«ترتبط لوحات "علي قاف" وصوره الفوتوغرافية وأفلامه من خلال عمليات ذهنية وتركيبات داخلية يتواصل بعضها مع بعض، يربط "قاف" في لغته الفنية عوالم حياة شخصية ما بين "دمشق، بيروت، برلين"، حيث درس لدى "مروان قصاب باشي" و"ربيكا هورن" في المدرسة العليا للفنون». هذا ما يقوله الفنان "ألكسندر فون شتوش" في حديثه عن "قاف" والغبار الذي يتواجد على لوحاته.
موقع "eSyria" وخلال متابعته لأعمال الفنان السوري المغترب التي عرضت في غاليري "رفيا" بدمشق التقى عدداً من الفنانين الذين تحدثوا عن العمق الفني الموجود بأعمال "قاف"، هذه الأعمال التي لوّنت بالأسود والأبيض وطرحت مفهوماً جديداً على الساحة الفنية هنا.
الفيلم ضمن مجموعة الأعمال الأخرى وكلاهما يشكل ثنائية فنية بالمعنى الجوهري الأساسي للعمل، فهما علاقة معلقتين يعملان على تشكيل عبارة عن علاقة عبثية غير ممكن الاندماج أحدهما بالآخر لأنهما من معدن
يقول الفنان "ألكسندر فون شتوش" في حديثه عن أعمال "قاف": «تبدو أعماله أصلية قديمة، يساعد على إظهارها كذلك استخدام عناصر أساسية مثل النار، ولكنها أيضاً بتفسير سياسي معاصر جداً، إنها لعبة برموز ونماذج أصلية، بالإشارات وبالسؤال عن استقلاليتها، إذ إن الأمر يتعلق بالسؤال عن الشكل وامتلاكه بالقوة ومن ناحية أخرى بالتلقي، إن الاستخدام المرّكز للأسود كلون، أو بتعبير أفضل كمادة عمل فنية في صورة فحم واصباغ وسخام وكذلك الحبر الصيني والرصاص، يعني بالنسبة للرسم ملء المساحة بشكل لا يمكن التراجع عنه، دون ترك مجال لتصحيحات في اللوحة أثناء إنجازها، تتجاوز نقطة انطلاق "علي قاف" المساحة إلى المكان، يعالج الشكل الأسود بقلم رصاص لامع فتتكون تركيبات وبنى مختلفة».
أما عن الرموز والإشارات الفنية فيقول "ألكسندر": «تبدو أعمال الفنان "علي قاف" المبتكرة مثل طِرْس، اللعبة المعقدة بالرموز والإشارات الفنية، ربما يكمن المدلول في مكان آخر تماماً، في خطاب حول معنى الوسيلة نفسها، حول إمكانية المكان في الرسم وبذلك حول الانفتاح على فضاء الناظر التجريبي، يدعم هذا التفسير غير الواضح من النظرة الأولى بالحجج، عندما ينظر المرء إلى "اللوحات السوداء المعالجة بالنار"، التي تتفتح أشكالها البدائية القاتمة في الوسط من خلال قوة اللهب المستخدمة لهذا الغرض، يشير الأساس التحتي الأسود إلى الأبعاد الملموسة الخاصة لهذه الأعمال الورقية البسيطة في الواقع».
يتابع: «ماذا، عندما لا يعود هناك أي شيء؟ ماذا كان قبل أن يكون هناك شيء؟ أسئلة وجودية معرفية نظرية، تلح أثناء النظر إلى هذه الأعمال، ثقوب سوداء؟ مادة متسعة؟ ربما نرى أنفسنا هنا بمواجهة مجموعة من المشاكل التي تتعلق بالأسئلة الأساسية للبشرية ضمن سياق المعارف العلمية في القرن الحادي والعشرين».
الابيض والأسود كانا اللونين الوحيدين في لوحاته، هنا تقول السيدة "سعاد منيف" من الحضور: «حضور اللونين الأسود والأبيض له قوة كبيرة، كما أن الظلال التي رافقت اللوحة كان لها دور كبير في توضيح عملية التدريج من خلال هذين اللونين، هي تجربة جديدة ومهمة جديرة بالمتابعة والاهتمام.
الفنان "نبيل السمان" عن رأيه بالمعرض يقول: «العمل له طابع خاص ففي كل لوحة تجد عوالم خاصة ومختلفة، وكأنه عمل على عدة أبعاد، ففي اللوحات عمق لوني آخر، ومستويات عديدة للعمل الفني، فالأبيض والأسود لونين أساسيين يعمل عليه كل الفنانين، ولكن هنا نجد أنهما اللونين الوحيدين في اللوحة وعمل عليها الفنان بالتدريج وبطريقة احترافية خاصة، كما أن عنوان المعرض "الغبار" له علاقة قوية ببيئة الفنان وعلاقته باللون واللوحة».
الفنان "علي قاف" المقيم في "برلين" يحدثنا عن الغبار في لوحاته وعرض الفيديو المرافق لها، فيقول: «الفيلم ضمن مجموعة الأعمال الأخرى وكلاهما يشكل ثنائية فنية بالمعنى الجوهري الأساسي للعمل، فهما علاقة معلقتين يعملان على تشكيل عبارة عن علاقة عبثية غير ممكن الاندماج أحدهما بالآخر لأنهما من معدن».
عن التقنية المستخدمة في اللوحات يقول "قاف": «التقنية هي الحامل للوحة الفنية، فالمهم الفكرة التصويرية التي ما وراء العمل، فأنا أعمل على الورق الذي يمتلك الهشاشة والحرية في التعامل مع السطح، وهذا مرتبط بعملي ورغبتي، فالسطح الذي اختاره أفكر بأن يكون ملائماً لفكرة العمل، أما التكوين فهو نتيجة عمل متواصل عبر الأعوام المتتالية، فالفن التشكيلي لغة بصرية متكاملة بحد ذاته».
من الجدير بالذكر أن الفنان "علي قاف" الذي ينتمي إلى عائلة تقطن في محافظة "السويداء" ولد في مدينة "وهران" الجزائرية عام 1977 حاصل على دبلوم الدراسات العليا من معهد الفنون الجميلة بالجامعة اللبنانية في "بيروت" أقام عدداً كبيراً من المعارض الفردية والمشتركة داخل سورية وخارجها حاز خلالها مجموعة من الجوائز المهمة آخرها جائزة المقتنين الشباب من متحف الفن المعاصر في مدينة "روما" الإيطالية.