بما أن أي عملية تعديل وتغيير في المجتمع تستوجب شرط الإقناع للنجاح، وخاصة إذا كان الحديث عن تغيير يمس المناهج التعليمية والعملية التربوية التي تشكل القاعدة الأساسية التي ننطلق منها نحو التقدم والإبداع، فكان لا بد من تكثيف الجهود للشرح والتوصيف واستبيان ردود الأفعال على مستوى المعنيين من مدرسين ومدرسين مساعدين وطلاب وأولياء الأمور من خلال دورات تدريبية وندوات ومحاضرات تكون وزارة التربية معنية بها بالدرجة الأولى.
تأتي المحاضرة التي قدمها "محمد علي حسين" مسؤول الوسائل التعليمية في وزارة التربية والتي أقيمت في المركز الثقافي العربي بـ"جوبر" بتاريخ 10/11/2010 تحت عنوان "تأثير المناهج الحديثة على سير العملية التربوية" لتوضيح أسباب التغيير والدوافع الأساسية التي استندت عليها وزارة التربية في تطوير المناهج التعليمية، حيث تحدث الأستاذ المحاضر لموقع eSyria: «تأتي هذه المحاضرة لتوضيح أسباب التغيير الحاصل على المناهج المدرسية والتي تتلاءم مع التفجر المعرفي الكبير في العالم، الذي يتطلب منا وضع منظومة تعليمية جديدة توصلنا إلى حالة أفضل لمناهجنا المدرسية».
من يرى حتى في المناهج الجديدة المحدثة أية أخطاء على المستوى العلمي أو أسلوب الطرح أو طريقة إعطاء المعلومة قبل أوانها، سنكون في وزارة التربية مستعدين لتلقي الملاحظات والحوار للوصول إلى صيغة أفضل
وأضاف: «ومن خلال اطلاعنا على تجارب عالمية تتعلق بتغيير المناهج في أمريكا ونيوزيلندا وألمانيا وحتى بعض الدول العربية كالكويت مثلاً، نأمل نجاح هذه التجربة في سورية عبر أخذنا منها ما يلائم مجتمعنا السوري ويتوافق مع احتياجاته، وتوفير بنية تحتية ملائمة لهذه المناهج».
شرح "حسين" في محاضرته الأسباب الحقيقة التي تقف وراء التغيير الحاصل على المنهاج المدرسي: «أولاً مشكلة الحشو، فيجب علينا ألا نحمل الطالب معلومات لا يمكنه الاستفادة منها مستقبلاً، إضافة إلى مشكلة تكرار المعلومات في صفوف دراسية أعلى الأمر الذي يسبب الملل والإرهاق للطالب، ومشكلة عدم الانسجام بين بعض المواد وحتى على مستوى المادة الواحدة».
كما تحدث "حسين" عن مبدأ المعايير والكفاءات التي اعتمدتها وزارة التربية في التغيير والتطوير والتي تتضمن ثلاثة مداخل، فالأول يتحدث عن أسباب المعرفة والذي أوضح من خلاله المحاضر كمية المعلومات التي يجب أن تعطى للطالب في كل مرحلة عمرية، إضافة إلى مقدارها في الفترات الأخرى، وتابع عن المدخل الثاني وهو المهارات شارحاً عن الفجوة بين النظري والتطبيق، وصولاً إلى المدخل الثالث الذي أوضح فيه المنهج التكاملي بمعنى التكامل بالمعلومة الصحيحة.
حاول "حسين" تضمين شرحه التركيز على الحوار والتواصل بين الطالب والمدرس، إضافة إلى تواصل أولياء الأمور مع المعنيين حيث قال: «من يرى حتى في المناهج الجديدة المحدثة أية أخطاء على المستوى العلمي أو أسلوب الطرح أو طريقة إعطاء المعلومة قبل أوانها، سنكون في وزارة التربية مستعدين لتلقي الملاحظات والحوار للوصول إلى صيغة أفضل».
وعبر "غسان نجار" أحد الحاضرين بصفته مدرس لمادة الإنكليزي عن مدى الاستفادة الحقيقية من هذه المحاضرة بقوله: «بحثت الندوة مواضيع حساسة تهم المدرس وأولياء الأمور تضاف إلى الدورات التي تم تلقينها عن أسلوب وطريقة طرح المعلومات لتساهم في تفهمنا لكيفية التعامل مع التغيير الحاصل الذي يتطلب تجريباً لابد من أن نكون شركاء فيه لنحصل على النتائج الأمثل».
أما "محمد العبد الله" وهو مهندس زراعي فقال: «رغم أني لست من السلك التعليمي لكني أعتبر نفسي معنياً بأي خطوة تمس تطوير سورية وخصوصاً فيما يتعلق بمناهج التعليم وأعتقد أنه بمزيد من الثقة بالنفس والإصرار لابد أن نكون على أرض صلبة تمكننا من المضي نحو خطوات أكثر عملية، تساعدنا على تنمية فكر وإبداع جيل المستقبل».
يذكر أنها المرة الأولى في تاريخ سورية التي يتم فيها تغيير المناهج من مرحلة رياض الأطفال حتى الثانوية، ويشهد العام الدراسي الحالي المرحلة التطبيقية لهذه المناهج.