نال المعماري السوري ( عمر عبد العزيز الحلاج) جائزة جائزة آغا خان للعمارة في دورتها الأخيرة للعام 2007, عن دوره في إدارة عملية الحفاظ على مدينة "شبام" التاريخية في حضرموت, وهو يعمل حالياً رئيساً لفريق خبراء مشروع تنمية المدن التاريخية في اليمن مع وكالة التعاون الفني الألمانية.
لتوفير الدعم الفني للحفاظ على موقعين من مواقع التراث العالمي في اليمن, إضافة إلى مساعدة الإدارات الوطنية اليمنية في وضع استراتيجيات الحفاظ على التراث الحضري, وهو خبير في مجال الإدارة العمرانية والحفاظ على التراث الحضري, شارك في إعداد مخطط الارتقاء بمدينة حلب القديمة وتنفيذ عدد من برامج الترميم من خلال مشروع إحيائها. eSyria التقت (الحلاج) على هامش المحاضرة التي ألقاها في مكتبة الأسد بتاريخ 7/5/2008, وذلك في إطار سلسلة المحاضرات التي ينظمها مركز تريم للعمارة والتراث.
تحدث لنا عمر عبد العزيز الحلاج عن بداية عمله :" عملت في مدينة حلب لإحياء التراث في حلب القديمة, ومن ثم كلفت من قبل مركز حماية حلب القديمة بترأس لجنة حماية التراث في المدينة وبقيت مستمراً فيها إلى العام 2001 , عملت بعدها في مشروع التنمية الحضارية في مدينة شبام التاريخية في اليمن, وفي العام 2004 استلمت إدارة المشروع, ونحاول نقل التجربة إلى المدن والمناطق التاريخية في دول المنطقة."
وحول جائزة آغا خان التي حصل عليها قال:" حصلت على جائزة آغا خان في العام 2007 عن عملي في مدينة شبام التاريخية والحفاظ على التراث المعماري فيها, وعملية الحفاظ كانت عملاً متكاملاً ومشروعاً ساهم به عدد كبير من الأشخاص إضافة إلى تعاون جهات متعددة لإكمال هذا المشروع,
وكان لنا الفخر أن يكون واحداً من المشاريع التي نالت هذا الشرف الكبير", وأضاف "كنت من خلال العمل رئيس فريق الخبراء وكان دوري الرئيسي أن أكون الوسيط بين مختلف الأطراف العاملة في المشروع لإيصاله إلى بر الأمان, ومن الخطأ الاعتقاد بأنني كنت الوحيد الذي حصل على هذه الجائزة فقد كان هنالك فريق عمل متكامل بذل جهداً كبيراً للوصول إلى هذا النجاح فجميع المشاركين بهذا العمل يحق لهم الفخر بهذا الانجاز,الجائزة تمنح كل ثلاث سنوات من قبل لجنة تحكيم مستقلة تقوم بانتقاء أفضل المشاريع التي تعرض عليها من العالم وتختار عدداً منها تعتقد أنه من أفضل ما قدم".
وعن نوعية المشاريع المقدمة يقول:" لا تنحصر هذه المشاريع في مواضيع التراث؛ وإنما تشمل كافة الفنون المعمارية بشكل عام, وهذه المشاريع تقدم إلى العالم بمنظور أن للعالم الإسلامي فنونه المعمارية الخاصة وإمكانياته التي يشكل بها رديف الخطاب العالمي في العمارة, وكان مشروعنا في المدن التاريخية اليمنية جزءاً من هذه المشاريع العالمية."
وعن سر النجاح والإبداع قال:" بالنهاية على الإنسان أن يفكر دائماً أنه هنالك أناس آخرون يجب العمل معهم,مجرد التفكير بأنك أنت الشخص الوحيد المعتمد عليه في أي عمل فمن المستحيل الوصول إلى النجاح", ويضيف "وأنا كنت محظوظاً للعمل مع فريق متميز وأتفاهم بدوري مع هذا الفريق للوصول إلى عمل متميز ومتكامل".
وحول المحاضرة التي قدمها أضاف" محاضرة اليوم تتكلم حول الخلفية التي عملت بها في الأعوام الماضية, فالحفاظ على التراث لابد وأن يكون مرتبط بخطوات وسياسات اقتصادية واضحة للدولة, فلا يكفي أن تقوم بتنفيذ أعمال افرادية هنا وهناك لابد من سياسة عمل متكاملة, فالدولة من الممكن أن تقوم بتوفير مبالغ للحفاظ على التراث, ولكن السؤال أين المكان الأفضل الذي نضع فيه هذه المبالغ, ففي بعض الأحيان يحصل أن تصرف الدولة مبالغ كبيرة على مواقع لا تحقق المردود المطلوب, وكان من الممكن أن تستغل هذه الأموال في صرفها على مواقع محددة ومدروسة للحصول على أفضل النتائج وبإمكانيات محدودة."
وحول مشاريعه المستقبلية أضاف:" مستمر في العمل في مشروع التنمية الحضارية في اليمن؛ وسنحاول بعد النجاح الذي حصلنا عليه نقل هذه التجربة إلى كل دول المنطقة, بشكل عام السياسة التي نضعها سياسة مرنة متوازنة قابلة للتكرار بمجرد تأهيل الكوادر البشرية المطلوبة, وأتمنى في المستقبل أن يتم نقل هذه التجربة إلى سورية".
والتقينا المهندسة ( ريم عبد الغني) مؤسسة مركز تريم للعمارة والتراث للحديث حول نشاطات المركز وأهدافه, فقالت:" مركز تريم للعمارة والتراث مؤسسة غير حكومية انطلق عملها في العام 2004 ومقرها في مدينة دمشق؛ تعنى بقضايا التراث في العالم العربي, لدينا مشاريع كثيرة في الترميم والحفاظ على المواقع الأثرية, ولكن مشروع أربعاء تريم الثقافي مختلف عن بقية المشاريع ففي أول أربعاء من كل شهر يتم دعوة محاضرين باختصاصات مختلفة من كتاب وشعراء وفنانين للحديث عن موضوع التراث والهوية, على اعتبار أن التراث هو صلة الوصل والرابط الأساسي بين الشعوب وهو من المواضيع المهمة والرئيسية في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية والسياحية".
وأضافت, "نحاول اختيار نخبة من المختصين للحديث عن التراث وأهميته والاستفادة من الخبرات العملية لهؤلاء المحاضرين عبر أعمالهم السابقة, ومنهم محاضر اليوم المعماري (عمر عبد العزيز الحلاج) الخبير بموضوع التنمية المعمارية, والذي سيتحدث عن أهمية القاعدة الاجتماعية الواسعة لتكون الشريك الرئيسي في عملية الحفاظ على التراث".
واعتبرت أن الهدف الأساسي من هذه المحاضرات, "هو موضوع الهوية والحفاظ عليها من خلال مواضيع ونقاشات مختلفة, ومحاول التعاون مع مختلف الجهات في الوطن العربي, والتواصل مع مؤسسات عالمية لنتعلم منهم ونستفيد من خبراتهم في هذا المجال".
تجدر الإشارة إلى أن هذه المحاضرات تعقد في الأربعاء الأول من كل شهر على مدار العام, في قاعة المحاضرات الرئيسية لمكتبة الأسد تحت اسم " أربعاء تريم الثقافي " وتلقيها نخبة مختارة من المختصين في شتى مجالات الثقافة العربية, ضمن إطار العلاقة الحيوية لهذه المجالات بالتراث والهوية العربية وأهمية الحفاظ عليها, وضمن طرح فكري يناقش الإشكاليات المطروحة ويتميز بوضوح الرؤيا والجرأة والجدية, ومن خلال تجارب المحاضرين وخبراتهم العملية.
ويتلخص مشروع " أربعاء تريم الثقافي " في كلمة واحدة, " الهوية " هذه الهوية التي أخذت معالمها تبهت أو تتغير تحت وطأة الضغوطات المختلفة, باسم " العولمة- الحداثة – المعاصرة – التكنولوجيا " وغيرها ..., ومسؤولية المعماريين والمخططين التاريخية في هذه المرحلة تكريس عمارة عربية حديثة تستمد قيمها ومزاياها من روح العمارة العربية الأصيلة, وتستفيد في الوقت ذاته من تسهيلات التكنولوجيا لتلبي احتياجات عصرنا.
ولا يتعامل مركز تريم للعمارة والتراث على أساس اعتبار كل قديم يمثل تراثاً, فالتعامل مع التراث يتطلب وعياً ومعرفة ورؤية واضحة, أن نعرف كيف نختار وماذا نختار مما يزخر به التراث من قيم ما زال الكثير منها حياً وصالحاً للاستمرار, ومن ثم إعادة استخدامه بشكل خلاق يواكب متطلبات العصر ليكون مخزونه الزاخر نقطة انطلاق للتحليق نحو الجمال والإتقان, لا قيداً يكبلنا ويمنعنا من التعامل مع كل جديد.
الجدير ذكره أن جائزة آغا خان للعمارة أنشأها الآغا كريم خان في العام1977, وذلك من أجل تشجيع المفاهيم المعمارية التي تنجح في مواجهة احتياجات المجتمعات الإسلامية وآمالها, وتقوم الجائزة على التعريف بنماذج العمارة المتميزة في أنحاء العالم الإسلامي في مجالات التصميم المعاصر، والإسكان، والارتقاء بالمجتمع, وتنمية وتصميم المناظر الطبيعية وتحسين البيئة، وتبلغ قيمة الجائزة المالية 500 ألف دولار أمريكي تقدم كل ثلاث سنوات، وتعد أرفع جائزة دولية تمنح لأدوات الحياة بنهجها الاجتماعي والثقافي والبيئي والمعماري.
تدير الجائزة لجنة توجيهية برئاسة سمو الأمير آغا كريم خان,
أعضاء اللجنة هم: عالمة الآثار( سلمى الراضي ) العراق, (والمعماري تشارلز كوريا ) نيويورك, والمؤرخ المعماري (كينيث فرامبتون) مومباي, والمعماري( فرانك غيري) لوس أنجلوس, والمؤرخ وعالم الآثار (لويس مونريال) برشلونة, وأستاذ تاريخ الأديان (عظيم ناجي) لندن, والمعماري (علي الشعيبي) الرياض.