أعمال فنية جديدة في تقنية إنجازها وفي صياغتها، قدمها الفنان التشكيلي "أسامة دويعر" هذه الأعمال المرسومة بـ"الماوس" كأداة رسم على "الكمبيوتر" بدلاً من الأدوات التقليدية في السم كالريشة والسكين وغيرها.
موقع eSyria التقى الفنان في معرضه وأجرى معه حديثاً حول هذه التجربة فقال: «هذه التجربة مضى عليها عامان وأنا أقوم بعملية التجريب، وأنا أصر على عملية التجريب في العمل الفني، لأنه من خلالها سوف نجد مبرراً وأثراً فنياً قد يلقى صدى عند المتلقي، هذه التجربة خضعت إلى مجموعة مراحل، واستطاعت أن تصل إلى هذه المرحلة من خلال اللون والتكوين، وأدنى الصور وأبسط الأفكار هي عبارة عن حالة خلق انفعالي من خلال الطاقات المستهلكة الموجودة لدى الفنان، وبالتالي هذا التكنيك المستخدم في العمل الفني فريد وجديد في المشهد البصري والتشكيلي أيضاً، وسوف يثير جدلاً تشكيلياً في الفكر التشكيلي، عملياً أن تتعاطف أو لا تتعاطف مع هذا العمل هو بالنهاية خاضع لمجموعة حالات لدى الذائقة البصرية والثقافية والفنية لدى المتلقي».
أننا أمام رؤية جديدة في الفن التشكيلي، وطرح تكنيك جديد، وأسامة قدم حياكة ممزوجة ما بين عدة تقنيات، وهذه الصيغة تقدم لأول مرة في سورية، وهذه جرأة من "أسامة" في أن يقدم أعمالاً منفذة بتقنية الكمبيوتر، أما بالنسبة للموضوعات فمن الواضح أن "أسامة" لديه زخم فكري وتحليل فلسفي للنواحي التعبيرية والإنسانية الموجودة في أعماله
وعن دور "الكمبيوتر" في هذه العملية، يوضح "أسامة": «كان "الماوس" هو الأداة المستخدمة في الرسم بعكس الريشة وأصابع اليد المستخدمة في العمل التشكيلي، وبالتالي أن تستطيع أن تتغلب على هذه الأداة العجيبة لخدمة العمل الفني فأعتقد أنه سوف يثير كثيراً من التفاصيل وكثيراً من التساؤلات، والتساؤلات هي مفتاح المعرفة، والمعرفة لسبر أغوار المناجم الجديدة، وبالتالي لا بد من تهديم هذه الصخور لشق منجم جديد، عملياً هي بالنهاية آلة، ولكن هذه الآلة وظفت لمصلحة العمل التشكيلي».
وسألناه أين يمكن أن تضع هذه الأعمال من حيث التصنيف التشكيلي، فأجاب: «لا نستطيع إخضاعها لتصنيف محدد، إن كان بـ"الغرافيك" أو في الفن التشكيلي بالشكل العام أو في مجموعة التصنيفات الفنية، أعتقد أن هذا يصنف باتجاهات الفن الحديث، والتصنيفات سابقة الذكر أصبحت غير موجودة، وخاصةً أننا نعيش في مجتمع مادي والمادة تسيطر على كل شيء، وهذا الطغيان في المادة استطاع أن يصل إلى اقتحام عالم اللون، وبالتالي يبقى بالنهاية إحساس اللوحة في الحالة التشكيلية في العمل».
وتابع حديثه عن فكرة المعرض، فقال: «عملت على موضوع "مديح المطر والجنون" لشيء جنائزي يعتمد معادلتي الحب والموت، وأنا رسمت هذا العمل وقدمته لتأبين أحلامي الشخصية، انكسار الطموحات وهزائمها يترك الكثير من الخدوش النفسية، أنا أقول كما يوجد مآتم في الحب يوجد مآتم للموت، ونحن علينا الابتكار في النهاية واستهلاك الكثير من الطاقات حتى نصل إلى هذا النشيد، وهو بالنهاية مجموعة من الأحلام الخاضعة لآفاق عواطف وأحاسيس وانفعالات نفسية».
وأضاف عن الملاحظات العامة حول هذه التجربة: «ألاحظ أن الانطباعات الحالية الموجودة فيها نوع من الصدمة، وبالتالي أنا مع هذه القيمة الصادمة في العمل الفني، أنا لم أرَ سابقاً ولم أشاهد من أقدم على هذه التجربة، وأعتقد أنها فريدة من نوعها، وفرادتها ستترك أثراً في المشهد التشكيلي والثقافي، أنا أريد من المتلقي أن يقف حائراً وتائهاً أمام اللوحة، فاللوحة تنزعج إذا لم يتم سؤالها وأخذ رأيها بمجموعة التساؤلات المطروحة فيها».
وأجاب عن سؤالنا بوجود هواجس لديه بأن يستسهل العمل في هذه التجربة فيما بعد، فقال: «ليست هذه مشكلة، وليس عندي هواجس بهذه المسألة، لأني أعتبر أن هذا المجال ضمن تيار التشكيل الهائل والمذهل، وكل تجربة لها ملامحها المتنوعة والمختلفة، وبالتالي لكل تجربة خصوصيتها، وكل إنسان له بصمته الخاصة، هناك من يستطيع أن يتعامل بنفس الروح وبنفس التجربة مع كل المسائل الموضوعة، وبالتالي لا بد أن تكون لكل شخص تجربته الخاصة»
وأخيراً أتى جوابه على ملاحظتنا بأن هناك دلالة معينة لأخذ الشكل المربع في كل أعماله: «نعم، لأنه من المربع خرج الإنسان، وهو أساس نسب كل الخلق، فنحن إن عددنا العناصر الأربعة وهي الإنسان والنبات والحيوان والجماد، وإذا أخذنا الطبائع الأربعة وهي الحرارة والبرودة والرطوبة والجفاف، وإذا أخذنا الأعداد الأربعة واحد اثنان ثلاثة أربعة، وإذا أخذنا الأشكال الهندسية الأربعة، الدائرة والمثلث والمربع والمخمس، فالمربع مقصود بهذا العمل لأنه من المربع خرج الإنسان».
الفنان التشكيلي "عبد السلام عبد الله" يقول: «أننا أمام رؤية جديدة في الفن التشكيلي، وطرح تكنيك جديد، وأسامة قدم حياكة ممزوجة ما بين عدة تقنيات، وهذه الصيغة تقدم لأول مرة في سورية، وهذه جرأة من "أسامة" في أن يقدم أعمالاً منفذة بتقنية الكمبيوتر، أما بالنسبة للموضوعات فمن الواضح أن "أسامة" لديه زخم فكري وتحليل فلسفي للنواحي التعبيرية والإنسانية الموجودة في أعماله».
أما الفنان التشكيلي "منصور حناوي" فقد قال: «في المعرض هناك صيغة جديدة علينا، لكنه بالنسبة لدول أخرى وبالنسبة لأوروبا بشكل عام فهي موجود منذ زمن، ولكن عرضه بهذا الأسلوب هنا وبمجال الكمبيوتر وما شابه فأعتبره موضوعاً جريئاً جداً من الفنان "أسامة"، وكيف يكون الشخص مقداماً في الخطوة الأولى، فهذه الخطوة الصعبة جداً ويجب أن يتخللها القليل من الحذر، فـ"أسامه دويعر" جمع الثقافة والتكنيك ومقومات اللوحة بنفس الوقت، هذه خطوة جميلة باعتباري وتحسب له».
لكن الممثل الفنان "مهند قطيش" يقول: «"أسامة" فنان بكل معنى الكلمة، سواءً بحياته الشخصية أو بعمله، ونتمنى أن يعمل أسامة في كل سنة معرضاً لأن مخزونه لا ينضب، ولكن للأسف زحمة الدنيا وظروف الحياة تجعل الشخص يبتعد أحياناً، ولكنه في هذه التجربة الجديدة والتي يراها الشخص لأول مرة، يجعلنا نتفاءل بإمكانيات توظيف الكمبيوتر بشكل صحيح وواعي ليصل بها إلى هذه الصياغة الفنية».
وأضافت الفنانة "مريم علي": «أسامة دويعر فنان شفاف يعمل كثيراً بصمت، معرفتي به من خلال علاقته مع المعهد العالي للفنون المسرحية، فكان من الملاحظ بأنه قليل الكلام كثير العمل، إضافة إلى أنني أحس دائماً أن انفعالاته داخلية ونادراً ما تطفو على السطح، يفاجئني بعمق ثقافته ومعرفته. وكانت المفاجأة بهذا المعرض وهذه التقنية المرتبطة بالمعاصرة والحداثة في آن معاً».
وأخيراً السيدة "رائدة سميسم" تقول: «المعرض مهم على مستوى البصري، وأهميته أيضاً في أنه عمل فتحاً في مجال جديد على المستوى التشكيلي والمرتبط بالتكنولوجيا والحداثة ومنطلقة من ذهنية منفتحة، ولكني لا أدري كيف سيكون التقييم العام لهذه التجربة ومثيلاتها في المستقبل، حيث أنه يمكن تكرار العمل عدداً لا متناهي من المرات، وهذا يضع قيمة العمل الفني تحت إشارة إستفهام».
والجدير ذكره أن الفنان "أسامة دويعر" حاصل على إجازة من كلية الفنون الجميلة، قسم الاتصالات البصرية 1984، جامعة "دمشق". له العديد من المعارض الفردية والعديد من المعارض والمساهمات المشتركة، مصمم "سينوغرافيا" لمجموعة من الأعمال المسرحية منذ عام 1989 وحتى 2009. إشراف فني لمجموعة من أعمال المسرح القومي، مصمم غرافيكي لمجموعة من بوسترات المسرح القومي، مصمم أزياء لمجموعة من الأعمال المسرحية، مصمم هندسة مناظر وديكور لمجموعة من الأعمال التلفزيونية والسينمائية.