نجحت المصارف الإسلامية العاملة في السوق السورية من كسب ثقة المتعاملين واستقطاب الأموال من خارج الجهاز المصرفي، وعلى الرغم من أن المصارف الإسلامية لم تبدأ عملها في سورية إلا في الربع الأخير من العام 2007 إلا أن حجم ودائعها في العام 2008 وصلت إلى 35 مليار ليرة سورية أي ما نسبته 11% من إجمالي ودائع القطاع المصرفي الخاص، كما أن أصول المصارف الإسلامية بلغت حوالي 46 مليار ليرة في نهاية العام 2008 وهو ما يشكل حوالي 12% من إجمالي أصول القطاع المصرفي الخاص.
وبرأي العديد من الخبراء في القطاع المالي والمصرفي فإن هذه المصارف استطاعت تحقيق قفزات كبيرة، وفرضت نفسها كلاعب أساسي ومؤثر في السوق المصرفية السورية.
أصبح حجم إيداعات البنوك الإسلامية في العالم يتجاوز 500 مليار دولار، وهو يشكل نسبة عالية من الإيداعات البنكية العالمية مقارنة مع عمر البنوك الإسلامية التي لم تبلغ الأربعة عقود
ولمناقشة التحديات والبحث عن بيئة مؤاتية للمزيد من التوسع ونمو العمل المصرفي الإسلامي في سورية احتضنت "دمشق" يوم الاثنين 1/6/2009 فعاليات المؤتمر الرابع للمصارف والمؤسسات المالية الإسلامية، تحت عنوان "الصيرفة الإسلامية فرص الاستثمار وتحديات المنافسة"، بمشاركة 800 شخصية من حكام مصارف مركزية ومديرين تنفيذيين لمصارف مالية إسلامية، وبنوك تجارية واستثمارية من 20 دولة عربية وأجنبية.
وعن واقع عمل المصارف الإسلامية في سورية قال الدكتور "أديب ميالة" حاكم مصرف سورية المركزي: «تحتل الصيرفة الإسلامية حيزاً هاماً في العمل المصرفي السوري، وهناك العديد من القرارات التي تدعم عمل المصارف الإسلامية بإلزام المصارف بالمعايير المحاسبية وإقرار نظام قبول الهيئات الشرعية للمصارف الإسلامية العاملة في سورية، ودليل الحوكمة حيث أفرد للمصارف الإسلامية دليل مستقل».
وللمصارف الإسلامية قواعد عمل محددة أوضحها لنا د."ميالة" بقوله: «هناك محاور خاصة تحكم الصيرفة الإسلامية وتشكل إطاراً ناظماً للتعامل مع التحديات التي تواجهها، وهي الالتزام بأحكام ومبادئ الشريعة الإسلامية، والتدقيق الشرعي الداخلي، وحقوق أصحاب حسابات الاستثمار ومسائل الشفافية والإفصاح المتعلقة بهم».
وأعلن حاكم مصرف سورية المركزي عن عدد من القرارات التي ستصدر قريباً: «مجموعة من القرارات ستصدر قريباً بحيث تتوافق مع المعايير الدولية، ومنها كفاية الأموال الخاصة في المصارف الإسلامية، والإفصاح لتعزيز الشفافية ومتطلبات التدقيق الشرعي، ومعايير اختيار المدققين والتطابق والملائمة».
اعتبر د."ميالة" أن دخول المصارف الإسلامية للعمل في سورية يعد خطوة هامة لتطوير العمل المصرفي والنمو الاقتصادي، من خلال دورها في تقديم التمويل للمشاريع الحيوية.
بدوره وجد "صفوان عرفة" عضو اللجنة العليا للاستثمار في المنطقة الحرة أن المصارف الإسلامية استطاعت أن تحقق إنجازات كبيرة خلال فترة زمنية قصيرة: «أصبح حجم إيداعات البنوك الإسلامية في العالم يتجاوز 500 مليار دولار، وهو يشكل نسبة عالية من الإيداعات البنكية العالمية مقارنة مع عمر البنوك الإسلامية التي لم تبلغ الأربعة عقود».
ويرى "عرفة" في حواره معنا أن العمل المصرفي الإسلامي في سورية من شأنه أن يحقق مكاسب مميزة موضحاً كلامه ببعض الأمثلة: «الصيرفة الإسلامية في سورية شهدت نجاحاً واضحاً، وحققت أكثر من 13% من حجم إيداعات البنوك الخاصة، من خلال مصرفين إسلاميين فقط وهي بعامها الثاني.. مقارنة بـ 13 مصرفاً تقليدياً خاصاً، وهذا مؤشر على حجم الطلب العالي على المنتج المالي الإسلامي».
ويوضح د."علاء الدين زعتري" أمين الفتوى بوزارة الأوقاف دور هيئة الرقابة الشرعية في عمل المصارف الإسلامية بقوله: «الصيرفة الإسلامية في سورية بدأت منذ فترة قريبة واستطاعت إثبات وجودها من خلال القانون، وأيضاً بقوة الرقابة الشعبية.. وألزم القانون مجلس الإدارة في كل المصارف الإسلامية بقرارات هيئة الرقابة الشرعية، وبالتالي فإن عمل المصارف الإسلامية الآن بدأ يتحسن ويزداد تألقاً وهو ما يحقق الانسجام بين ما يعتقده المسلم وما يمارسه في الحياة».
بدوره "أحمد عبد الرحمن السماوي" محافظ البنك المركزي اليمني أوضح لنا ميزات الصيرفة الإسلامية في ظل عالم يعيش أزمات مالية واقتصادية متلاحقة: «العمل المصرفي الإسلامي أثبت نجاحه وخسائره شبه معدومة، وتعتبر المصارف الإسلامية أقل المؤسسات المالية تأثراً بالأزمة المالية العالمية، حيث شكل التمويل الإسلامي طوق نجاة من الأزمة العالمية، وكان أكثر صلابة في مواجهة التراجع الاقتصادي نظراً إلى طبيعة الأدوات والمنتجات الإسلامية».
ويناقش المؤتمر على مدى يومين التحديات والمنافسة التي تواجه الصناعة المالية الإسلامية، والأزمة المالية العالمية وما تشكله من فرصة لتعزيز المصارف الإسلامية، إضافة إلى التأمين التكافلي ومعايير منتجات والسندات الحكومية والصكوك وإدارة السيولة.
تجدر الإشارة إلى أن عدد المؤسسات المالية الإسلامية يقارب 390 مؤسسة تنتشر في 75 دولة عربية وإسلامية، ويقدر حجم الموجودات في تلك المؤسسات بـ 1000 بليون دولار.