقاها موقع eSyria وكان الحوار التالي معها:
*من شجعك باتجاه هواية الرسم؟
**منذ صغري وأنا أعشق الخطوط والألوان والرسوم، ووالدتي هي أول من اكتشف موهبتي فهي "ترسم بالكلمات" وتقدس الإبداع فهو بنظرها عطاء إلهي يجب أن نصقله قدر المستطاع، أما المؤلف الموسيقي السوري المقيم في باريس "عابد عازرية " فكان له الدور الأكبر بالتشجيع حين استخدم رسماً لي ولأختي على غلاف أحد ألبومات مؤلفاته الموسيقية الخاصة بالأطفال..
عندما عدت إلى دمشق كان استاذي في الرسم الفنان "أحمد عباس" يثني عليّ كثيراً وأهداني لوحة محفورة على الخشب من صنعه لا زلت احتفظ بها عربون وفاء. فيما بعد وأثناء دراستي الجامعية كان أستاذي "صفوان داحول" الموجه الأول الذي أقتفي خطاه وأسير على نهجه، كذلك لن أنسى التشجيع الكبير للفنانين التشكيلين "علي حسين" و"محمد الوهيبي" ولن أسترسل في ذكر الأسماء حتى لا أنسى أحداً ممن ساهموا في صنع هويتي الفنية.
*كيف تحولت الهواية إلى دراسة أكاديمية بعد ذلك؟
**نظراً لولعي بالفن التشكيلي وحضوري العديد من المعارض وأنا في سن صغيرة كان من الطبيعي ان اختار كلية الفنون الجميلة لأكون في عداد طلابها وخاصة وأن علاماتي العالية في الشهادة الثانوية العامة من جهة واجتيازي امتحان القبول في الكلية بشكل مشرّّف قد ساهما في توجهي هذا،
في السنة الأولى كانت بداية التعرف على الرسم بالرصاص والفحم والتعرف على جميع اختصاصات الكلية، فيما بعد اخترت التصويرلأنه وافق خياراتي منذ الطفولة .
وأثناء الدراسة الجامعية شاركت في عدة معارض جماعية، أما بعد التخرج فكانت مساهماتي عديدة .
*علمنا انك تعملين حالياً في "جامعة القلمون"، حدثينا عن عملك هناك وعن تواصلك مع الطلاب؟ وهل يتعارض عملك مع فنك؟
** أجل أنا عضو هيئة تدريسية في كلية الإعلام والفنون التطبيقية في جامعة القلمون الخاصة وعملي يستهويني لأنه يجعلني في حالة تواصل دائم مع مرحلة الشباب، وعملي في الكلية لا يتعارض أبداً مع المشاركة في معارض الفن التشكيلي وملتقيات الرسم والتصوير إلا في حالة الاضطرار للسفر في بعض الأحيان ، كذلك لي عملي الخاص في مجال التصميم الإعلاني " تصميم البوسترات والبروشورات والكاتالوغات واللوغو وبطاقات المناسبات والمعايدة "، وأنا اؤمن أن الانسان عندما يحب عمله يبدع فيه .
*اهتمامك بهوايات كثيرة غير الرسم كرقص التانغو والسالسا انعكس كثيراً على لوحاتك فهل تحدثينا عن ذلك؟
** قمت بتصميم بوسترات تخص الرقص كما ألفت قصة باللغة الفرنسية عن الرقص بعنوان "حب التانغو “UN Amour De Tango في المركز الثقافي الفرنسي الذي قمت فيه بدورة عن فن الكتابة وكانت قصتي الأكثر تميزاً، حيث قدمتها امام لجنة تحكيم من المركز الثقافي الفرنسي مع تصميم من طرفي لغلافها وألقيتها بطريقة فنية على الحان "الكومبرسيتا" وربحت، ونالت الأقصوصة صدىً كبيراً.
*من المعروف أنك قمت بتدريس الرسم بطريقة مميزة باللغة الفرنسية فهل تحدثينا عن ذلك؟
** تدريس الأطفال مادة اللغة الفرنسية عن طريق استخدام الرسم كوسيلة مفيدة وممتعة للدمج بين الفن والتعليم، أنا أعشق اللغة الفرنسية وقد استغليت موهبتي في الرسم وجسدتها بالدروس الفرنسية فقمت باعطاء الابجدية للمبتدئين بطريقة مشوقة غير جافة من خلال الرسم الكاريكتوري ليحبوا كل حرف، وعندما اردت تعريف التلاميذ عن أسماء الالوان باللغة الفرنسية احضرت معي الألوان ومن خلال الرسم والتلوين تعرفوا على اللغة كذلك الأمر في تعليم الأشهر كنا نربط الأشهر بالرسمات حسب الفصول، وهكذا اكتشفت موهبتهم بالرسم وحبهم لتعلم اللغة في الوقت ذاته.
*ماالخصوصية الفنية التي تمتعت بها لوحاتك برأيك؟
**مايميز لوحاتي حسبما أرى هو وجود المرأة، وقد رسمتها بكل حالاتها.
أنا بشكل عام أميل للرسم الانطباعي باستخدام الألوان الزيتية والأكرليك واحيانا باستخدام ورق الذهب مايضفي احساسا جميلا على اللوحة، وأحيانا أهتم بإدخال سماكة على أساس اللوحة، او بادخال تكنيكات اخرى مثل أوراق الجرائد وسواها كما أحب استخدم الألوان الترابية والألوان الحارة.
*ماهي أهم محطاتك الفنية؟
**المعرض الثنائي الذي أقمناه اختي وأنا في قصر سرسق في بيروت ، معرض فن تشكيلي في باريس بدعوة من المركز الثقافي السوري في باريس، كذلك رحلاتي عندما بدأت السفر لوحدي لحضور الملتقيات الفنية والمؤتمرات والمعسكرات الانتاجية للتبادل الثقافي الشبابي مما ساهم في صقل شخصيتي من كافة الجوانب..أيضاً حصلت على منحة عام 2000م من المركز الثقافي الفرنسي لحضور مهرجان موسيقي على هامش الاحتفال باليوم العالمي للفرنكوفونية حيث كنا نحضر خمسة حفلات موسيقية لموسيقيين عالميين مما وسع من خبرتي وآفاقي خاصة أني كنت المشتركة الوحيدة من سورية من أصل خمسة وستين طالباً من كافة أنحاء العالم، وقدحاولت أن أعكس صورة جميلة عن سورية وعن الشباب السوري.
كما قمت بدورات تدريبية في مجال الرسم على مستوى عال جداً في العديدمن المدن الفرنسية، ولن أنسى مشاركتي في ملتقى الرسم والنحت "بإهدن" لمدة ثلاثة أيام متواصلة، الأمر الذي زادني احتكاكاً بفنانين وفنانات من أكثر من بلد، ومشاركاتي العديدة في معارض وورشات عمل خاصة بالفن التشكيلي داخل وخارج سورية.
*ماهي أهم محطاتك التطوعية التي تركت أثرا كبيرا لديك؟
**بالنسبة لمحطاتي التطوعية فإنها عديدة ولعل أهمها انتسابي لدورة تدريبية عن التطوع بعنوان " you can make difference" تعلمنا فيها معنى القيادة، ومساعدة الناس، وكيفية التعامل مع الآخرين، والتغييرات التي يمكن ان نحدثها بحياة الاخرين، و كان أسلوب الدورة مميزاً لانه خلق تفاعلا كبيرا بين الخبراء والطلاب حيث تم اختيارهم من عدة جمعيات اهلية ومن عدة جنسيات ، وفي نهاية الدورة قدمت للقائمين على ورشة العمل كتاب شكر كتبت فيه عن تقديري واحترامي للذين قاموا بتدريبنا وتعليمنا عليه ،وقد صممت غلاف الكتاب عربون شكر لهم لما تركوه من أثر كبير في ذاتي، ونشاطي التطوعي بلغ أوجه من خلال جمعية شمس "شباب مثقف سوري" التي ساهمت في تأسيسها حيث كنت المسؤولة عن اللجنة الثقافية فيها، والآن انا أشغل منصب نائب رئيس مجلس الإدارة فيها وهي حصيلة لجهود متضافرة من بعض زملائي وزميلاتي خريجي كلية الفنون الجميلة ومني للإسهام في حث الشباب على العمل الطوعي والاحساس العالي بالمسؤولية وروح المواطنة والعمل معاً على الرفع من سوية التذوق الفني من خلال محاضرات وندوات ترعى شؤون الشباب وتساعدهم على ايجاد الحلول، كذلك دعم الفرق الموسيقية الشابة وكان آخر انجاز لنا تنظيم أوركسترا الشباب الأورو متوسطي .
شاركت في ورشات عمل عديدة في مجال تطوير المهارات والإدارات المدنية بإشراف المفوضية الأوروبية مع مشاركات فعالة في برنامج التطوع لدى هيئة الأمم المتحدة في يوم التطوع العالمي الخامس من كانون الأول 2007"التطوع من اجل سورية" لزرع روح العمل الطوعي والتعلم المزيد عن التطوع وكيف يمكننا أن نقدم وقتنا ومؤهلاتنا في خدمة تطوير بلادنا وقمت بتصميم شعار اليوم العالمي للتطوع في سورية وملحقاته الإعلانية.
وتطوعت لتنظيم معرض رسوم الاحتباس الحراري وتغير المناخ بمناسبة يوم البيئة العالمي بالتعاون مع مشروع إعداد البلاغ الوطني الأول للتغيرات المناخية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي ووزارة البيئة وجمعية شمس في مكتبة الأسدتحت شعار "كوكبكم بحاجة إليكم اتحدوا لمواجهة تغير المناخ".
*أنت تحبين التصوير الضوئي ولديك هواية في ذلك فهل تحدثينا عن ذلك؟
** التصوير الفوتوغرافي جزء لا يتجزأ من التصميم الإعلاني فهو يساهم في إبراز الفكرة الإعلانية وإنجاحها من خلال لغة الصورة التي تعكس فكر الفنان وثقافته وقد قمت بالتصوير الفوتوغرافي بطريقة فنية لأوركسترا الأطفال السورية بالتعاون مع الأمانة العامة للتنمية ودمشق عاصمة الثقافة العربية وتصميم الملحقات الإعلانية لهذا الحدث، كما قمت بتصوير عدة لقطات فنية لعازفة الكمان "ماريا ارناؤوط" وعازف الكلارينت "كنان العظمة".
*ماهي آخر نشاطاتك؟
**- مشاركتي في مسابقة معرض الفنانين التشكيليين السوريين الشباب2010 الذي نظمته شركة بترو كندا وغاليري قزح حيث تقدم أكثر من 90 فناناً للمسابقة وقد تم اختيار افضل 30 فنان تشكيلي -أنا من بينهم- للمرحلة الثانية من المسابقة بناءً على أعمال سابقة لهم وقد تم اقتناء لوحاتي في كندا ودبي وعاد قسم من ريع اللوحات لصالح "جمعية بسمة".
حضور المؤتمر الدولي الرابع عشر عن ثقافة التواصل في جامعة "فيلادلفيا" في عمان وإلقاء بحث عن أثر الرحلات ونشوء السفارات في ثقافة التواصل وقد تم تكريمي هناك على اعتبار اني كنت اصغر المشاركين سناً.
كذلك مشاركتي في مهرجان الشباب الثاني عشر للفن التشكيلي والموسيقا في تركيا بدعوة من جامعة "أكدينيز" في تركيا.
حصولي على منحة إلى رومانيا "بوخارست" للمشاركة في مشروع خاص بالأطفال وكيفية التعامل معهم مهما اختلفت جنسياتهم وخلق لغة خاصة للحوار"The Universal Childhood Games "
-المشاركة في برنامج القوة العاشرة على قناة الMBC الذي كان يعده ويقدمه الإعلامي "جورج قرداحي".
*ما هي مشاريعك المستقبلية القادمة؟
**- المشاركة في معرض رواد الفن التشكيلي لدعم جمعية بسمة في حملتها التطوعية في دار الأسد.
-المشاركة في معرض الربيع الذي تنظمه مديرية الثقافة
-المشاركة في ملتقى الشباب العربي
أخيراً أجد أنه من الصعب ان يتحدث المرء عن ذاته وأن يسرد تفاصيل حياته دون سهو أو نسيان لبعض النقاط الهامة لكن ايماني بدوري في الحياة وحبي للآخرين ونشاطي وديناميكيتي كلها تزيدني قوة وتمنحني القدرة على اسعاد من حولي بالتالي إسعاد ذاتي والرضى عنها.