تونات لونية وخطوط موسيقية كلاسيكية استقرت على اللوحة لتعبر عن حالة تشكيلية جديدة ينتقل إليها الفنان التشكيلي السوري "غسان نعنع" ليعبر عن عالمه التشكيلي اللوني المستقر في حياة وثقافة فنية متراكمة.
موقع "eDamascus" حضر معرض الفنان التشكيلي السوري "غسان نعنع" في صالة "تجليات" للفنون، هذا المعرض الذي أخذ طابعاً تشكيلياً وفنياً خاصاً.
لوحة "غسان" جزء من الطبيعة، جزء منه، جزء من معرفتنا، حلمنا وخوفنا، إنها قطعة مرئية من اللامرئي الذي نرغب برؤيته، ها هو يحفز عبر رسمه إمكانيات أكبر لنسير في حلم غير منته ولا تحده الأزمنة أو الأمكنة في اللوحة، كشغف، كسراب يتراءى لك ويمضي في البعيد، بل يقترب منك ويدعوك إلى الإمساك به، عندما نتحدث عن هذه اللوحة، نكون أمام كل أحلامنا المختلفة، إذ تتسع هذه المساحة لها، عبر قدرتها على إطلاقها، وهل أجمل من أن نكون قادرين على الحلم
خلال جولتنا في المعرض التقينا النحات السوري العالمي "عاصم الباشا" الذي حدثنا عن أعمال "غسان نعنع" الفنان التشكيلي السوري فيقول: «أعمال "غسان" تلفت انتباهي بمعالجته اللونية وضبابياته، فسابقاً هناك في لوحاته تأثر واضح بالجو المسيحي والكنسي، أما الآن فنلاحظ أن هذا التأثر خف لمصلحة غشاوة ما في اللوحة يطغي عليها شيء من الغموض، فنلاحظ أن مجموعات من الناس تحيط بمصدر ضوء أو نور، وهذا الغموض يضفي إلى لوحته شيئا يضمن استمرارية حياة العمل، فكل مطلع للوحة يتخيل شيء في داخله ويخصه حسب تراكمه الثقافي، فغسان من التشكيليين السوريين الذين درسوا أعمال الكلاسيكيين بأساس تقني جيد، إن الأعمال لها طابعها التشكيلي الخاص بالفنان والذي يخطو بها خطوات احترافية ومبدعة في الحياة التشكيلية السورية».
الفنان التشكيلي "يوسف عبدلكي" قال: «"غسان نعنع" فنان ممتع في لوحته الملونة كما في رسومه بالأبيض والأسود، غير أن تلك المتعة يقبع تحتها كم كبير من الأسئلة الحيرى، والسباحة مع التيار وعكسه في آن معاً، يغرق "غسان نعنع" في عسل التوافقات اللونية، وينتقل بخفر من درجة هادئة إلى درجة أكثر هدوءاً، ومن لون بارد إلى لون أقل برودة، وصولاً إلى سلسلة من الألوان الحارة، ولا تكتشف العين انه نقلها من أقصى الضباب والعتمة والبرودة إلى أقصى الضباب والإضاءة والحرارة إلا وهي في معمعان اللون النقيض؛ هكذا يقودنا هذا الملون المخاتل إلى أفخاخ يجيد نصبها لعيوننا، ترتكز ألعابه اللونية إلى قاعدة قوية من الرسم، وهو الذي ما انفك يطوّر ادواته بتؤدة منذ انتهائه من الدراسة في كلية الفنون الجميلة بدمشق في واحد من أزهى أيامها في السبعينيات، ويمكن تلمس مدى الخبرة الحدسية في أعماله عندما يعالج موضوعات مألوفة مثل المنظر الطبيعي والمناظر الداخلية، وهو حين يعمد إلى أعماله الخيالية فإنه يضع نزقه الجميل جانباً وصرف طاقته على إحكام البناء وضبط المساحة».
الناقد التشكيلي والإعلامي "عمار حسن" يقدم معرض الفنان التشكيلي "غسان نعنع" فيقول: «اللوحة نافذة على عوالم لا نهائية، على الحلم والواقع، على الذات والآخر، على المسموع والمرئي، اللوحة نافذة على كل هذا، لكننا أمام لوحة "غسان نعنع" نكون داخل اللوحة جزءاً من الحراك الجواني لتأثيراتها المختلفة، تشدنا ضبابيتها، أضواؤها وعتمتها، على السير أكثر في دروبها، نشعر برغبة أكثر في الاختفاء بعيداً فيها، في مجهولها الممتع، في موسيقاها الملونة، لنشارك الآخرين فيها الثرثرة اللذيذة حول موائد بيضاء، أو لنرقص في أعراس غريبة، أو لنشارك في طقوس سحرية في حضرة رجال يعرفون دروب الضوء».
يتابع: «لوحة "غسان" جزء من الطبيعة، جزء منه، جزء من معرفتنا، حلمنا وخوفنا، إنها قطعة مرئية من اللامرئي الذي نرغب برؤيته، ها هو يحفز عبر رسمه إمكانيات أكبر لنسير في حلم غير منته ولا تحده الأزمنة أو الأمكنة في اللوحة، كشغف، كسراب يتراءى لك ويمضي في البعيد، بل يقترب منك ويدعوك إلى الإمساك به، عندما نتحدث عن هذه اللوحة، نكون أمام كل أحلامنا المختلفة، إذ تتسع هذه المساحة لها، عبر قدرتها على إطلاقها، وهل أجمل من أن نكون قادرين على الحلم».
ويقول التشكيلي السوري "غسان نعنع" عن أعماله الجديدة: «يلاحظ المتلقي من خلال تجواله بين اللوحات ان هناك ثمة تأثير واضح بالانتماء إلى القرن التاسع عشر، وخاصة اللوحات التي تعبر عن الحالة الموسيقية، إلا أن تركيزي الأكبر كان ليس على كيفية تلوين الشخوص ووضعهم ضمن صيغ لونية فاتحة أو غامضة باللون الحار أو اللون البارد، لأن ذلك هو ما يعطيها قيمتها التشكيلية أكثر من كونها تنتمي إلى عصر دون غيره، فإنني أحاول عبر أعمالي في المعرض الحالي الانتقال إلى إثبات أن التقنية الخاصة للون هي القادرة على تحديد هوية الفنان وخصوصيته دون غيره، فضلاًً عن أهمية الخيال في صياغة العمل الفني وكتابة نوتاته، فكل لوحة هي بمثابة مقطوعة علاماتها الموسيقية هي ضربات الفرشاة التي تغرف من اللون وتملأ به فراغ اللوحة».
من الجدير بالذكر أن "غسان نعنع" من مواليد "حمص" 1953 تخرج في مركز الفنون التشكيلية بحمص عام 1971، وفي عام 1978 تخرج في كلية الفنون الجميلة بجامعة "دمشق" له العديد من المعارض الفردية والجماعية وحاز في عام 2000 الجائزة الأولى في مسابقة "فكر مع يدك" للفنانين السوريين والأجانب المقيمين في سورية في معهد "ثربانتس".