رؤى تشكيلية جديدة يقدمها الفنان "رفاعي" في لوحاته التشكيلية ليتحدث عن الإبداع الذي يتجول في داخله ويسقطه على سطح لوحاته.
"eDamascus" التقى الفنان التشكيلي "رفاعي أحمد" وكان معه اللقاء التالي:
يعد الفنان "أحمد" من الفنانين الشباب المميزين على الساحة التشكيلية في سورية، ومن الفنانين الواعدين في هذا المجال لما يمتلكه من الشغف والنشاط الفكري والعملي الذي أعتبره من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها الفنان التشكيلي، كما أن امتلاكه إمكانية استخدام اللون والخط بطريقة إبداعية وجميلة ومقدرته على قراءة اللوحة الفنية ومحيطها الخارجي بروح فني جميل يدفعه دائماً إلى تقديم ما يعبر به عن نفس "رفاعي أحمد"، كما أن التكنيك الحرفي الجميل الذي يمتلكه "رفاعي أحمد" ويستخدمه في صنع لوحاته يدفعه دائماً إلى تقديم كل جديد يضيفه إلى مسيرته الفنية
** بدايتي كانت بشكل فطري في عنفوان الذات عندما يمارس كل شخص هوايته للتعبير عن ذاته، وكانت الريشة هوايتي والبداية الحقيقة التي لازمتني منذ مراحل مبكرة من عمري، بدأت أعزف بريشتي في محاولة لطلاء كثير من المشاعر الذاتية والقضايا المحيطة على الجدران الطينية باستخدام بقايا الأشجار المحروقة "الفحم"، وكان للطبيعة ورسم العادات الاجتماعية الريفية بكل أشكالها أثر كبير في بداياتي.
** للأسف لا... فمجتمعنا مازال في مرحلة النمو الاقتصادي والاجتماعي والفكري، ولهذا مازال الفن يعتبر من الكماليات وخصوصاً في المناطق الريفية، حيث لا يوجد أي اهتمام بالفن بشكل عام في المدارس، وحتى الحصص التي كانت مخصصة للرسم كانت تدرس فيها مواد آخرى مثل الرياضيات أو اللغة العربية... وعدم الاهتمام هذا أدى إلى موت كثير من الخامات الفنية، وآمل ألا تعاني الأجيال المقبلة من ذات التعامل.
** ربما الفن التشكيلي هو من اختارني، فمشاعر الإنسان تعبر بأي وسيلة تجيدها، ومشاعري اختارت الفن التشكيلي لتعبر به عن نفسي، لهذا اعتبر الفن هو الذي اختارني، والفن بالنسبة لي الكل في الكل روحاً وجسداً، كما أن الفن التشكيلي هو حياتي، وهو الذي يعالج الواقع برسم أشكال من الواقع بدقة يتركز فيها الاتجاه الموضوعي ثم تبدأ الريشة بالتعبير بصدِق وأمانة، والعمل الفني هو إحساس الفنان الذاتي وطريقته الخاصة في نقل مشاعره للآخرين، فاللوحة تعكس الواقع بشكل صادق، ثم يسلط الضوء عليها وتعرض بالمعرض، ولعلنا متأكدون من أن البصر أكثر قدرة على إثارة الانتباه من السمع، ولأننا وفق هذه القاعدة نفتن بالجمال فاللوحة هي رسول لعيوننا ولرؤيتنا، لذلك تصبح اللوحة نداً صارخاً للكلمة في عصر البصريات والألوان، فلذلك كنت انجذب للون كما تنجذب الفراشة نحو مصباح موتها.
** أرسم لوحاتي من أفكاري أو من تجربة مرت أمامي تتجسد رؤيتي لها بالرسم أو من طبيعة الكون الواسع فالحياة فكر ومعرفة وعن طريق الفكر والمعرفة يستطيع الفنان التعبير بريشته عن كل مشاعره، وفي الأساس أجسد مشاعري الخاصة بما يدور في ذهني من خيال وأفكار لأصل إلى لوحة تحمل أجمل المعاني والأحاسيس، وفي الفترة الحالية أميل إلى تجسيد البيئة الريفية بكل تفاصيلها وألوانها الترابية التي أعشقها وأحن إليها، وأحاول أن أكون صادقاً إلى أبعد حد مع هذا الواقع الذي أجسده في لوحاتي.
** الإنسان بطبيعته كائن اجتماعي، أي إنه يتأثر بمحيطه بكل تفاصيله، وهذا التأثير نجده كثيراً لدى الطبقة المثقفة وخصوصاً الفنانين منهم، فمر علي فترة كنت أتأثر بعلاقة الرجل بالمرأة رافقها شعور بأن المرأة في مجتمعنا تعاني من ظلم وهناك نوع من التسلط من قبل الرجل ويتم التعامل معها بشكل بدائي، فحاولت أن أجسد هذه الحالة في لوحاتي أملاً في تغيير هذه الصورة عن المرأة التي لولاها لما استمرت البشرية.
** شهدت الحارات الدمشقية القديمة حضوراً كبيراً في لوحاتي وخصوصاً في بداياتي، بسبب التشابه الكبير بين هذه الحارات والبيئة الريفية التي كنت أعيش فيها قبل انتقالي إلى "دمشق"، فهناك تشابه كبير بينهما من حيث العلاقات الاجتماعية والثقافية وحتى البنية البنائية من حيث المواد المستخدمة في بناء هذه البيوت الجميلة بكل تفاصيلها.
** لدينا مدارس فنية كثيرة، لكل مدرسة فنية طابع خاص بها ولكل طابع كيان وجمالية مستقلة، كما لا يمكن لأي فنان القول إنني أنتمي إلى المدرسة الفلانية منذٌ بداياتي الفنية، فكما نمر بمراحل مختلفة أثناء تعلم الفن التشكيلي في بداياتنا نمر بمدارس مختلفة ونتعرف على جميعها، وبعدها يمكن أن نقول إننا ننتمي إلى هذه المدرسة أو تلك، ففي بداياتي كانت المدرسة "الواقعية" تستهويني كثيراً، وهي نقل كل ما تراه العين من المناظر الطبيعية وحالات من الواقع ونقلها طبق الأصل، كالأدوات والأشخاص أو حتى الأزقة والشوارع ، كما هي المدرسة التي لابد لأي رسام البدء بها، وفي المرحلة الثانية من حياتي الفنية كان للمدرسة "الانطباعية" حضور كبير في نفسي، وأكثر ما كان يستهويني في هذه المدرسة أن الفنان لا يتقيد بأي خطوط في الرسم ولديه حرية التفاعل مع الألوان، ويعتبر الرسم ضمن أطار هذه المدرسة ممتع للغاية، وهذه المدرسة تهتم بشكل كبير بالطبيعة وباعتباري ابن الطبيعة الريفية الجميلة كان لهذه المدرسة وقع كبير على حياتي الفنية، وآخر مدرسة والتي يمكن أن أقول إنني أنتمي إليها هي المدرسة "التجريدية"، اهتمت المدرسة التجريدية الفنية بالأصل الطبيعي، ورؤيته من زاوية هندسية حيث تتحول المناظر الى مجرد مثلثات ومربعات ودوائر وتظهر اللوحة التجريدية أشبه ما تكون بقصاصات الورق المتراكمة أو بقطاعات من الصخور أو أشكال السحب، أي مجرد قطع إيقاعية مترابطة ليست لها دلائل بصرية مباشرة، واللوحة ضمن إطار هذه المدرسة لا تنتمي إلى فترة زمنية معينة وهي لوحة تتميز بلا محدودية وتظل معك خلال الزمن.
** طبعا أنا أرسم اللوحة في مخيلتي وأتأمل الموضوع الذي سوف أرسمه عليها وهي بيضاء ومن بعد كل هذا ابدأ بالرسم واختار الألوان على حسب تأثير اللوحة وقابلية نفسيتي لها، أعتبر اللوحات والريشة مثل البشر كثر العمل فيها يشعرك بالملل ولذلك أتركها وأرجع لها مشتاقاً.
** ما أروع الألوان عندما تتناغم مع خيوط اللوحة لتشكل منظراً يدخل كالنسمة الصافية إلى العين والقلب فتشاركه دقاته، فتصبح جزءاً مني وتشاركني حياتي وتجعلني أعيش في عالم مملوء بالهدوء وصفاء النفس.
** تطورت تجربتي الفنية خطوة فخطوة وبكل هدوء ورؤية عن طريق الإصرار والعمل الجاد، ولديّ أعمال كثيرة من لوحات زيتية ومائية وتخطيط تتجاوز مئة عمل، وجميع لوحاتي هي بالنسبة لي كنز لأني رسمتها بإحساسي، ولكل لوحة من لوحاتي اثر مميز في تجربتي.
** شاركتُ في عدة معارض وورش عمل جماعية منها معرض مدرسة "البشائر" 2003، معرض ثنائي في محافظة "الحسكة" 2004، معرض مسابقة البورتريه 2005، معرض ربيع 2009، معرض ربيع 2011، كما أن هذه المعارض المشتركة أضافت لي الكثير، فمنها اطلعت على أساليب وتجارب فنية جديدة، كما أقدم تجربتي وأسلوبي الفني.
** غاليتي "لوحتي" تحرص على المشاركة ضمن المعارض الجماعية، لأنها تعكس قناعاتي الذاتية بأهمية العمل الجماعي، ودوره في تفعيل الحركة التشكيلية بعيداً عن النزعات والطموحات الفردية، لكن هذا بالتأكيد لا ينفي أهمية المعارض الشخصية بالنسبة لكل فنان، لأنها تضع المتلقي أمام تجربة شبه متكاملة يمكن من خلالها رصد مراحل تطور تجربته، والنقلات الفنية التي مر بها أو مرت به على مدى مشواره الفني.
** في الواقع فكرة إقامة معرض شخصي قائمة، وكان من المفترض إقامته منذ شهرين لأن لوحات المعرض والصالة كانت جاهزة، لكن بسبب الأوضاع الراهنة تم تأجيله، وسيكون لموقعكم السبق بنشر تفاصيله حين إقامته.
** الآن أصبح استيعاب الفن أكثر وخصوصا الفن التشكيلي، ووجود الانترنت سبب أيضاً في الحصول على كل معلومة عن الفن التشكيلي، والمعارض المستمرة جعلت الجمهور مثقفا فنياً. واستمرار المعارض والمهرجانات كلها عوامل ساعدت في جعل الجيل القادم له مستقبل مشرق ومشجع.
بما تنصح كل هاو أو من يظن أن لديه شيئاً يستطيع صقله ليخرج إبداعه؟
** الاطلاع الجيد، الصبر، المثابرة، الممارسة الجادة، والاستماع الايجابي للنقد البناء خير سبيل لصقل موهبة الفنان.
كما التقينا الفنان التشكيلي "أزاد حمي"، وحول رأيه بالفنان "رفاعي أحمد" يقول: «يعد الفنان "أحمد" من الفنانين الشباب المميزين على الساحة التشكيلية في سورية، ومن الفنانين الواعدين في هذا المجال لما يمتلكه من الشغف والنشاط الفكري والعملي الذي أعتبره من أهم الصفات التي يجب أن يتحلى بها الفنان التشكيلي، كما أن امتلاكه إمكانية استخدام اللون والخط بطريقة إبداعية وجميلة ومقدرته على قراءة اللوحة الفنية ومحيطها الخارجي بروح فني جميل يدفعه دائماً إلى تقديم ما يعبر به عن نفس "رفاعي أحمد"، كما أن التكنيك الحرفي الجميل الذي يمتلكه "رفاعي أحمد" ويستخدمه في صنع لوحاته يدفعه دائماً إلى تقديم كل جديد يضيفه إلى مسيرته الفنية».
جدير بالذكر أن الفنان التشكيلي من مواليد ديريك 1977، درس الفن على يد أهم الفنانين التشكيليين في سورية، تخرج في معهد أدهم إسماعيل بدمشق 2003.