استهواه التصوير الفوتوغرافي فأبحر في عالمه، وشق له طريقاً خاصاً ومميزاً أكد فيه بصمته الخاصة في عالم التصوير الفوتوغرافي، إنه الفنان الضوئي "عصام النوري".
ولمعرفة المزيد عن تجربة هذا الفنان "eDamascus" التقى الفنان المصور الضوئي "عصام النوري"، وكان معه الحوار التالي:
إن تجربة الفنان "عصام النوري" الطويلة في عالم التصوير الفوتوغرافي جعلته من الفنانين المميزين على مستوى البلد، كما أن الفنان "النوري" يتميز بعين إبداعية جميلة من خلال مهارته الإبداعية في تخليد المشهد المراد تصويره، بالإضافة إلى براعته في اختيار اللقطة والزاوية المراد تصوير منها، كما أن احتفاظ الفنان "النوري" بكثير من الصور التاريخية في الخمسينيات والستينيات من قرن الماضي أي من خلال كاميرته البدائية "الأبيض والأسود" جعل من هذا الصور مصدراً تاريخياً وجمالياً لأهم الأماكن الأثرية في سورية حيث يعود تاريخ البعض منها إلى أكثر من 60 عاماً، وهذا ما يضيف ميزة في حياة الفنان "النوري" الفنية
** كان بدايتي مع هذا الفن الجميل في عام 1954م، عندما أهداني أحد أصدقائي في إيطاليا كاميرا بدائية "الأبيض والأسود" ماركة "كومت"، وكنت أحدد فيها السرعة والمسافة والفتحة، كما كنت أصور بها في ذلك الوقت كل ما أراه أمامي وأشعر بأنه مشهد جمالي لا بد من تخليده في الذاكرة، حيث مازالت أحتفظ بكثير منها على النيكاتيف، وبعدها اقتنيت كاميرا روسية الصنع نوع "كيب"، حيث صورت بها الكثير من الأماكن الأثرية في سورية تخليداً لهذا الحضارة التاريخية العريقة، وكان أستاذي في فن التصوير في ذلك الوقت الأستاذ الفنان "محي الدين طولو"، حيث كان من أشهر وألمع المصورين في "سورية" والعالم العربي في ذلك الوقت، وبعدها زاد حبي وشغفي بهذا الفن العريق فاستمريت في إقامة العديد من الدورات التدريبية، وبعدها وللأسف أبتعدت عن التصوير قليلاً بسبب مسؤوليات العمل، ولكن حبي للتصوير وعشقي له ظل مسيطراً، وهذا ما دفعني إلى الرجوع بقوة إلى هذا الفن المبدع حيث انتسبت لعضوية النادي التصوير الضوئي في "سورية" وشاركت في العديد من المعارض الفنية الجماعية ما زاد من خبرتي في هذا العالم الفني من خلال الاحتكاك مع العديد من الفنانين الضوئيين والاستفادة من خبراتهم الفنية كما أقمت مؤخراً معرضي الفردي الأول في المركز الثقافي الروسي في "دمشق".
** أنا أركز دائماً على فلسفة أن الصورة تحتوي على زمن متنقل ومكان متغير أي إنني ضد فكرة أن الصورة لحظة ثابتة من الزمن، هذا المفهوم قد يكون لزاماً ضمن حدود التصوير الصحفي أو التصوير التوثيقي وصولاً إلى البورتريه، فهناك خلق للتمازج بين مكونات اللوحة ومكونات الصورة "الإطار، اللون، الضوء، حركة المكونات وحتى خلفية الصورة"، وعملية انتقال الجسد من مكان لآخر ضمن حركة أخرى لعدة مفردات تحيط بهذا الجسد، تخلق حالة من الرؤية للمتلقي تجعله ينتقل مع حركة هذا الجسد ضمن ما هو محيط به، أي إننا حققنا زمنا متغيرا لهذا الجسد ومكانا متغيرا في صورة ضوئية ثابتة.
** أشياء كثيرة جعلتني أحب التصوير منها الرسالة التي يحملها فكل فن يحمل رسالة والتصوير أحد تلك الفنون، والتي أعتبرها من أرقى الفنون في العالم.
** أعشق تصوير "دمشق" ببيوتها القديمة التي تفوح منها رائحة الماضي العريق لهذه المدينة التاريخية، وأزقتها التي تحكي في كل واحدة منها حكاية دمشقية جميلة، فضلاً عن حبي لتصوير وتوثيق الأماكن الأثرية والتاريخية التي أعشق رؤيتها وإظهار جمالها وعظمتها التاريخية، كما أحب تصوير الطبيعة بأنواعها من "الشواطئ، الصحاري، السهول، الجبال"، ولكن هذا لا يمنع من التوجه إلى محاور أخرى كتصوير الوجوه "البورتريه"، المباني الجميلة، الورود والأزهار، طبعاً هذا كله يعتمد على الأجواء المتوافرة.
الصور هي عبارة عن لوحة فنية تهتم بكل تفاصيلها من خلال رؤيتك الفنية، وإحساسك وكل ما يجول في مخيلتك، فأنا أعشق صوري والأماكن التي أقوم بتصويرها لما تحمل معها من الجمالية والإبداع في نقل رسالة جمالية مبدعة عن اللقطة المراد تصويرها ونقلها إلى المتلقي.
** عندما أشعر برغبة في التأمل، في الهروب من كل تفاصيل الحياة وأعمالها، عندما تزعجني أصوات المحركات وحديث الناس وتكرار الوجوه، أحمل الكاميرا وأخرج للتصوير، وهنا نعمة كبيرة من نعم التصوير، حيث يغريك للنهوض فجراً للاستكشاف والبحث والمغامرة وكسر الروتين.
** في بعض الأحيان تكون هناك أفكار مسبقة، فالتصوير الفوتوغرافي وسيلة راقية للتعبير مثله مثل الشعر والرسم وغيرهما من الفنون الأخرى، فالأعمال تبدأ كومضة من خيال تترجم فيما بعد على شكل صورة أو قصيدة أو أي نتاج ثقافي وإبداعي آخر.
** بالطبع كهواية، لأن فن التصوير الفني يعطيك كل ما يدور في ذهنك ومخيلتك وكل إحساسك، عكس التصوير كمهنة فقد تصور مواضيع أنت لا ترغب في التقاطها ولكنك مجبر في التقاطها.
** بالفعل بدايتي واجهت عدة معوقات أولها لا يوجد معاهد متخصصة في هذا المجال، ولا يوجد نشرات مهتمة في التقاطها باللغة العربية، ولم يكن في بدايتي شبكات الانترنت التي وفرت المزيد من التسهيلات للمصورين الهواة في زماننا.
** سؤال صعب، فأنا لا أزال طالباً في مدرسة الحياة، أعيش دوما بنفسية الطفل الصغير الذي لديه حب المعرفة لاكتشاف عوالم مختلفة جديدة، فهي دائما تحفزني للبحث عن كل ما هو جديد، بين الأبيض والأسود وباقي الألوان، وفلسفة الحياة والتجريد الروحي في الكتب الفوتوغرافية وأساليب التصوير أو بمشاهدة معارض صور أو تشكيل، والأهم من ذلك كله أتمتع ببصيرة إدراكية تحليلية للأمور التي تحدث من حولي، فهي تثري ثقافة النظر لدي، وهي المحرك لي من الداخل.
** التسويق مهم في حياة من يسعى للنجاح، وهو بنظري أساسي ولابد أن يتمتع به الإنسان العادي مهما كان مجال تخصصه في العمل، إن التسويق فن، والتصوير فن، وأي مجال له علاقة بالفن يعتمد على قدرة الإنسان الإبداعية، وابتكار أفكار وطرق جديدة والابتعاد عن التقليد والروتين، إن التسويق دون فن لا يكفي والفن دون تسويق معادلة لا يكتب لها النجاح في معظم الأوقات، إن التسويق يعلم الإنسان كيف ينظر للأشياء ويحللها وكيف يفكر بمثل تفكير الناس من حوله وكيف يستهدفهم ويصل إليهم ويؤثر بهم، التسويق باختصار لغة العلاقات الناجحة.
** المصور الناجح باعتقادي هو الذي يجمع بين الحس الفني والإنساني وبين التمكن التقني والمعرفي، فالتصوير الفوتوغرافي هو مزيج من عين لماحة وفكر خلاق وقدرة تقنية ومعرفية تحولهما إلى عمل فني محبوس داخل إطار الصورة.
العمل الفني المبدع هو نتاج صاحبه وبالتالي فهو يعكس هواجس الفنان، وما المادة المصورة إلا أداة لإظهار تلك الهواجس. والدليل على أن الصورة المبدعة تمثل صاحبها أكثر ما تمثل من فيها أن صور البورتريهات التي أعملها يستطيع أي عارف بالمصورين أن يقول إنها صور "النوري" رغم أن أصحاب الصور مختلفون فهذا البورتريه هو أنا أكثر من كونه عائداً للشخص الذي فيه.
** أرى الحركة الفوتوغرافية السورية تسير ببطء نوعا ما، والسبب في ذلك يعود إلى كونها مشاريع فردية، ولكننا نلاحظ في الوقت نفسه أنها ظلت تتحرك باستمرار وبشكل تصاعدي، وخصوصاً في السنوات العشرة الأخيرة، ويبرز ذلك في الانجازات وعدد الجوائز التي حصل عليها مصورون سوريون، وافتتاح صالات عرض جديدة، والزيادة في إقدام المصورين على إقامة المعارض في "دمشق" وغيرها من المدن السورية التي تشهد حراكاً ثقافياً فوتوغرافياً على مدار السنة، سواء على مستوى المحلي أو على مستوى العالم العربي أو حتى على مستوى العالم.
** أكيد، فأنا أرى في المؤسسة مشروعاً جماعياً "فنياً، ثقافياً وطنياً" من الدرجة الأولى، من شأنه أن يساهم في إثراء الفكر ونشر ثقافة متعددة الحضارات، ومدارس ضوئية، واحتواء الخبرات والانجازات الفردية والشبابية وتطويرها وصقلها، وتعامله مع واقعه بشكل واع، ما يعني الحفاظ على ميراثنا الثقافي والحضاري.
** إن من أهم الأساسيات التي يجب أن يتحلى بها المصور هو حبه لهذا الفن وليس ما يطلب منه، وأن يتمتع بالذوق والحس والصبر وسرعة البديهة، وأن تكون له رؤى مختلفة عن الآخرين، وأن يكون مطلع على علم التصوير وهنا أقول ليس فقط أن تتعلم الأساسيات وتقول بأنك درست فقط، على المصور أن يتابع آخر الصور الحديثة ويكون على اطلاع على أخبار التصوير والعلم في تطور، على المصور المبتدئ في الممارسة هذه الهواية باستمرار والاستطلاع ومشاهدة تجارب الآخرين والتقبل النقد.
كما التقينا الفنان الضوئي "خلدون الخن"، وعن رأيه بالفنان "عصام النوري" يقول: «إن تجربة الفنان "عصام النوري" الطويلة في عالم التصوير الفوتوغرافي جعلته من الفنانين المميزين على مستوى البلد، كما أن الفنان "النوري" يتميز بعين إبداعية جميلة من خلال مهارته الإبداعية في تخليد المشهد المراد تصويره، بالإضافة إلى براعته في اختيار اللقطة والزاوية المراد تصوير منها، كما أن احتفاظ الفنان "النوري" بكثير من الصور التاريخية في الخمسينيات والستينيات من قرن الماضي أي من خلال كاميرته البدائية "الأبيض والأسود" جعل من هذا الصور مصدراً تاريخياً وجمالياً لأهم الأماكن الأثرية في سورية حيث يعود تاريخ البعض منها إلى أكثر من 60 عاماً، وهذا ما يضيف ميزة في حياة الفنان "النوري" الفنية».
والجدير بالذكر أن الفنان "عصام النوري": من مواليد "دمشق" 1938م، تخرج في جامعة "دمشق" كلية الحقوق سنة 1969م، تابع دورات تعليمية عديدة في مجال الفن التصوير الضوئي في معهد "أدهم إسماعيل" في "دمشق"، عضو في نادي التصوير الضوئي في "سورية"، شارك في العديد من المعارض الجماعية كان آخرها في "القامشلي، وحلب وطرطوس" 2011 و2012م، كما أقام مؤخراً معرضا فرديا الأول له في "المركز الثقافي الروسي".