الفنان الفوتوغرافي السوري "خلدون الخن" من الفنانين الذين يقدرون قيمة اللحظة التي نعيشها فتظهر معه أهمية الصورة الضوئية من خلال الحالة التي تنقلها صورته الفنية.
"eDamascus" التقى الفنان "خلدون الخن" وكان معه الحوار التالي:
يعد الفنان "خلدون الخن" من المواهب الشابة والمبدعة في مجال الفن التصويري، فقد شق "الخن" طريقاً خاصاً أكد فيه بصمته الخاصة في عالم التصوير الفوتوغرافي حين حاول أن يعكس من خلال فنه جمال الحياة ومعاناتها، فهو يحاول أن يتحدث من خلال الصورة التي يلتقطها ليرصد وينقل بها ما يريد أن يقوله الجسد الماثل أمامه، كما يكمن السر الإبداعي في كثير من أعمال "الخن" في أسلوبه الشخصي في التعامل مع الضوء سواء الضوء الذي يملكه ويتحكم به في الأستوديو أو ضوء الطبيعة ومشهدية الصورة الفنية وتطويعها بطريقة مذهلة تجعل له بصمة واضحة في كثير من أعماله، فأعماله تحمل شحنات من الأحاسيس الجياشة المتقدة التي تعكس الإبداع الفني الذي يمتلكه "الخن" وتعبر عن الحياة بكل مفاصلها، كما تعتبر أعمال "الخن" من الأعمال الفنية الهامة في حياتنا لأنه يرصد بهذه الأعمال مفاصل الحياة والأجسام الثابتة والمتحركة، واستطاع بذل جهود كبيرة ومتابعة مستمرة لعملية التصوير من خلال إقامة العديد من المعارض بأن يكون لديه أرشيفا مهما من الصور الضوئية في مختلف المجالات
** كانت بدايتي مع فن التصوير في عام 1978م من خلال كاميرا "الياشكه" العائدة لوالدي الذي كان يعمل في تحميض وطباعة الأفلام الأبيض والأسود العائلية وتصوير الحفلات من أعياد الميلاد والحفلات الخاصة مع أستوديو "زهرة" العائد للمصور "رياض سنبل" في منطقة "المرجة"، وكان أكثر ما يلفت نظري ويحرضني على التصوير هي حركات أخي الصغير الذي أكبره بعشرة سنوات، بالإضافة إلى أيام الربيع عندما يتفتح الورد والبراعم على الأغصان وحركة الحشرات على جذوع الأشجار، حتى عام 1982م. بعد ذهاب أخي الكبير إلى "رومانيا" للدراسة أرسل لي كاميرا روسية "زنت" مع تنك لتحميض الأفلام، فكنت أصور الأفلام وأحمضها عندي واختار الصورة التي تعجبني وأطبعها في أستوديو، وفي عام 1986م وعندما تم إحداث معاهد جديدة في القطر ومن بينها معهد الفنون التطبيقية، ولحبي لهذا الفن الجميل تركت دراستي في الهندسة الزراعية وانتقلت للدراسة في هذا المعهد وسجلت في قسم التصوير، وبعد تخرجي وتطور تجربتي الفنية في مجال التصوير فكرت بالمشاركة في معارض للتصويرالضوئي لكي ادخل في هذا المجال بشكل أوسع، وكان أول معرض فردي لي في عام 1991م في المركز الثقافي بالمزة، وبعدها شاركت مع مجموعة من الأصدقاء في معرض جماعي في المركز الثقافي بالمزة أيضاً، ثم انتسبت إلى نادي تصوير الضوئي السوري والمنظمة الدولية للتصوير FIB، كما أني شاركت في معظم معارض النادي وفي معارض وزارة الثقافة، وبعدها شاركت في العديد من المعارض الدولية، والآن أعمل كمحرر صورة ومصور صحفي في الوكالة السورية للأنباء "سانا".
** إن أكثر المشاهد التي تلفت نظري وتثير مشاعري هي "الحالات الإنسانية، معاناة الأطفال، الشيوخ والإنسان"، كما أني من عشاق مدينة "دمشق" هذه المدينة التي تبعث فيك الحياة بمجرد عبورك فيها، والتي تفوح منها رائحة الماضي والحاضر والمستقبل، فتثيرني أزقتها بيوتها، شبابيكها وحجارتها" وأغلب صوري منذُ بدايتي لمهنة التصوير هي عن هذه المدينة العريقة، بالإضافة إلى اللقطات التي تحكي حكاية أو قصة جميلة.
** من أكثر الأعمال التي يمكن أن عبر عنها بالضوء هي الحالات الإنسانية وصور البورتريه، التي تجسد من خلال الضوء تجاعيد الزمان على وجه الإنسان، وأيضاً الحالات الإنسانية من خلال علاقات الناس فيما بينهم من عطفهم على بعض أو مساعدتهم لبعض أو ترقبهم للمجهول.
** هناك الكثير من اللقطات الفوتوغرافية النادرة والجميلة التي تكون بنت ساعة حدوثها ولا تعوض وإذا لم تحصل عليها تفقدها مثل تصوير "البرق، قوس قزح والحوادث"، وهناك مشاريع للتصوير تعنون وتدرس كيفية اللقطات وفي أي ساعة يدخل الضوء وأحسن ساعات لتصوير فيها، مثل مشاريع العمل منها "الهوية، شبابيك وأبواب..."، أو حسب الزمن مثل "الربيع، الثلوج، الخريف والينابيع ..."، أو حسب المكان مثل "البيوت الدمشقية، القلاع والساحل...".
** إن الإنسان الفنان دائماً متجدد ومتغير حسب كل فصل يعيشه في السنة أو الحياة، فكل فصل يفرض على الفنان جماله الخاص الذي يتميز به عن بقية الفصول، والمصور بعينه الصائدة والماهرة يلتقط جماليات هذا الفصل ويجسدها في صورة فوتوغرافية تعبر عن هذا الجمال، بالنسبة لي أعتبر أن كل فصل يضفي على الصورة جمالا معينا لابد من استغلاله والتعبير عنه رغم ثبات الكادر وتغير الزمان.
** إن أكثر ما يتعرض له المصور هو منعه من التصوير وتعرضه للضرب وتكسير كاميراته، وقد تعرضتُ لمثل هذا الموقف كثيراً، والموقف الذي لا يمكن أن أنساه كان عندما قمت بتصوير فتاة صغيرة لم تتجاوز الثامنة في ثيابها القديمة والمهترئة وهي حافية القدمين وهي تبيع الدخان، وكان ذلك في منطقة "البحصة بدمشق"، فلفتت نظري بحركاتها فتوقفت واخترت الزاوية المناسبة من أجل إظهارها بالكادر الذي أريده، لكن ذلك لم يكن مفهوماً من قبل المارة حولي فحاولوا منعي، إلا أني شرحت لهم الموقف، ولم أكرر ذلك أبداً.
** المصور يحتاج إلى جميع أنواع الكاميرات والعدسات من العدسة الضيقة إلى العدسة الواسعة، ويكون استعمالها حسب الصورة أو اللقطة المراد تصويرها، وما المسافة التي تبعد المصور عن الهدف المراد تصويره، فإذا كانت المسافة قصيرة ولا تستطيع الرجوع لأخذ مشهد بشكل كامل فإنك تحتاج إلى العدسة الواسعة، وإن كان هدف التصوير بعيداً أو لا تستطيع الاقتراب منه فإنك تحتاج إلى العدسة الضيقة، وإجمالاً المصور بحاجة إلى جميع أنواع العدسات لكي لا يضيع عليه أي لقطه تثير انتباهه، وفي زمننا هذا العدسات الزوم والزوم الرقمي المتوافرة بشكل كبير ساعدت في إيجاد الحل لأكثر احتياجات المصور الفنية.
** يجب على المصور أن يكون ذكياً في لحظة التقاط الصورة، وأن يستبق مشهدية اللحظة أو الحدث الذي يريد التقاطه قبل فوات الأوان، فبعشرين ثانية يجب أن يكون المصور في حالة تأهب لالتقاط صورة ما يريد، وهذا يتطلب سرعة البديهة وشيئاً من الحظ، وخاصة في هذه المهنة.
** اعتقد أن الفن هو العلاقة الوثيقة بين الموهبة والتحصيل العلمي الأكاديمي والممارسة الدؤوبة، وخصوصاً في مجال التصوير الضوئي على رغم انتشار الصورة بشكل كبير من خلال الكاميرا الجوالة والكاميرات الصغيرة، فالفن هو موهبة وقدرة على رؤية الأشياء من حولنا والمثابرة على البحث والتعمق في هذا المجال وكل ما يدور من حوله، إضافة إلى معرفة الكاميرا لأنها تحفة تقنية رائعة، ورغم سهولتها يجب أن نعرف كيف نعالج الضوء، وما هو مردود الظلال وكيف تكون المناطق ذات القيمة الضوئية العالية، وكيف تكون الألوان في كل وقت ومع تغير منابع الضوء، وكيف تكون الصورة وأبعادها، وفي المجمل يجب على المصور أن يثقف نفسه بتاريخ الفن ومعرفة إبداعات الفنانين الكبار من مصورين وتشكيليين.
** مشاركتي في ورشة العمل الأخيرة "الهوية" هي إثبات وجود لجمعيتنا "نادي فن التصوير الضوئي في سورية"، ورغبة مني في التعليم والتطوير الدائمين في علم التصوير لأن العلم يتطور بشكل يومي، ونحن بحاجة إلى التعلم دائماً مهما كانت خبرتنا العملية الأكاديمية، وعموماً كانت تجربة رائعة ومهمة جداً لإثبات وتطوير فن التصوير الضوئي في سورية، ونحن بحاجة إلى مثل هذه التظاهرات الفنية ليلتقي ويتعرف جميع المصورين ومن جميع الأجيال على بعضهم بعضاً ويتعلموا من تجارب الغير.
** ملتقيات الفن بشكل عام شيء رائع وحوار منتج، وهي موعد لتبادل الخبرات ووجهات النظر والتعرف على أعمال الآخرين، والتصوير الضوئي هو جزء من ذلك، وإضافة إلى قراءة اللوحة بطرق تقنية حديثة وتجارب فردية غنية بالأفكار يدخلها نقاش حول طريق معالجة كل موضوع على حدة، للأسف وعلى الرغم من الأهمية الكبيرة لمثل هذه الملتقيات في نشر فن التصوير الضوئي لا يوجد لدينا في سورية ملتقي للمصورين، وهذا ما نسعى إليه ضمن جمعية نادي فن التصوير، وذلك من خلال تقديم الطلبات إلى جميع المؤسسات المعنية من أجل إيجاد مقر للنادي، ويكون هذا المقر ملتقى للمصورين وهدفا لجميع الفوتوغرافيين، علما بأن نادي فن التصوير تم تأسيسه في عام 1979م، وتعد هذه الجمعية من أقدم الجمعيات في الوطن العربي التي تعنى بأمور المصورين بعد الجمعية المصرية.
** على الرغم من الصعوبات الكثيرة التي تواجهنا يقوم النادي بشكل مستمر في إقامة خمسة معارض كل سنة، منها معرض كل ثلاثة أشهر "معرض الربيع، الصيف، الخريف، الشتاء"، بالإضافة إلى المعرض السنوي الذي يجوب كل المحافظات السورية، وكان آخر معرض قدمناه هو معرض "سورية التاريخ" الذي افتتح بالمركز الثقافي العربي في "أبو رمانة" قبل شهرين، وانتقل بعدها إلى "الحسكة" حيث افتتح في المركز الثقافي العربي "بالحسكة"، وبعدها سيفتتح في حلب بتاريخ 14/ 2/2012م، ومن ثم سينتقل إلى "طرطوس" وبعدها إلى "دير الزور" وإلى "السويداء" ومن ثم إلى باقي المحافظات إن أمكن، وكما نأمل من جميع الجهات المهتمة بأمور التصوير الاهتمام بالنادي وتقديم العون والمساعدة وإيجاد مقر لجمعيتنا لتطوير هذا الفن الراقي والجميل.
التقينا الفنانة والمصورة الضوئية "رغد حيد"، وحول رأيها بالفنان "خلدون الخن" تقول: «يعد الفنان "خلدون الخن" من المواهب الشابة والمبدعة في مجال الفن التصويري، فقد شق "الخن" طريقاً خاصاً أكد فيه بصمته الخاصة في عالم التصوير الفوتوغرافي حين حاول أن يعكس من خلال فنه جمال الحياة ومعاناتها، فهو يحاول أن يتحدث من خلال الصورة التي يلتقطها ليرصد وينقل بها ما يريد أن يقوله الجسد الماثل أمامه، كما يكمن السر الإبداعي في كثير من أعمال "الخن" في أسلوبه الشخصي في التعامل مع الضوء سواء الضوء الذي يملكه ويتحكم به في الأستوديو أو ضوء الطبيعة ومشهدية الصورة الفنية وتطويعها بطريقة مذهلة تجعل له بصمة واضحة في كثير من أعماله، فأعماله تحمل شحنات من الأحاسيس الجياشة المتقدة التي تعكس الإبداع الفني الذي يمتلكه "الخن" وتعبر عن الحياة بكل مفاصلها، كما تعتبر أعمال "الخن" من الأعمال الفنية الهامة في حياتنا لأنه يرصد بهذه الأعمال مفاصل الحياة والأجسام الثابتة والمتحركة، واستطاع بذل جهود كبيرة ومتابعة مستمرة لعملية التصوير من خلال إقامة العديد من المعارض بأن يكون لديه أرشيفا مهما من الصور الضوئية في مختلف المجالات».
الجدير بالذكر أن الفنان "خلدون الخن": من مواليد دمشق، تخرج في معهد الفنون التطبيقية قسم التصوير سنة 1988م، شارك في العديد من المعارض محلية والدولية لفن التصوير الضوئي، بالإضافة إلى أقامة العديد من المعارض فردية، عضو المنظمة الدولية للتصوير FIB، رئيس نادي التصوير الضوئي في سورية، ويعمل حالياً كمصور صحفي في الوكالة السورية للأنباء "سانا".