بأشكال أسطورية خرافية، وأحاسيس الطبيعة، تشكلت تجربة الفنان "حسكو حسكو" متكئاً على خياله، فظهرت لوحات مفعمة بالأحاسيس والحيوية.
وفي لوحاته تظهر هواجسه التشكيلية التعبيرية والعفوية في تبسيط عناصره الفنية وعلى الخصوص الإنسان، وهذا ما كان جلياً خلال حواره مع موقع "eDamascus" بتاريخ /4/12/2011/
تجربته لها خصوصية معينة، ونشعر بأن أعماله مميزة تعبر عن شخصيته وثقافته، وبينها الجغرافية، وألاحظ أنه يستخدم أشكالاًَ كالشجرة وغيرها من النباتات والحيوانات الموجودة في بيئتنا، وغيرها من المنتجات التي تقدمها طبيعتنا، فهو فنان يعتمد على الرسم والمساحة اللونية مستخدماً الأسلوب الخشن
** في الذاكرة الجمعية توجد حكايات التراث الشرقي، الذي يؤدي إلى تكوين صورة عن أي كائن خرافي، وفي لوحاتي يوجد شيء من المخيلة، وشيء من المعاصرة بنفس الوقت، وشيء من الذات، فإذا أردت أن أخلق حيواناً أسطورياً استطيع فعل ذلك، لكن بمفهومي الخاص، عبر دمج الصورة مع الحداثة، إذ لا يوجد شيء يدل على أن هذا الحيوان هو العنقاء مثلاً، حيث يرتبط الحيوان بمفهوم الحداثة الحالية، وهنا أريد أن أشير إلى أنني استطيع أخذ الحيوان رمزاً للكائن الموجود منذ الأزل، والإنسان يعتبر الكائن الذكي، ويستخدم هذه الكائنات غير الذكية، كما نستخدمها كرموز لنا، لنبني من خلالها الخيالات، وبعدها تتحول إلى أسطورة، وحالياً إذا قمنا بالعمل على فكرة معينة، عندها تصبح الصورة هي المستقبل، لكن تكون مختلفة، وأنا استخدم هذه الصور عبر دمجها مع الحداثة، لهذا يوجد الحيوان ككائن في لوحاتي مثل الإنسان.
** أحيانا نمر بمناطق فيها مناظر طبيعية، فنمر فيها مرور الكرام وترجعنا هذه المناطق إلى الطبيعة الأم، فلحظة التفكير بهذه الطبيعة تشكل لنا شيئاً جميلاً، لذلك فإن النباتات والحيوانات بشكلها المبتكر وبالفضاءات المترامية، والأفق البعيد أعمل ضمنهم على خلق حالة صفاء الذهن، ورؤية طبيعية خيالية مريحة.
** بالعموم اللوحات تمر بمخاض فني فلم تنشأ أي مدرسة جديدة منذ خمسين عاماً، وبالنسبة إلي اعتبرها فترة مخاض عالمية، كان للسياسة تأثير كبير على هذا، أما فيما يتعلق بلوحاتي، فلا يوجد مدرسة محددة اعتمد عليها، إذ هناك مدارس ظهرت في فترة محددة من الزمن، قبل الحرب العالمية الأولى وبعد الحرب العالمية الثانية، هذه المدارس جاءت نتيجة ظروف تلك الفترات الزمنية، لتخدم الأفكار الموجودة في تلك الفترة، وحالياً استخدم جميع المدارس، ومعظم تجاربي تجد فيها تجريدية ودادائية وسريالية، وبعض من ثقافة الفن الإسلامي، وأعمل على إنتاج لوحة جديدة للحفاظ على اللوحة الوطنية وتطويرها.
** المواضيع وليدة اللحظة نفسها، لكن هناك أفكار أعرفها وأعمل عليها تشبه القطار، فاللوحة ضمن الفكرة العامة هي وليدة محطة، وكل فنان له طريقة رسم مختلفة، لذلك المدارس تعمل حسب الفنان وثقافته، ومدى تعامل هذه المدرسة مع أفكاره، ودائماً الروح تربط الأعمال مع بعضها بعضاً، لذلك لا اعتمد على مدرسة محددة، فهناك فنانون يعتمدون على موضوع معين، إذ يوجد من يحب رسم الموضوع بطريقة تعبيرية، فيقوم بتضييع الإنسان ليصبح تعبيرياً ويكون أقوى.
** هذا سؤال ذكي وأحببته، في الحقيقة عندما يبدأ الفنان بالرسم، لا يهمه قيمة الموضوع، بقدر ما يكون الهم الوحيد كيفية ظهور هذا الموضوع وسهولة تقديم هذا الفكر، وهنا للغة البصرية دور كبير، وأن الشخص قادر على أن يصنع لوحة، وهذا الشيء صعب جداً، وإلى اليوم نحاول صنع هذه اللوحة من خلال الفكر والممارسة اليومية والتفرغ للفن، ويحاول الفنان أن يجد نفسه في اللوحة التي يرسمها، ورغم كثرة المواضيع في العالم لا يوجد موضوع إلا تطرق له الإنسان، مثلاً هناك فنان يرسم إنساناً، وممثل بفيلم سينمائي يرسم حالة إنسان أو قصيدة شعر، فهذا الإنسان نفسه، لكن تختلف وجهة نظر الفنان وأدواته، ويمكن أن يختلف الرسم بين فنان وآخر، لذلك الفن عبارة عن مساحة لا متناهية من الحرية، والفن أكثر مكان تتواجد فيه الحرية، وكل شخص يرسم ويكون صادقاً بعمله يكون مختلفاً عن غيره تماماً.
** مثلاً ترى لوحة عندي يوجد فيها كائنات، لكنها وحوش بريئة ولها أشكال غريبة، ونحن توجد لدينا فكرة دائماً أن الإنسان يشبه آلة التسجيل، وكل ما يقال يسجله في عقله من الثقافات والأفكار المتراكمة بعقولنا وذاكرتنا الجمعية، فأكثر الأحيان لا تكون صحيحة، فهناك جمعيات كثيرة يوجد فيها أخطاء، فمثلاً أي كائن هو عدو أو مخيف مثل الحيوان حيث أحبه كثيراً، لذلك عندما أقوم بالرسم اعتمد على شيء من الطفولة، لذلك فالخطأ المعروف أن نقوم بتربية الإنسان على فكرة العدائية لأنها ستجعله يضع حواجز بينه وبين أي عناصر فكرية بالحياة.
وإن أي عنصر بالحياة تعاملنا معه بفطرية فالنتائج ستكون أفضل، وتجد أن دول العالم لا يوجد رمز منها للإنسان بل رموز الدول تكون حيوانية، كالديك الفرنسي، والتنين الصيني، والنسر السوري.....الخ، وكل هذه الرموز لها ثقافة تراكمية، ونأخذها كرمز للكرامة وللحرية وللإباء، وهي بنفس الموقف مخيفة، لذلك يجب أن نحدد موقفنا من هذه الكائنات، وبالنسبة إلى لوحاتي فقد عملت على تحديد موقفي منها على أنها كائنات تعيش معنا، وعلينا احترامها، والتعامل مع وجودها كما نحن موجودون، فنحن وهم يكمل بعضنا بعضاً، ونعيش ككتلة واحدة على كوكب الأرض، وليس هناك ضرورة أن نطرد فئة من هذه الكائنات.
** أحب أن أقول للجيل الجديد الصاعد إنهم مقبلون على أفكار جيدة وأعمال رائعة، ولا أحب أن أتطرق إلى موضوع العولمة لأنها تنتشر في كل أنحاء العالم، وهي واقع سيحدث، والسؤال هنا كيف يمكن أن نضيف بصمتنا على هذه العولمة كإنسان سوري أو كإنسان شرقي؟ لأننا نحن على هامش العالم، يقولون إن الفنان العالمي هو الفنان الغربي، لذلك على شبابنا ألا يوقعوا أنفسهم في هذا الخطأ الفادح، وألا نفعل كما نشاهد على الانترنت، بل أن نتمسك بهويتنا، ليكون العمل الفني بفكرته أفضل، وبالنتيجة نستطيع أن نخدم حكاياتنا الشعبية، بلغة بصرية عالية، وهي لغة عالمية، فكلما تعمقنا بأنفسنا كنا فنانين عالميين أفضل.
الفنان "مصطفى علي" رأى خلال مقابلة مع موقع "eDamascus" بتاريخ 5/12/2011: «الفنان "حسكو" يعتبر من الفنانين الشباب الذين بدأت أعمالهم تتميز من خلال ألوان غير صارخة، لكنها تحوي المساحات الباردة والحارة، فأعماله مزيج بين البيئة أو الجغرافية، مستنداً على المكان والطقس المستمد من الأسطورة القديمة، حيث يمزج بين الجغرافية والميثيولوجيا، فيرتكز على إشارات ورموز تذكرنا ببيئة شمال "سورية"».
وأضاف: «تجربته لها خصوصية معينة، ونشعر بأن أعماله مميزة تعبر عن شخصيته وثقافته، وبينها الجغرافية، وألاحظ أنه يستخدم أشكالاًَ كالشجرة وغيرها من النباتات والحيوانات الموجودة في بيئتنا، وغيرها من المنتجات التي تقدمها طبيعتنا، فهو فنان يعتمد على الرسم والمساحة اللونية مستخدماً الأسلوب الخشن».