يتلمس كل من حضر مسرحية "كلاكيت" الوجع الكامن في نفوس كل الشخصيات التي كانت على خشبة المسرح، أيا كان موقعها أو انتماؤها، فالحالة الإنسانية التي كشف عنها العرض ودخل في أعماقها عملت على كشف المستور بين القامع والمقموع وكل له ألمه.
موقع eSyria حضر وقائع الندوة النقدية التي تناولت العرض على هامش مهرجان "دمشق المسرحي" في دورته الخامسة عشر، ورصد حولها الآراء والمواقف التالية:
إن ما شاهدناه في العرض من حالة القهر الذي وقع على المرأة، من ذراع السلطة السياسية والذي تبين أنه مقموع أيضاً، وفي السياق الدرامي نجد المصالحة بين هتين الشريحتين، ويذكرني هذا العمل بمضمونه بدراسة الدكتور "مصطفى حجازي" في كتابه "سيكولوجيا الإنسان المقهور"
السيد "يعقوب البيطار" مدرس متقاعد، يقول: «إن ما طرح في العرض كان جميلاً، وحبّذا لو كانت تسمية العمل "صرخات" لتكون ذات دلالة على ما جاء في العرض، إن كتابة النص وإخراجه من نفس الشخص قد يكون شيئاً إيجابياً لأنه أدرى بالنص وما يحتاجه من رؤية إخراجية، فالكاتب والمخرج حرص أن يقدّم لنا صرخة احتجاج على موضوع الاستبداد والتسلّط في كل المجالات، ولكن يبدو لي أن عصاه على المدرّس بدت لي أطول قليلاً من عصا المدرّس على طلابه، والممثل أجاد في تأدية دوره بإبراز ذات المعلم المتضخّمة وتسلطه وأحاديته في الخطاب، نجح المخرج في إظهار التباين والتناقض الصارخ ما بين الشعارات القومية والوطنية المدوّية والتي لا نشك في صحتها وبين واقع الإنسان ومعاناته وحالته التي يرثى لها، المسرح بالطبع وإن كانت مهمته إطلاق المقولات وأن يكون له هدف وغاية تهذيبية، أقول أن المسرحية اقتربت من الشكل التوجيهي التربوي».
أما الشاب "أنس الصحن" فقد عقب بالقول: «عرض الدكتور "تامر العربيد" كان نخبوياً، لم يقترب من الشريحة الواسعة من الجماهير، لا يمكن فهم هذا العرض وتقبله من عامّة الناس، والقسوة على الأساتذة مبررة، لأنني عانيت من هذه القسوة وخاصةً في المرحلة الابتدائية، والأداء يجب أن يكون حاد ومباشر ليعطي تأثيراً ملموساً بشكل أكبر».
لكن الدكتور "نادر القنّة" باحث ومدرس مسرحي وناقد فقد أضاف: «العرض يدخل تصنيفياً ضمن أطر مسرح "الكاباريه السياسي"، لكن إلى أي درجة يمكن أن تستحضر هذه الجرعة، هذه تكون محكومة إلى فكر "تامر العربيد" وإلى سلسلة المسرحيات التي قدمها سابقاً، لكني أشتم من هذا العمل رائحة "الكاباريه السياسي" الحاضرة بقوة، كل نقد على خشبة المسرح موجود ومتاح، نقدٌ للذات، نقد للمؤسسة الاجتماعية الاقتصادية السياسية،.. الخ، هناك هرمٌ متدرج لا يترك أحداً إلا وينتقده ضمن هذا النظام في المؤسسات، هذا العرض يضع القاعدة الشعبية وهي في أقصى أقاصي "البروليتاريا" مع السلطة "الديكتاتورية" "البراغماتية" في أعلى هرميتها، ويضع الجميع في مطحنة واحدة لتدور دائرة الأحداث».
الآنسة "دلال السواس" قالت: «إن ما شاهدناه في العرض من حالة القهر الذي وقع على المرأة، من ذراع السلطة السياسية والذي تبين أنه مقموع أيضاً، وفي السياق الدرامي نجد المصالحة بين هتين الشريحتين، ويذكرني هذا العمل بمضمونه بدراسة الدكتور "مصطفى حجازي" في كتابه "سيكولوجيا الإنسان المقهور"».
وفي الختام تحدث الدكتور "تامر العربيد"، فقال: «أريد الحديث على "كلاكيت" بمعناها الإنساني، "كلاكيت" ليس عملاً مسرحياً استعراضياً لأكثر من البعد والهم الحقيقي، الذي تحكي عنه وهو وجع الإنسان، "كلاكيت" رسالة البوح لهم ووجع إنساني لا يمكن سحبه على مكان واحد، بقدر ما يشبه معاناة الإنسان العربي أولاً والإنسان بشكل عام، كونه مرتبط بمشروعية عيش الإنسان وحقه في أن يشعر بإنسانيته وبعيش كريم، ضمن هذه الرسالة وهذا البوح كانت الفكرة بصياغة "كلاكيت"، وعندما كانت "كلاكيت" وهو مصطلح صورة جاء من السينما ومن ثم التلفزيون، إنما لماذا "كلاكيت" في هذا العرض؟.. لأن ما يقدمه عبارة عن قطع أو قص أو وجع في حياة ومسيرة هذه الشخصيات، لهذا قلنا أن هذا العمل كلاكيت"، لا شك أن كل "كلاكيت" هو صرخة ووجع وبوح وقطع، ولكنه بالنهاية كله يقدم حالة إنسانية غايتها أن نبني تركيبة من العلاقات والسلوكيات التي نشأت وبدأت مع شخصيتين يشبهون الإنسان وكلٌّ في موقعه، نحن في المسرح نذهب للدلالة الدرامية المبررة».
وأضاف حول موضوع المدخل الفانتازي: «الثلاثي الذي رأيناه هم فزاعات موجودة في الغابة، وكون الحدث يدور في الغابة فقد ذهبنا لتيمة لها دلالاتها، فكل عمل يحكي عن الفزع والخوف الموجود لدى الإنسان، وهذه الفزاعات مبررة لحالة الفزع كوننا دخلنا إلى مكان تتواجد به، وبعدها رأيناهم في أكثر من مفصل تارةً بشكل واضح وتارةً أخرى على شكل شبحي أو بحضور خفي، ولكنهم كانوا دائماً دلالة على حالة الفزع والخوف، فالمعلّم في العرض كان فزاعة، والمسؤول فزاعة..إلخ».