تستلهم الفنانة "سوزان ياسين" من الطبيعة أفكار لوحاتها، لها فلسفتها الخاصة في الجمال والحب والحياة، الهم الإنساني هاجس لوحاتها، "eSyria" التقى الفنانة التشكيلية "سوزان ياسين" وأجرى معها اللقاء التالي:
ظهرت في أعمال الفنانة "سوزان ياسين" اللمسات اللونية؛ لتعبر عن الإحساس الحقيقي وبشكل بسيط عند المرأة، مظهرة التآلف اللوني المرتبط بذهنيتها، من خلال حوار جاد مع الذات لتشحن عواطفها، وأفكارها ومشاعرها نحو الشكل والفكر والربط المنسجم بينهما
** من الطفولة المبكرة كانت الألوان صديقتي في كل كتاب دراسي؛ حيث كانت الخطوط والرسومات الطفولية الأولى توشحه، نشأت في بيئة مهيأة فأمي كانت ترسم وتزور معارض الفن التشكيلي، وأبي كاتب وشاعر، الكتاب كان أحد أفراد العائلة، والموسيقا محيطة بالعائلة، لذا أظن أن الفنون لا تتجزأ وهي موجودة بالجينات الوراثية للإنسان».
** لم تكن هناك لوحة أولى كان دائما القلم الرصاص والألوان معي لأغطي كل ما أجده من ورق حتى كتبي المدرسية ومقعدي وثيابي، الرسم هاجس يسكن الإنسان منذ الصغر وليس قرارا، في الخامسة عشرة بدأت أرسم لوحات طبيعة صامتة أو بورتريه أو نسخ للوحات عالمية أحببتها.
** الإنسان أولا منذ الخلق والإنسان يبدع ويسجل حياته بالرسم على جدران الكهوف ومع التطور الحياتي اختلفت الطرق والتقنية، وظل الفن بحالاته المختلفة يثير اهتمامي وقلقي.
أتابع الناس أرقب الوجوه أتأمل الأيدي فأرى الحياة لكل فرد تنساب أمامي وتحكي لي قصصا مختلفة وهواجساً لا تستطيع أن تشرحها، فقط الخط واللون قادران على الترجمة، بالنسبة لي كما هو القلم بالنسبة للكاتب وسيلة للتعبير
** الأحمر عند العامة هو الدم لكن عندي هو" القلق الذي يجتاح حياتنا"، لون قوي طاغ يفرض حضوره بثقة أما الأزرق "فهو البحر الذي أحمله بداخلي مهما كان بعيدا تطفو أمواجه لتسكن الروح"، هي حالات لا لون معيناً مسيطر لكنها حالات مختلفة، حاليا أفضل استخدام الألوان الحارة ولا أعرف في المستقبل ماذا سيكون.
** لا يوجد لحظات معينة دون غيرها، إنني شخص مزاجي قد أتوقف فترات عن الرسم لكن هناك لوحة بيضاء مستفزة على مرسمي أراقبها وتراقبني حتى أشعر بأني ملكت فكرتي؛ أمليها إليها، أحبها أحيانا وأحيانا هي لا تحبني فتعاكسني، أضعها جانبا حتى تهدأ ثم أعود إليها لنتفاهم أو لا أحيانا.
** الفن قضية ومن أهم الوسائل لإيصال رسالة سواء كان هذا الفن عبارة عن تشكيل، نحت، موسيقا، أو مسرح، الفنان كلمة تصل بمختلف الوسائل؟، رسالتي هي الإنسان.. المرأة.. الظلم.. رفض الخوف والصمت ووضع إشارة تنبيه على الواقع المظلم ومحاربته بالفرح واللون والجمال الذي يقدمه الفن للحياة.
** لا يوجد لوحة مخطط لها في ذهني هناك أفكار كثيرة منها من يرى النور ومنها لا، هناك مواضيع كثيرة وبحث متواصل دائما هناك حلم ولكن بداخل المجهول أحلم برسم اللوحة التي تتحدث مع المتلقي وتتصل معه.
** لا فرق بمكان العرض برأيي أحيانا في الغرب تصادف مؤدي يغني في الشارع وتقف بكل متعة لتسمع وتستمتع لا مكان يعطي قيمة لما لا قيمة له، والفن الحقيقي يعطي قيمة لكل مكان يوجد به، أما بالنسبة للبيوت الدمشقية فهي تضفي رائحة الياسمين والعبق الحميم شرط تواجد الإضاءة الجيدة للأعمال الفنية.
** نعم أشارك دائما في معارض جماعية وأحبها لأنها تجمع أنواعا مختلفة من الجمهور الذي يحضر مثلا ليرى أعمال فنان معين ويتعرف على أعمال مختلفة وتجارب لكل المشاركين، أما بالنسبة لمعرض ثنائي فلم أفكر به ولا مانع لدي، ليس المهم عدد المشاركين عندي، واحترم تجربة أي فنان صادق.
** عملت بمجال القصة المرسومة للطفل منذ البداية وحتى الآن، هذا التوجه مجال جميل لتخرج من الواقع وتدخل عالم العجائب الألوان المرحة والأشكال البسيطة، الفرح والهروب من القواعد للعب والتواصل مع الطفل النائم في أعماقنا مع تقديم الفائدة للطفل العربي بعيدا عن القصص الوافدة بما فيها من إشكاليات لا تناسب بيئتنا وأخلاقياتنا.
حاليا قمت برسم موتيفات- رسوم تعبيرية- كتاب اللغة العربية للصف الثامن المناهج الجديدة شعرت بالمسؤولية الكبيرة أتمنى أن أكون وفقت في ذلك.
** العفوية جميلة اعتقد أن الفن مرتبط بالعفوية دائما اللوحة تأتي كما هي فجأة فإذا أسهبت كثيرا أشعر بأن العمل كان أفضل قبلا، وكأن الدراسة الدقيقة تسيء إلى العمل فتفقده النكهة العفوية التي بدأ بها.
* ما رسالة الفن برأيك؟
** الفن هو اختزال الحياة بواسطة اللون والخط، والآن الاتجاه السائد كما الأغنية (ما يطلبه الجمهور) برأيي الفنان الحقيقي هو الذي يتعامل مع لوحته كعاشق يقول "بيكاسو": (إن الفن لم يخلق ليزين الغرف بل هو آلة يستخدمها الإنسان من اجل محاربة كل ما يهدد حرية التفكير).
* فن الرسم ماذا يعني لك؟
** فن الرسم هو المحرك الأساسي في حياتي أرسم لأني لا استطيع ألا أرسم، الرسم متعة وتوازن في حياتي ليس للمادة مكان في ذلك.
* ما حكمتك في الحياة؟
** ألا تنظر إلى الناس من فوق إلا عندما تساعدهم على النهوض.
وعن أعمال الفنانة التشكيلية "سوزان ياسين" قالت الفنانة التشكيلية "هبة سعيد" عضو المكتب التنفيذي لاتحاد الفنانين التشكيليين رئيسة مكتب الصالات والمعارض: «ظهرت في أعمال الفنانة "سوزان ياسين" اللمسات اللونية؛ لتعبر عن الإحساس الحقيقي وبشكل بسيط عند المرأة، مظهرة التآلف اللوني المرتبط بذهنيتها، من خلال حوار جاد مع الذات لتشحن عواطفها، وأفكارها ومشاعرها نحو الشكل والفكر والربط المنسجم بينهما».
يشار إلى أن الفنانة "سوزان ياسين" خريجة كلية الفنون الجميلة بدمشق قسم التصوير الزيتي وعضو نقابة الفنانين، عملت بالتصميم لشركات الدعاية والإعلان، إضافة لتصميم بعض رسومات الأطفال بالمجلات والقصص، درست مادة الرسم النظري في "جامعة الاتحاد" كلية الهندسة في سورية، إضافة لمادة الرسم والزخرفة في المعاهد الفنية، سافرت إلى سلطنة عمان وعملت مدرسة للفنون التشكيلية في السلطنة.
حائزة عدة جوائز تقديرية في سورية وسلطنة عمان، إضافة لشهادة تقدير من معرض الذاكرة والحضارة في "غوتنبرغ" في السويد
أعمالها مقتناة في سورية وعمان والكويت والسعودية والسويد وقبرص ولبنان وتونس.