ظهرت أعمال الفنان السوري "علي فرزات" على مدى 35 عاماً من الرسم الكاريكاتوري في كبرى الصحف العربية اليومية إضافة إلى عدد من الصحف العالمية المرموقة ومنها "لوموند ونيوزويك"، كما عمل "فرزات" رئيسياً للجمعية العربية لرسامي الكاريكاتير منذ العام 1980 وحصل خلال مسيرته على العديد من
الجوائز منها جائزة الأمير "كلاوس" في العام 2002 كما تم اختياره في العام 1994 ضمن أفضل خمسة رسامين للكاريكاتير في العالم، ومؤخراً شارك "علي فرزات" في معرض "مصابيح مضيئة" حيث التقى معه موقعنا يوم الثلاثاء 6/1/2009 في حديث عن الفن ورسالته وعن الأحداث في "غزة" وما يجري من قتل للأبرياء من الأطفال والنساء...بداية سألته عن أثر فن الكاريكاتير واختلاف هذا الأثر بين دول العالم فأجاب: «العمل الفني الإنساني يصل إلى كافة الشرائح الاجتماعية دون استثناء وفي مختلف أنحاء العالم، وقبل مشاركتي في مشروع "أثر الإعلام في المجتمع" الذي يقام معرض اليوم في إطاره أقمت عدداً من المعارض في دول أوروبية مختلفة إضافة إلى مشاركتي في بعض المهرجانات الفنية، وفيها وجدت أن ذات الحماس لدى الفرنسي والألماني والايطالي تجاه ما أقدمه من رسوم التي ربما بعيدة عن واقع هذه المجتمعات إلا أنها تعالج قضايا إنسانية بشكل رئيسي وهو ما جعلها محط اهتمام من مختلف الجنسيات حول العالم.. وأعتقد أن الفن يجمع الشمل الإنساني دون تمييز».
وسائل الإعلام حالياً أصبح لها ما يشبه الأجندات الثابتة وما يجري في "غزة" ليس المجزرة الأولى فقد سبقتها "دير ياسين، قانا، جنين..."، ووسائل الإعلام المختلفة تعتمد على مبدأ "بافلوف" القائم على الفعل ورد الفعل من خلال منبهات خارجية ما يحول هذه الوسائل إلى مبرمجات تعمل بشكل آلي
للفن رسالة حضارية أولاً يقول "فرزات" عن ذلك:
«في كل أنحاء العالم المتحضر منه والمتخلف كما يسمونه يلعب الفن بأشكاله دور الجسر الحضاري للتواصل بين الشعوب والثقافات المختلفة والتقريب بينها، واليوم أي رسالة إعلامية أو خطاب سياسي هو إعلام مجفف ليس باستطاعته إيصال صوتنا وصورتنا إلى دول العالم، أما العمل الفني "الموسيقا، الرسم فالأثر سيكون أكبر لأنها رسالة فيها الحياة والحيوية».
سبق وأشرنا أن "علي فرزات" تم اختياره واحداً من أفضل خمسة رسامين للكاريكاتير في العالم وهو الأمر الذي حمله مسؤولية إضافية في الموضوعات التي يتناولها وفي طريقة هذا التناول يقول:
«اختياري من بين أفضل الرسامين في العالم زاد من إمكانية التفاعل مع الآخرين، ومن خلال الزيارات والمعارض المختلفة في دول العالم يزداد هذا التفاعل ويتعزز من خلال تبادل الخبرات والمعارف واكتساب تجارب جديدة، وهو الأمر الذي يعطي العمل الفني حيوية أكبر إضافة إلى أن التجربة لها أثر كبير في تطور العمل الفني».
لم تغب أحداث "غزة" المؤلمة عن حوارنا ووصف "فرزات" موقف الشعوب والدول العربية من هذه الأحداث قائلاً:
«المشكلة الرئيسية هي في كوننا شعب يحمل ثقافة آنية ثقافة صراخ في وقت لا نفع فيه للصراخ والاستجداء.. سبق لي منذ 25 عاماً أن قدمت رسومات تفضح وحشية العدوان الإسرائيلي وكل ما رسمته ذكرت فيه أن هذه الأحداث لن تتوقف وستحمل الأيام القادمة مجازر أخرى مشابهة، إلا أننا شعوب تعتمد على ردات الأفعال الآنية مما يسمح للآخرين باستثمار هذه المجازر لصالحهم وهناك اليوم دكاكين تعيش من وراء هذه المجازر ومن قتل الأطفال والنساء، كلنا لم يتفاجأ أن إسرائيل ترتكب هذه المجزرة ولم نستغرب دعم بعض دول العالم لها فهو أمر اعتدناه منذ سنوات طويلة وهنا علينا أن نفكر بالعقل ونتفاعل بالقلب أي لا يجب علينا أن نكون محكومين بالعاطفة، فالاحتلال يأتي أولاً من الداخل وإسرائيل دولة عدوانية ما أقصده –يتابع "فرزات"- أن علينا ألا نلعن المرض فهو موجود أصلاً وإنما أن نعزز المناعة ضد هذا المرض وهذا يحتاج إلى تخطيط طويل الأجل حتى لا تتكرر مجازر اليوم في قادم الأيام».
** «وسائل الإعلام حالياً أصبح لها ما يشبه الأجندات الثابتة وما يجري في "غزة" ليس المجزرة الأولى فقد سبقتها "دير ياسين، قانا، جنين..."، ووسائل الإعلام المختلفة تعتمد على مبدأ "بافلوف" القائم على الفعل ورد الفعل من خلال منبهات خارجية ما يحول هذه الوسائل إلى مبرمجات تعمل بشكل آلي».
والأمر مختلف بالنسبة إلى الشعوب العربية يتابع "فرزات": «بالطبع الأمر يختلف بالنسبة إلى الشعوب العربية فالشارع العربي اليوم يعيش على وقع الأحداث في "غزة" وهو محكوم بالإحباط لما يجده من مواقف مخزية من بعض دول العالم، بالنهاية أقول أن الأوطان لا يمكن أن تحميها الدبابات والأسلحة المتطورة مهما بلغت درجة تطورها وإنما يدافع عنها الإنسان فحافظوا على كرامته».