موهبة فنية نمت وترعرعت في وسط مفعم بالفن بكافة أشكاله، حتى أصبح الفن جزءا من حياته اليومية الذي لا يفارقه.
الفنان "سعيد طراد" الذي التقاه موقع eSyria ليحدثنا عن مسيرته الفنية التي مازال يبحث فيها عن حبائل النور التي يتعلق بها لتوصله إلى النجومية التي يحلم بها يقول: «ظهرت لدي موهبة الفن في طفولتي، وكان أشدها ظهوراً الصوت والغناء، حيث بدأت أغني في النشاطات الاجتماعية، والرحلات، التي نقيمها مع الأصدقاء، غنيت لكبار المطربين العرب الذين لهم بصمة كبيرة في الوسط الفني، كما تميزت في دراستي الأولى في الرسم وتعلقت بالفن الذي دعاني لدخول كلية الفنون الجميلة في جامعة دمشق بعد أن أنهيت دراستي الثانوية، وأثناء دخولي إلى الجامعة أصبحت لدي فرصة كبيرة ومقومات عديدة للتطور في مجال الفن، حيث كنت من الذين يدرسون الفن عن قناعة به، وأردت أن استثمر جميع العوامل المتوافرة للوصول إلى هدفي، فكان معظم أصدقائي في الجامعة ممن لهم ثقافة فنية، حيث أستفيد منهم في تنمية خبراتي الفنية، وأبادلهم الفائدة في المواضيع الفنية المتعلقة بدراستنا، وهذا ما أتاح لدي فرصة للدخول في الوسط الفني».
من خلال علاقتي به أشعر بأن كلماته قريبة من قلب الجمهور، ويطرق بها أشياء ملموسة بعيدة عن الخيال، وهذا ما يميزه عن غيره من كتاب وملحني الأغاني السورية
** تخصصت في مجال الإعلان الذي فتح لدي آفاق كبيرة في المجال الفني، وبدأت تتوافد على فكري العبارات الفنية والغنائية، دون معرفة مسبقة أشبه بالفطرة، وبدأت بدراسة آلة العود، وعلى أوتاره، بدأت أكتب أولى الأغاني التي لحنتها فيما بعد، عندها تطورت خبرتي على العود ونمت آلية الإبداع الفني، حيث رأيت أن هناك زيفا في صناعة الأغنية العربية، وبما أن الرسم على صلة وثيقة مع الغناء، فالرسم يعطيك فرصة لتذوق اللحن الموسيقي، كما أن هناك ميزة للقسم الذي أدرسه وهو الإعلان فهو فكرة لا تحتمل الوقت الطويل لإنتاجها، وعندما تمتلك مهارات الإعلان تستطيع أن تخرج بالأغنية دون عناء، وكثيراً ما استفدت من التسويق في مطلع الأغنية التي أكتبها، حيث يتميز التسويق بفكرة لفت نظر الجمهور المتلقي وكذالك الأغنية، فنجاحها يبدأ من كسب رضا الجمهور منذ البداية».
** «تعلمت فلسفة الفن ليس من الشاشات، أو ما يعرض من أغاني، بل من الجانب المادي للفن الذي جعلني لا أخذ من الثقافة الفنية الموجودة، بل من نبع الثقافة وهو المجتمع، والإنسان، فهو وراء إبداعي الفني، فمن خلال علاقتي بالمجتمع والتوافق مع الجيل الذي كتب له، وثقافته وطبيعة الحياة التي يعيشها، ومواكبة التطورات الحاصلة في المجتمع، جعلتني أكثر معرفة بمن أتوجه له بكلماتي وألحاني، وهذا هو مصدر نجاحي».
** في نهاية دراستي الجامعية بدأت بكتابة الأغاني الوطنية، والشعبية، وتلحينها، وبعدها سافرت إلى "أوروبا" وتنقلت بين العديد من الدول الأوروبية وأسست فرقة موسيقية، وأحييت الكثير من الحفلات الموسيقية، في تلك البلدان، ودخلت إلى أكبر المسارح في "سويسرا"، بقيت هناك لمدة أربع سنوات، فهمت في "أووربا" طبيعة المغترب، وما الأغاني التي تلامس حياته، فكتبت مجموعة من الأغاني التي تلامس حياة المغترب وأوجاعه من خلال مقتطفات من الحياة اليومية التي يعيشها في بلد الغربة، كما توضحت لدي عبقرية الغناء العربي وميزاته، التي تختلف عن الغناء الغربي، فالفرق بين الغناء العربي والغناء الغربي، أن الموسيقا الغربية أكثر تعبيراً عن الحالة التي يعيشها الفنان، بينما الغناء العربي يمتاز بمعانيه وأنواعه مثل الطرب التي لا يعرفها المجتمع الغربي».
** عدت محملاً بثقافة غنائية مختلفة عن ما يوجد في البلاد العربية، وبدأت بعدها بكتابة الأغاني التي تستمد موضوعها من البيئة والريف والمجتمع، الذي كان وما زال المادة الأساسية في مسيرتي الفنية، وحاولت الظهور إلى الوسط الفني من خلال مشاركتي في مهرجان الأغنية السورية الخامس، حيث التقيت الفنان "دريد لحام" الذي أتاح لي الفرصة بالمشاركة في هذا المهرجان، وكانت الأغنية المشاركة بعنوان "حلوة يا بلدي"، وكان أول ظهور لي على وسائل الإعلام فقمت بتشكيل فرقة موسيقية، وشاركت في مهرجان الأغنية السورية السادس بأغنية بعنوان "من يوم يومي" حيث عملت في هذه الأغاني على لون "الدبكة" وكانت هذه الأغاني أمثلة لمشاريع بحث في مجال أغنية الدبكة، فكتبت كلماتها بطريقة مختلفة عن الكلمات التي يكتبها الشعراء، كما قدمت الأغنية بسيناريو جديد، وقدمت مجموعة من الأطروحات التي حاولت أن أحسن مستوى الغناء فيها، من خلال مشاهداتي لبعض الثغرات التي تواجه الأغاني المنتشرة، ولكن لم ينتبه أحد إلى هذه الإطروحات التي قدمتها، لكنها لم تكن إلا نتيجة دراسة وبحث علمي ممنهج».
وعندما لم أجد من يتبنى مشروعي الفني في "سورية" سافرت إلى "لبنان" لعلي أجد من يسوق لي هذه الأغاني فعملت مع شركات الإنتاج الفني، حيث واجهت شروطا إنتاجية صعبة جداً، ولم يكن بمقدوري الموافقة على مثل هذه الشروط بسب ضعفي المادي، ومازلت أبحث عن جهة فنية تتبنى أنتاجي وتطرحه على طاولة النقاش حتى أتمكن من إيصال أفكاري إلى الوسط الفني».
وعن الخبرة الفنية التي يتحلى بها الفنان "سعيد طراد" سألنا المطرب الشعبي "رائد مرة" الذي حدثنا قائلاً: «يمتاز "سعيد" بكلماته الرقيقة التي تشعرك بأنها تخرج من لب الواقع وتلامس حياة المجتمع، وهي من النوع الرقيق الذي لا يدخله تكلف أو زيف، كما أنه يستطيع أن يوائم بين الكلمة واللحن من خلال حسه الفني الرفيع».
كما التقينا الفنان "جوزيف حلاق" الذي يقول عن الفنان "سعيد": «من خلال علاقتي به أشعر بأن كلماته قريبة من قلب الجمهور، ويطرق بها أشياء ملموسة بعيدة عن الخيال، وهذا ما يميزه عن غيره من كتاب وملحني الأغاني السورية».
يشار إلى أن الفنان "سعيد طراد" من مواليد مدينة "دمشق" عام 1962 خريج كلية الفنون الجميلة في جامعة "دمشق" عام 1986م، يعزف على العديد من الآلات الموسيقية، يقوم بتأليف وكتابة كلمات وتلحين الأغاني الوطنية والشعبية وغيرها.