الرواية نوع من أنواع سرد القصص، تحتوي على العديد من الشخصيات وقد تكون إحدى هذه الشخصيات الكاتب نفسه، ولكل منها اختلاجاتها وتداخلاتها وانفعالاتها الخاصة.
وفي هذا الصدد تحدّثت الدكتورة "عاطفة الفيصل" من جامعة "دمشق" قسم اللغة العربية، مع موقع "eDamascus" عن أعمال الأديبة "كوليت خوري"، وقد رأت الدكتورة "عاطفة الفيصل" أن التحول الاجتماعي والثقافي والاقتصادي، الذي طرأ على المجتمع العربي "السوري" في نهاية الأربعينيات والخمسينيات نتيجة الظروف السياسية التي عمت البلاد وأدت لنشوء أحزاب سياسية متعددة والتمرد السياسي وانخراط المرأة في ميدان النضال السياسي وتمرد البعض منهن تمرداً إيجابياً أو سلبياً كان له أثر فعال في التحول العام وقد ظهر ذلك واضحاً في "الرواية السورية"، والتي كان من أبرز كتابها الأديبة "كوليت خوري"، فتقول الدكتورة "عاطفة الفيصل"عنها: «"كوليت خوري" تلك الوردة الدمشقية التي تعبق رياحينها في أزقتها، فأدبها معزوفة موسيقية تنبعث من أعماق الأنثى وفي الوقت نفسه سلاح حاد في وجه التخلف والتقليد الأعمى، قلمها مرآة خصبة تكتمل به عيون الأجيال القادمة ويضيء لهم دروب الحياة الحرة ويخطو الإبداع ويتدفق شلالاً عذباً من أناملها العريقة، تقول الأديبة عن نفسها (ولدت في أسرة صغيرة جداً بالعدد، كبيرة جداً بالأصدقاء، ومشهورة جداً في الميدان السياسي والصحفي والأدبي)».
مرت الأديبة "كوليت" بمراحل صعبة في حياتها وتقول على لسان بطلتها في رواية "أيام مع الأيام": (إما أن تكون "سورية" في الغربة أو غريبة في "سورية" فاختارت الحل الأوجع وهو البقاء)
وأضافت "فيصل" لمحة عن حياة الأديبة "كوليت"، حيث قالت: «درست الأديبة" كوليت" الحقوق في الجامعة اليسوعية في "بيروت" عام 1955 ودرست الأدب الفرنسي في جامعة "دمشق" عام 1958، عملت في التدريس في "معهد اللاييك" وفي كلية الآداب بجامعة "دمشق"، وعملت في مجلة "المضحك المبكي" التي كان يصدرها خالها الصحفي "حبيب كحالة"، والدها "سهيل الخوري" تبوأ سدة الوزارة مرتين وهي حفيدة العلامة الأستاذ "فارس الخوري" رئيس وزراء "سورية" وأول رئيس لمجلسها النيابي وكان من أهم رواد القومية العربية في القرن العشرين ومن ألمع أدبائها وشعرائها، مثّل العرب في هيئة الأمم المتحدة، وترأس مجلس الأمن لدورتين عام 1947- 1948، علمها مبادئ العربية فنشأت فصيحة اللسان، انتخبت في مجلس الشعب لدورتين متتاليتين من عام 1990- 1998 وتفرغت بعدها للعمل الأدبي، ومن هواياتها الموسيقا والغناء والطرب، تحب الجمال والجودة في كل شيء».
وعن كتابات الأديبة قالت "فيصل": «نبغت السيدة "كوليت" في سن مبكرة في كتاباتها الأدبية، أصدرت ديوانها الأول "عشرون عاماً" بالفرنسية ثم تتالت رواياتها وقصصها القصيرة ومقالاتها ودراساتها التاريخية وتعد من أهم رائدات تحرر المرأة في الوطن العربي».
وتابعت "فيصل" قائلةً: «لها أعمال أدبية كثيرة منها أربع روايات "أيام معه، ليلة واحدة، مر صيف، أيام مع الأيام"، وأربع مجموعات قصصية منها "أنا والمدى، الكلمة الأنثى، الأيام المضيئة، دمشق بيتي الكبير"، وصدر لها مجلدان بعنوان "أوراق فارس الخوري" ويليهما مجلدات أخرى ومقالات حوالي خمسمئة مقالة، وصدر لها أخيرا كتاب بعنوان "ويبقى الوطن فوق الجميع"».
وعن رواية الأديبة "كوليت خوري"، "أيام مع الأيام" حدثتنا الدكتورة "عاطفة الفيصل" قائلة: «مرت الأديبة "كوليت" بمراحل صعبة في حياتها وتقول على لسان بطلتها في رواية "أيام مع الأيام": (إما أن تكون "سورية" في الغربة أو غريبة في "سورية" فاختارت الحل الأوجع وهو البقاء)».
أما في رواية الأديبة "ليلة واحدة" فتقول "الفيصل": «البطلة "رشا" في رواية "ليلة واحدة" تنتابها مشاعر القلق والاغتراب والوحدة واليأس فهي امرأة دمشقية تزوجت في سن مبكرة من رجل يكبرها بخمسة عشر عاماً وكان الزوج ينظر إليها على أنها شيء من ممتلكاته والراوية بمجملها رسالة اعتراف تخطها "رشا" إلى زوجها من أحد فنادق "باريس" وهي قصة حياة كاملة عاشتها في ليلة واحدة مع غريب في الفندق التقته أثناء سفرها وعرفت من الطبيب الذي أجرى لها فحوصات هناك أنها قادرة على الإنجاب ولهذا كان يتهرب زوجها من إجراء الفحوصات الطبية وأثناء عودتها لمواجهة زوجها بالحقيقة تصدمها سيارة وتفارق الحياة وتكون سعيدة بهذه النهاية كانت حياتي.. كأن حياتي.. ليلة واحدة».
وأضافت: «الرواية تطرح موقفاً فكرياً هاماً وهو زواج الأنثى في بلادنا بتخطيط من الأهل لتنتقل من سلطتهم إلى سلطة الزوج الذي لا يرى في المرأة إلا شيئاً من ممتلكاته لذلك أخفقت "رشا" في زواجها، الكاتبة تريد بذلك أن التمرد الايجابي يؤدي إلى التحرر الصحيح في حين أن الرضوخ والاستسلام لا يعطي أي مجال للمرأة غير الضياع».
أما الكاتبة "سلمى الصالح" فتقول: «دار الأديبة "كوليت خوري" عامرة بالزوار والأدباء والإعلاميين وهي أشبه ما تكون بناد أدبي تغمره المجلات والكتب وتزين جدرانه اللوحات الفنية الرائعة، أحاديثها جذابة وندية وهي شخصية بارزة في الحياة الثقافية "السورية"، تمردت في حياتها على كل ما هو بال ومتخلف ورجعي من العادات والتقاليد الاجتماعية وقالت عن أبطال رواياتها وقصصها إنهم أشخاص تحبهم وتقوم بخلقهم كما تريدهم على الورق».
أما الأديبة الفنانة التشكيلية "نادية محمود" فتقول عن "كوليت خوري": «الأديبة" كوليت" في رواياتها تغوص في جذور المشكلات التي تتعرض لها المرأة وتكشف عن أسباب القهر الذي يسود المجتمع وتحاول رسم الخلاص حسب رؤيتها من خلال إيحاءات بعالم جديد متنور، فالفنان الصادق والحقيقي يلتقط اللحظات الدقيقة والجليلة التي هي برزخ ما بين الحياة والموت هكذا هي الروائية المبدعة كوليت فتفصح روايتها "أيام معه" عن تمرد عنيف ضد التقاليد السائدة».
الجدير بالذكر أن الكاتبة "كوليت خوري" ولدت في "دمشق"، وتلقت تعليمها الأولي في "مدرسة راهبات البيزانسسون"، وأتمت دراستها الثانوية في المعهد الفرنسي العربي في "دمشق"، بعدئذٍ درست الحقوق في الجامعة "اليسوعية" في "بيروت"، ثم تابعت تحصيلها العالي في "جامعة القديس يوسف"، ثم في جامعة "دمشق"، ونالت الإجازة في اللغة الفرنسية وآدابها، وهي عضو جمعية القصة والرواية.
من مؤلفاتها:
1- عشرون عاماً- شعر بالفرنسية- دمشق 1957.
2- أيام معه- رواية بيروت 1959.
3- رعشة- شعر بالفرنسية- دمشق 1960.
4- ليلة واحدة- رواية- بيروت 1960.
5- أنا والمدى- قصص- بيروت 1964.
6- كيان- قصص- بيروت 1966.
7- دمشق بيتي الكبير- قصة- دمشق1969.
8- المرحلة المرة- قصص- دمشق 1960.
9- الكلمة الأنثى- قصص- دمشق 1971.
10- قصتان- قصص- دمشق1975.
11- ومر صيف- رواية- دمشق 1975.
12- أغلى جوهرة في العالم- مسرحية- دمشق 1975.
13- دعوة إلى القنيطرة- قصة- دمشق 1976.
14- أيام مع الأيام- رواية دمشق 1979.
15- أوراق فارس الخوري- إعداد- دمشق 1993