على أحد المسارح في دار الأسد للفنون والثقافة وقفت فرقة "كورال الشباب" من "أوزنابروك" ترتل موسيقاها وأغانيها برفقة أعضاء فرقة "أوركسترا الجاز السورية" التي تسعى لخلق أشكال تعاون جديدة مع الفرق الموسيقية الأجنبية العالمية.
موقع "eSyria" بتاريخ 26/9/2010 حضر الأمسية التي أحيتها كورال "أوزنابروك للشباب" من "ألمانيا" و"أوركسترا الجاز السورية" تحت عنوان "قداس نيلز لينبرغ" 1992 لفرقة الكورال والبيغ باند، وثلاثة مغنين منفردين بقيادة المايسترو الألماني "يوهانس راهة".
فرقة "أوركسترا الجاز السورية" أصبحت من خيرة الفرق السورية المواكبة لتطور الموسيقا العالمية، وإن لإحياء هذه الحفلات الأكاديمية دور كبير في خلق جيل موسيقي متابع ومتفهم للأنواع الموسيقية المختلفة المقدمة على المسارح العالمية
الحفلة أمتعت بتقديم عدة قطع موسيقية غنائية من الأغاني السيريانية، حيث رافق الموسيقا الصوت السوري "ريبال الخضري" الذي بدأ بأغنية "من لونبكي" ومن ثم طغى صوت ساكسفون "باسل رجوب" بين أرجاء القاعة مناشداً مجموعة من الموسيقيين الألمان الذين أتوا لإحياء حفلة مميزة في دار الأسد"، رافق العرض الموسيقي والغنائي مشاركة مجموعة كبيرة من الشباب والصغار الذين قدموا مشاركتهم بتراتيل القداس، كما تضمن برنامج الحفل مجموعة من الأغاني العربية والسريانية منها "واه حبيبي، أوسيو، تاونعدعيد".
أما الحضور فكان أغلبهم من طلاب المعهد الموسيقي والموسيقيين السوريين الذين لهم باع كبير في ممارسة الموسيقا السورية والعالمية، من بين الحضور التقينا بالموسيقي "نوري اسكندر" الذي كان منهمكاً في معرفة أسماء تلك القطع الموسيقية التي تنشر شذاها في المسرح، هنا يقول: «إن الحفلة لها طابع موسيقي خاص، فهذا النوع من الموسيقا له جمهور مختص يتابع كافة التفاصيل الموسيقية التي تقدم في الحفلة، إنها موسيقا شرقية غربية تعبر عن روح الحضارة والأرض، وتقدم المزيد من التقنيات والتكنيكات الموسيقية الجديدة التي دخلت الساحة من خلال مبدعين سوريين وأجانب، الحفلة له طابع موسيقي فريد وهي من الحفلات التي يجب أن ترفع من الذائقة الفنية والموسيقية لدى المتابع السوري».
أصابع "نارك عبجيان" خلف البيانو كانت ترنم لنا مقطوعتين موسيقيتين جديدتين بعنوان "أوسيو وتانعدعيد"، هاتان المقطوعتان اللتان فيهما الكثير من الحث الإبداعي والفني، هنا يقول السيد "معن ابراهيم" طالب موسيقي: «إن الموسيقيين المشاركين في الحفلة لهم خبرة كبيرة في تقديم نتاجهم وأعمالهم بطريقة احترافية، كما أن إدارة "يوهانس راهة" الموسيقي الألماني للحفلة تعتبر من الأشياء الرئيسية التي أعطت القوة والجرأة للموسيقيين بتقديم كل طاقتهم لإحياء مسامع الجمهور السوري بموسيقاهم الجميلة، مع العلم أن بعض المقطوعات كانت بالسيريانية القديمة إلى أن توزيعها من قبل "نارك" أعطاها طابعاً موسيقياً مميزاً وفريداً».
أما السيدة "أمل تويني" من الحضور فتقول: «فرقة "أوركسترا الجاز السورية" أصبحت من خيرة الفرق السورية المواكبة لتطور الموسيقا العالمية، وإن لإحياء هذه الحفلات الأكاديمية دور كبير في خلق جيل موسيقي متابع ومتفهم للأنواع الموسيقية المختلفة المقدمة على المسارح العالمية».
أما عن فكرة مشروع التعاون وتقديم الحفلة بين الفرقتين السورية والألمانية فيحدثنا الموسيقي السوري "هانيبال سعد" المدير والمشرف على الفرقة السورية: «نشأت فكرة مشروع التعاون بين فرقة "كورال أوزنابروك للشباب" وفرقة "أوركسترا الجاز السورية" عندما سأل "يوهانس راهة" في خريف عام 2008 "مايكل دراير" مدير مهرجان "مورغنلاند" إن كان يعرف فرقة بيغ باند جيدة يمكنها أن تقدم حفلة مشتركة مع فرقته، اندهش "مايكل دراير" إذ بدا وكأنه قد حضّر الجواب مسبقاً فقبل عدة أيام فقط قدمت فرقة "أوركستر الجاز السورية" وهي الفرقة الوحيدة الكاملة من نوعها في العالم العربي حفلة ناجحة كان لها وقع رائع لدى جمهور مهرجان "أوزنابروك"، هكذا وبلمحة عين اتفق الاثنان على مشروع التعاون الذي لا يتضمن فقط تقديم حفلة موسيقية مشتركة بين الفرقتين السورية والألمانية في "أوزنابروك" بل يشمل أيضاً حفلات تسافر من أجلها فرقة كورال الشباب من مدينة "أوزنابروك" إلى العالم العربي».
يتابع "هانيبال": «شارك في "ألمانيا" وأثناء التحضير لهذا المشروع المؤلف والعازف الفنلندي "فرانك كالبرغ" الذي يعيش منذ سنوات عديدة في "نيويورك" وله تجربة طويلة مع فرقة أوركسترا الجاز السورية، وعندما بدأ التخطيط لهذا المشروع طرح سؤالاً هاماً، ما المقطوعات الموسيقية التي يجب أن يتم التدرب عليها وتقديمها للجمهور فهناك عدد محدود من المقطوعات الموسيقية التي يمكن أن تناسب فرقة بيغ باند وكورال ومغنين منفردين؟».
أما عن المقطوعات فيقول "سعد": «واحد من هذه المقطوعات هو قداس الملحن السويدي "نيلز ليندبرغ" 1933 الذي درس التأليف الموسيقي الكلاسيكي في المعهد العالي الملكي في "استوكهولم" واشتهر فيما بعد كمؤلف لموسيقا الجاز، حيث استعمل في القداس الذي لحنَّه عناصر من الموسيقا الفولكلورية السويدية والهارموني الغريغوري وموسيقا الجاز، مبدعاً بذلك انطباعات صوتية مؤثرة جداً، وهنا قدمنا القداس الغربي في الجزء الثاني من الحفلة بينما قدمنا في الجزء الأول ثلاث مقطوعات موسيقية سريانية كأمثلة على الموسيقا المسيحية القديمة في سورية ومقطوعة "واه حبيبي" لفيروز التي قام الملحن "فرانك كارلبيرغ" بإعادة توزيعها، كذلك قام بتوزيع القطعة السريانية "من لو نبكي"، ويعتقد بأن المقطوعات السيريانية "أوسيو وتاونعدعيد" تعود على الأرجح إلى القرن الرابع للميلاد، أعاد توزيعها عازف البيانو وقائد أوركسترا الجاز السورية ناريك "عبجيان"».
من الجدير بالذكر أن هذا الحفل تم بالتعاون مع "الجاز يحيا في سورية" والهيئة العامة لدار الأسد للثقافة والفنون وبدعم كل من وزارة الخارجية الألمانية، ووزارة الثقافة في سورية، معهد غوته في "دمشق" و"عمان" وجمعية "صدى" لدعم الموسيقا.