شق "فراس الحسن" طريقه نحو الإيقاع الشرقي بكل إصرار وعشق حتى أصبح عازفاً ومدرساً له مكانته الموسيقية في سورية.
موقع eDamascus التقى العازف الشاب وكان هذا الحوار:
** درست في لبنان لأن المعهد العالي في سورية لم يكن يضم اختصاص الإيقاع الشرقي آنذاك، فاتجهت إلى الكونسرفتوار اللبناني للدراسة مدة ست سنوات بعد حصولي على الشهادة الثانوية، والفرق بينه وبين المعهد العالي للموسيقا بدمشق أن الأخير يأتي بعد نيل الثانوية العامة بعكس كونسرفتوار "بيروت" الذي يقبل الطلاب بمختلف الأعمار وليس شرطاً نيل الشهادة الثانوية، إضافة إلى اختلافات من حيث النظام التعليمي.
** أنا من عائلة تحب الموسيقا ولكن لم يكن هناك توجه أو حافز لكي أتعلم أي آلة موسيقية، لذلك كان اختياري للإيقاع هو فطرياً بحتاً، وقد بذلت جهوداً كبيرة لتحقيق هدفي، ففي السنوات الثلاثة الأولى للدراسة في لبنان كنت أعمل لمدة /9/ ساعات مساء وأتابع دروسي ومحاضراتي نهاراً، وفي السنوات الثلاثة الأخيرة من الدراسة بدأت أعمل مع فرق موسيقية لبنانية في اختصاصي كعازف إيقاع.
** عام /2006/ أجريت ورشة عمل في المعهد العالي للموسيقا بدمشق، حيث تعرف الطلاب على المنهج الجديد وطريقة تفكير جديدة في الإيقاع العربي وفي العام الدراسي التالي كلفتني إدارة المعهد أن أقوم بتدريس صف الايقاع الشرقي في المعهد، وما زلت حتى الآن.
** الفرق التي عزفت معها بدمشق كثيرة أذكر منها "الأوركسترا السيمفوني، أوركسترا الجاز، فرقة التوشيح الحديث، فرقة فتت لعبت، وفرقة وجوه"، كما عزفت في العديد من المهرجانات، أما أكثر الفرق التي وجدت نفسي بها فهي "فتت لعبت، ووجوه".
** ثقافة المجتمع الموسيقي في لبنان تختلف عما هو عليه في سورية، فهناك ومنذ أكثر من /30/ عاماً برامج فنية لها تاثيرها مثل "استديو الفن" صنعت عازفي إيقاع نجوماً أصبح لهم مكانتهم في الوسط الموسيقي ليس اللبناني فحسب بل العربي والعالمي، وكان بإمكانهم أن يطبعوا ألبومات خاصة بهم ويجدوا التسويق المناسب لها، بينما في سورية الوضع مختلف، نظرة المجتمع السوري للإيقاع الشرقي ليست بمستوى نظرتهم لآلة البيانو أو الكمان أو العود.
** هناك إجحاف ومشاكل عدة حتى في الأوركسترات الكبيرة، التوجه بالنسبة للآلات الإيقاعية الشرقية لا يزال برأيي دون مستوى المطلوب، حتى المؤلفون الموسيقيون السوريون يكتبون تفاصيل دقيقة للآلات الإيقاعية الغربية بينما لا يدوّنون سوى خطوط رئيسية للإيقاع الشرقي دون الغوص في التفاصيل، هذا الاجحاف له عدة عوامل أهمها عدم وجود مناهج أكاديمية ودراسات للايقاع.
ودورعازف الإيقاع هنا مهم جداً في رفع سوية هذه الآلة حيث يجب أن يكون على دراية بالقواعد النظرية للموسيقا ومعرفة الموسيقا الكلاسيكية وأن يعزف آلة ثانية غير ايقاعية: بيانو أو عود).
** لنعرّف قبل ذلك الموسيقا، الموسيقا هي أي صوت يخضع لتوافق زمني (ايقاع) ونغمي (تونال)، وهذا التوافق بدوره يخضع لذوق وثقافة الشعوب الصانعة لهذا التوافق (الموسيقا) تلك هي الفكرة المبدئية للموسيقا التي اختلفت فيما بعد وتطبّعت بعادات الإنسان والطبيعة التي نشأت بها، وكذلك هو الإيقاع فكل منطقة أخذت شيئاً من طبيعة هذه المنطقة، مثلاً المناطق الصحراوية أخذ منها ايقاعات عرجاء مستوحاة من مشية الجمل والمشي فوق الكثبان ومن مناطق الساحل ايقاعات أخذت من حركة تجديف البحارة وأغانيهم، ومن المناطق الزراعية إيقاعات أخذت من أغاني المزارعين وحركة المنجل أثناء الحصاد.
** سورية تأثرت بحضارات مختلفة محيطة بها وأثرت بها، فمثلاً من الصعب أن تطلق مصطلح "إيقاع سوري" لأن هناك تأثيراً كبيراً من الدول المجاورة. أنا مع تسمية الإيقاع الشرق عربي.
** هذا الوضع في الوطن العربي ككل حتى عالمياً، الأغاني التي تعتمد هذا الأسلوب بالتأكيد خاضعة لسوق العرض والطلب ويهتم منتجوها بالتوفير فيعتمدون على أصوات إلكترونية تكلفتها بخسة مقارنة مع أجور العازفين بالتالي ذلك يؤثر على الذوق الموسيقي العام. فالإنتاج الموسيقي هو دورة اقتصادية متكاملة من مؤلف الى عازف منفذ الى استوديو.
** لدي حذر في هذا الموضوع، لكوني أعزف مع عدة فرق موسيقية مختلفة تعزف أنماطاً مختلفة من الموسيقا، أضطر أحيانا لأن أعزف على مجموعة من الآلات وأحرص على أن تكون خياراتي للآلات مُناسِبة لخدمة هذه الأنماط المختلفة وأبتعد عن الاستعراض.
** الخصوصية الموجودة في موسيقا أفريقيا وأمريكا اللاتينية منبعها الطبيعة، أما في موسيقانا ففي العصور الفائتة لم يكن هناك اهتمام بالموسيقا الآلية بل الموسيقا كانت دائماً في حالة تبعية للشعر الموزون والكلام المقفى كانت الأولوية للغناء ويأتي العزف بالمرتبة الثانية، وكان الإيقاع يستنبط من بحور الشعر العربي والعروض.
** فيما يخص هذا السؤال سأتكلم بشكل اختصاصي:
في زمن أغاني الست "أم كلثوم" وأمثالها من العمالقة كان توظيف قسم الإيقاع في التخت الشرقي غير مدروس، إذا قمنا بتحليل الكتلة الصوتية الايقاعية (الشرق عربية) هي ثلاثة أجزاء:
1- الأصوات المنخفضة (وتمثلها الطارات والدفوف والطبل).
2- الأصوات المتوسطة (وتمثلها الطبلة).
3- الأصوات الحادة (وتمثلها آلة الرق).
دائماً كانت كتلة الصوت الايقاعي في ذلك الزمن غير متوازنة فهي إما حادة أو معتدلة، لأنه لم يكن هناك دراسة صحيحة لإخراج الكتلة الصوتية الإيقاعية المناسبة لكل تشكيل موسيقي.
** الطلاب موهوبون وبالعامية "شاطرين" لكنهم يتلقون الإيقاع الغربي والشرقي بوقت واحد، مما يشتت تركيزهم أنا مع التخصص أكثر، كي يضع الطالب طاقته كاملة في تخصص واحد.
** بالتأكيد هناك متعة كبيرة بالأخص عندما ترى نتائج تدريسك وجهدك مع الطلاب.
** كل من علمني حرفاً له فضل عليّ وأخص بالشكر أساتذتي في لبنان "فيصل حسن" بالإيقاع، و"فادي يعقوب" أستاذ الصولفيج.
** من تركيا "أحمد ميزيريلي"، ومن الهند "زاكير حسين"، ومن أميركا اللاتينية "جيوفاني".
** طموحي أن أنشر لغة علمية- موسيقية موحدة بين أكبر عدد من عازفي الإيقاع في سورية، وأن نرتقي بالإيقاع الشرق عربي لتغيير نظرة المجتمع له. وأن ننتقل بالآلات الإيقاعية العربية من آلات مرافقة الى آلات قائمة بحد ذاتها لها كيانها وخصوصيتها.
الجدير بالذكر أن الفنان "فراس حسن" خريج الكونسرفتوار اللبناني سنة /2005/ اختصاص ايقاع شرقي، وهو حاليا أستاذ صف الإيقاع الشرقي في المعهد العالي للموسيقا بدمشق منذ عام /2006/.
على الصعيد العالمي شارك "فراس" في العديد من الحفلات والمهرجانات العالمية وورشات العمل "فرنسا، بولندا، ألمانيا، سويسرا، ايران، المغرب، مصر، الامارات العربية المتحدة والكويت"، أما محلياً فهو ناشط على الساحة الموسيقية فهو عضو في العديد من فرق موسيقية تعزف أنماطاً مختلفة من الموسيقا.