بين الاغتراب والوطن يرسم الفنان والمهندس "أحمد حاج مراد" عالمه المكون من اللون والحياة، فيتنقل عبر إقامته في "انكلترا" ليحول تلك الذكريات إلى عالم خاص به يخلق من خلاله الوطن بلون يخصه.
موقع "eDamascus" التقى الأستاذ "أحمد حاج مراد" خلال زيارته لسورية، ليحدثنا عن عمله وذكرياته في المغترب، فيقول: «درست البكالوريا في سورية، والهندسة المعمارية في "إيطاليا" بجامعة "فلورانس"، ومن ثم اختصصت في تخطيط المدن في جامعة "ميلانو"، وعملت في مكاتب هندسية عدة ومهمة على المستوى العالمي، كما درّست في الجامعة لمدة عام ولكن لم يعجبني طريقة التدريس لأنها تأخذ من الشخص الكثير من الوقت، كان معظم عملي في العمارة حتماً سواء في "إيطاليا، فرنسا أو سويسرا"، وفي المدة الأخيرة في "انكلترا"، في هذه المرحلة عملت مشاريع ومسابقات عالمية لأن المكتب الذي عملت فيه كان مكتب يشكل مركز إنتاج فني على مستوى عالي، وكانت أعمالنا تنشر في المجلات المعمارية العالمية، وشاركت في أهم عمل في "فلورانس" في متحف النحات الشهير العالمي "مارينو ماريمي"، هذا المتحف الذي عملت فيه ثمانية سنوات، وهو عبارة عن كنيسة منذ 1200م وتحولت إلى متحف».
معظم الأعمال التي انجزتها في "فلورانس" عبارة عن تقويم للمباني القديمة إلى الجديدة، لأنه في "فلورانس" لا يسمح بأن تنشأ شيئاً جديداً لطبيعة المنطقة التراثية والاثرية، وللمحافظة على التراث، وفي "لندن" عملت في الفلل سواء من الداخل أو الخارج، كما عملت معارض هندسية عدة
أما عن هوايته في الفن التشكيلي فيقول: «الصعوبة هنا هو التحول من القديم إلى الشيء الحديث، فطوال هذه الفترة كان الفن في دمي ولم اتركه، ففي وقت الفراغ والعطل الصيفية كنت دائماً أرسم وأشكل، البداية كانت في "حلب" حيث بدأت أرسم وكان عمري 12 أو 13 سنة، خاصة في شهر رمضان كنت أجلس لوحدي وأرسم، وتعلقت كثيراً بجو مدينة "حلب"، وبما أني ولدت في الأحياء القديمة كانت أول لوحة لي سوق "حلب" القديم، فسوق "حلب" قديماً كان يعج بالأشكال والألوان وما زال حتى الآن كذلك، ولكن في ذلك الوقت كان الحرير وألوانه تشدني، كأسوق القطن وسوق الخيطان، وأرى تلك الألوان تعج بالتفاصيل التي تشدني، كنت أقف لساعات وانتظر لأن تغيب الشمس ويتغير اللون لأرسمها، فكل ألواني باعتقادي أخذتها من طبيعة "حلب" عندما كنت صغيراً، ومن ثم التطور كان وقت وصولي إلى "ايطاليا" حيث أثرت طبيعتها علي من ناحية الألوان، فأنا في "ايطاليا" منذ خمسين عاماً، لم يكن هدفي الأول هناك أن أدرس الهندسة بل كانت دراسة الفنون الجميلة، ولكن درست الهندسة وعشت في نفس الجو، وميولي إلى الرسم جعلني أن أكون دائماً في ذلك الجو ولم ابتعد عنه، ومن ثم بدأت أعرض أعمالي في سورية».
يتابع: «في الفترة الأخيرة بدأت أقلل اهتمامي في الهندسة وأردت من ذلك أن أكرس وقتي للرسم وأخذ المشاريع التي تهمني، وصلت إلى مرحلة استطيع فيه أن أختار رغبتي وميولي واتجاهاتي الفنية، وهذا غاية الشخص في حياته، الشيء الذي يجعلني أنتج هو أني لا أحضر التلفاز أبداً لأنني اعتقد أنه ضياع للوقت، حيث أقضي وقتي في الرسم أو مع الأصدقاء، وعندي منزل في الريف هناك استمتع في العناية بحديقة المنزل فيه، لأني اعتقد أن لدى الإنسان الوقت الكافي للإنتاج إذا ابتعد عن الأشياء الملهية كالتلفاز وغيره، لذلك انتجت في هذه الفترة الكثير من اللوحات والمشاريع».
عن مجال عمله في الهندسة المعمارية يقول: «معظم الأعمال التي انجزتها في "فلورانس" عبارة عن تقويم للمباني القديمة إلى الجديدة، لأنه في "فلورانس" لا يسمح بأن تنشأ شيئاً جديداً لطبيعة المنطقة التراثية والاثرية، وللمحافظة على التراث، وفي "لندن" عملت في الفلل سواء من الداخل أو الخارج، كما عملت معارض هندسية عدة».
أما عن سبب إقامته لمعرضه الأخير في "دمشق" بغاليري "مصطفى علي" يقول: «سبب إقامتي للمعرض في "دمشق" كان عبارة عن صدفة، فقد شجعتني ابنة أختي "عبير حكيم راعي" والتي لها نشاطات ومعارض هنا، وهو نوع من الوفاء لسورية الأرض والوطن بعد كل هذا الشوق والحنين، وطبعاً هنا للغربة دور في اللوحة والشوق إلى البلد وخاصة علاقتي مع الادب والشعر العربي الذي لم أتركه حتى الآن، وحتى عندما تنظر إلى أعمالي في مجال الهندسة ترى الحس الشرقي فيه».
من الجدير بالذكر أن الفنان "أحمد حاج مراد" حاصل على الدكتوراه في الهندسة المعمارية من جامعة "فلورنس" "إيطاليا"، ومتخصص في تخطيط المدن من جامعة "بولي تكنيك ميلانو"، بعد عمله كمدرس في كلية الهندسة المعمارية قسم تخطيط المدن في "فلورنس" عمل في أهم المكاتب الهندسية في "فلورنس"، حيث شارك في عدة أعمال معمارية في "إيطاليا" وأوربة كان من أهمها إنجاز متحف للفنان الإيطالي "مرينو مريني".
ولا يزال يمارس مهنته كمهندس معماري في عدة من الدول الأوروبية "إيطاليا، لندن، سويسرا وباريس"، وقد عمل على تطوير هوايته التي لازمته منذ الصغر في مجال التصوير والرسم ما جعله يمتلك مخزوناً فنياً واسعاً أراد أن يعرض جزءاً منه في وطنه الأم سورية بعد غربة دامت أكثر من 40 عاماً كما يقول.