رغم أن "العود" يعتبر آلة ذكورية إلى حد ما، إلا أن عدداً غير قليلاً من النساء أبدعن باللعب على أوتاره، "جوى المنلا" /ذات الست عشر ربيعاً/ تسير بخطى ثابتة لتلتحق بدرب اللواتي سبقنها.
"جوى" التي تطرب من يستمع إليها عندما تلاعب أوتار عودها؛ نالت المرتبة الأولى في مسابقة العود السنوية التي أقامها "معهد صلحي الوادي" في دار الأسد للثقافة والفنون، "eSyria" التقى العازفة "جوى المنلا" بتاريخ "5/10/2011" والتي تحدثت في البداية عن فوزها في المسابقة التي أقيمت في شهر "آب" عام /2011/، حيث قالت:
كبرت وأبي يعزف العود ويغني وكنت أغني معه أعجبني العود كثيراً وفكرت وقتها أني إذا أردت الاستمرار في الغناء فأفضل آلة سترافقني هي العود، فشجعني أبي على اختياري وكذلك أمي
«المسابقة استمرت لثلاثة أيام، تكونت من ثلاث مراحل وخلال هذه الأيام عزفت العديد من المقطوعات، ففي اليوم الأول عزفت مقطوعة تركية سماعي "ماهور، ولونغا صبوغ"، أما في المرحلة الثانية فقد عزفت مقطوعة "كابريس" للمؤلف العراقي الراحل منير بشير وتقاسيم على مقام "الرّاست" وعزفت سماعي تركي، في المرحلة الثالثة عزفت العصفور الطائر وقدود حلبية مع تقاسيم وفي حفل الختام عزفت "ماهور والعصفور الطائر"».
وعدنا مع العازفة جوى إلى بداياتها أي العمر الذي بدأت فيه العزف على العود وكيف كانت تلك البدايات؟، حيث أخبرتنا بالقول: «كنت في معهد الباليه واقترح آنذاك الأستاذ "جوان قره جولي" أن نقوّي أذاننا موسيقيّاً كي تتوافق حركاتنا في الباليه مع الموسيقى التي نسمعها وسجلّنا في "معهد صلحي الوادي للموسيقا"، وكنوع من التشجيع لنا خصص جائزة لمن يحصل على مجموع جيد في الموسيقا، وكانت الجائزة تسجيل الطالب في معهد صلحي الوادي والاستمرارية ونجحت في الاختبار ودخلت سنة أولى درست خلالها الصولفيج وانتقلت بعدها إلى عزف العود ورافقني منذ ست سنوات وحتى الآن أستاذ العود "فايز زهر الدين" الذين أكن له كل الاحترام».
أمّا لماذا اختارت جوى آلة العود؟ أجابتنا: «كبرت وأبي يعزف العود ويغني وكنت أغني معه أعجبني العود كثيراً وفكرت وقتها أني إذا أردت الاستمرار في الغناء فأفضل آلة سترافقني هي العود، فشجعني أبي على اختياري وكذلك أمي».
وبالرغم من كل ما يقال عن أنّ العود آلة موسيقية محتكرة ذكورياً تجد "جوى المنلا" أنّ هذه المقولة موجودة فقط في مجتمعنا وتضيف: «هذه الرؤية بدأت بالانحسار نتيجة تفوق الفتاة في عزف العود وإثبات ذاتها وموهبتها وأريد أن أقول شيئاً وهو أن البعض يعتبر العود آلة مرافقة للغناء ولا يمكن أن يكون آلة منفردة، وعلى هؤلاء أردّ بأن عازف العود يبدع ويجيد حين يكون منفرداً».
أما عن تأثير العزف على دراستها: «أبداً لا يؤثر عزف العود على دراستي، على العكس تماماً، الموسيقى تساعد الإنسان على تطوير تفكيره، فمن يحفظ نوتة مقطوعة موسيقية صعبة ومركبة يسهل عليه حفظ دروسه وتأدية واجباته المدرسية، ويبقى التنظيم والإرادة أساس كل عمل وموهبة».
اليوم تعزف جوى التكنيك الشرقي ومعزوفات قديمة سماعية كما عزفت سابقاً "لرياض السنباطي" مقطوعات موسيقية غير مغنّاة ومقدمات الأغاني وتتعلم الآن الموسيقى التركية فقد عزفت مقطوعات لموسيقيين أتراك أمثال "محمد بتماز ويوردال"».
أصدقاء عازفة العود الواعدة جوى المنلا كثر منهم من يرافقها في رحلتها الموسيقية في "معهد صلحي الوادي" ومنهم من يشاركها الحياة المدرسية فقط وكلهم يجتمعون معاً بالإشادة بموهبتها وإبداعها، ومن أصدقائها الذين تحدثنا معهم الطالبة "رهف رصيص" صديقتها في المدرسة وكذلك في المعهد حيث تخضع أيضاً لدروس في الغناء، تقول "رهف" عن "جوى المنلا":
«إنّها مميزة بكلّ شيء، بعزفها وبتعاملها مع الآخرين، لقد أسست لمستقبلها جيداً باجتهادها ومثابرتها، ولديها تقنيات جديدة دائماً لأن تتعلم الأسلوب التركي في العزف كما أنها بسهولة استطاعت التوفيق بين الدراسة والموسيقا إنها صديقتي المفضلة وأتمنى لها التفوق دائماً والتمييز».
أمّا الأستاذ "فايز زهر الدين" الذي رافق جوى منذ بداياتها في المعهد فقد قال عنها: «جوى طالبة مميزة ومجتهدة منذ بداية التحاقها بمعهد "صلحي الوادي" ليست في الموسيقا، بل في كل شيء، جريئة وطموحة جداً، والطالب المجتهد له النصيب الأكبر، من الاهتمام لأن استيعابه وتحمله يجعله يتعدى زملاءه وهذا ما تتمتع به "جوى".
إنها فتاة جوهرية ولا تقف عند حد معين، علاماتها دائماً ممتاز، وأهلتها لأن تكون بالمرتبة الأولى مناصفة مع زميلة لها، لقد تطور عزفها كثيراً من خلال برامج نفذناها في المعهد وحاولنا تعميمها بالتعاون مع الأستاذ "جوان قره جولي" المدير السابق للمعهد، وتقوم هذه البرامج أو المناهج على قسمين نظري وعملي وتفوقت جوى في كل ما تُدرس، كما سبق وقلت طموحها كبير جداً، إنها تطالبني دائماً بأن أعلمها مقطوعات جديدة، لا يسعني سوى أن أتمنى لها التوفيق والنجاح دائماً».