"عبد الرحمن الشهبندر" طبيبٌ مخلص ومقاوم شجاع يتحلى بالصبر والثبات بوجه الإنتداب الفرنسي ساعياً لاستقلال "سوري" ووحدة الأمة العربية.
السيد "زياد عبود" مدرس تاريخ وأستاذ في اللغة العربية يقول عن "عبد الرحمن الشهبندر": «تعتز "سوريا" بوجود عدد من المناضلين بوجه أي تدخل أو انتداب خارجي بسياقها التاريخي، ومن هؤلاء الدكتور "عبد الرحمن الشهبندر" الذي سجن وأضطر للسفر هرباً من الموت صامداً في نضاله وثابتاً بمبادئه الوطنية والعربية ساعياً إلى وحدة البلاد العربية».
تعتز "سوريا" بوجود عدد من المناضلين بوجه أي تدخل أو انتداب خارجي بسياقها التاريخي، ومن هؤلاء الدكتور "عبد الرحمن الشهبندر" الذي سجن وأضطر للسفر هرباً من الموت صامداً في نضاله وثابتاً بمبادئه الوطنية والعربية ساعياً إلى وحدة البلاد العربية
زار موقع ""eDamscous السيد "محي الدين طباع" باحث في شؤون تاريخ العصر الحديث لسوريا ليحدثنا عن شخص "عبد الرحمن الشهبندر" وحياته فيقول:«ولد "عبد الرحمن الشهبندر" في السادس من تشرين الثاني عام 1879 من أسرة دمشقية معروفة بأصالتها ونفوذها الواسع، والده "صالح الشهبندر" كان يعرف عنه بالمواقف الوطنية والأخلاق الإنسانية، درس "الشهبندر" المرحلة الإبتدائية في "دمشق" ومن بعدها انتقل إلى "بيروت" ليتابع دراسته في الجامعة الأمريكية، تخرج في عام 1906 ونال شهادة الطب، عينته الجامعة أستاذاً فيها وطبيباً يعمل بمشفى الجامعة».
يتابع السيد "طباع":«عاد "عبد الرحمن الشهبندر" من "بيروت" إلى "دمشق" وبدأ نشاطه السياسي فالتحق بصفوف حركة الشيخ "طاهر الجزائري" وكانت حركة إصلاحية ولكنه بعد فترة طلب إلى المحاكمة بسبب نشاط تلك الحركة ضد الدولة العثمانية وكانت تهمته الاشتراك في رسالة "الفقه والتصوف" والكتابة في جريدة "المقطم" المصرية حول السلطان "عبد الحميد الثاني"، بسبب عمره الصغير استطاع أن ينجو من المحاكمة والسجن، وفي تموز في عام 1908 حدث الإنقلاب ضد الدولة العثمانية فعاد "عبد الرحمن الشهبندر" إلى التواصل مع حركة الشيخ "عبد الحميد الزهراوي" والأحرار العرب ثم تابع نشاطه بوجه الدولة العثمانية وسعى مع بعض الإصدقاء له إلى تأسيس جمعية عربية وطنية تقوم على محاربة الدولة العثمانية وتوعية العرب وحثهم على الاستقلال ولكن بسبب الاستبداد العثماني في تلك المرحلة وإعلانها المتكرر لحكم الإعدام أضطر "الشهبندر" إلى الذهاب "للعراق" ومنها إلى "مصر"».
يضيف السيد "طباع" عن "عبد الرحمن الشهبندر":«عمل "الشهبندر" في "مصر" بتحرير جريدة "الكوكب" التي كانت تابعة للاستخبارات البريطانية فبدأ بمهاجمة "جمال باشا السفاح" من "مصر" وفضح ما قام به من استبداد وتعذيب للأحرار العرب في كل من "سوريا ولبنان"، وبعد فترة استقال "الشهبندر" من الجريدة بعد أن اتضح له أهدافها الرامية إلى مساعدة الحكومة البريطانية بأن تكون البديلة عن الدولة العثمانية في البلاد العربية عندها أسس "الشهبندر" عهداً مع ستة من أصدقائه أطلق عليه "عهد السبعة" لأنه هو سابعهم يقضي العهد بأن تتعهد الحكومة البريطانية "بكل بلد عربي يفتحه جيش عربي يبقى عربي" وعندها دعا للإلتحاق بجيش "الشريف حسين" لمواجهة الأتراك والإنفصال عنهم وتحقيق الاستقلال للدول العربية».
يتابع معنا السيد "طباع":«بعد أن نالت "سوريا" استقلالها من الحكم العثماني عاد الشهبندر إلى "دمشق" وحينها أسس "هاشم الأتاسي" وزارته وكانت وزارة الخارجية من نصيب "الشهبندر" وكان ذلك في عام 1920 وفي نفس العام بعدما دخلت القوات الفرنسية إلى "دمشق" عاد "الشهبندر" إلى "مصر" وظل فيها فترة قصيرة كان يقاوم من هناك الاحتلال الفرنسي ويسعى إلى تنظيم أعمال سياسية تدعو إلى المقاومة والإستقلال، تزوج "الشهبندر" من "سارة العظم" ابنة "تقي الدين بك مؤيد العظم" وكان لهذه العائلة دوراً سياسياً رائداً جعله يتقدم إلى واجهة الأحداث الكبرى مدعوماً من عائلة ذات نفوذ عالي ومقام إجتماعي رفيع المستوى».
يتابع معنا السيد "طباع":«في عام 1922 قدم مستر "كراين" إلى "دمشق" على رأس لجنة دولية فاستقبلته الجماهير مطالبة بالاستقلال و حرية "الجمهورية العربية السورية" من الإنتداب الفرنسي ونتيجة لذالك اعتقلت القوات الفرنسية الكثير من الوطنين الأحرار في "سوري"ا و"لبنان" وكان من بينهم "عبد الرحمن الشهبندر" ثم حكمت عليه الحكومة الفرنسية آنذاك بالسجن لمدة 20 عام ثم النفي إلى منطقة "بيت الدين" في لبنان ومن ثم إلى "أرواد"، بعد سنة ونصف صدر عفواً عنه فسافر وقتها إلى "أوروبا و"أمريكا" بهدف شرح الحقائق وتوضيح الممارسات الفرنسية على كل من "سوري"ا و"لبنان" فكان أول سياسي عربي سافر إلى الغرب لإيضاح الأمور على حقائقها».
يتابع معنا الأستاذ "طباع":«عاد الشهبندر إلى "دمشق" في عام 1924 واسس حزب سياسي أطلق عليه اسم "حزب الشعب" وأخذ يعمل بالتنظيم السياسي وتولى قيادة الحزب داعياً إلى إلغاء الإنتداب الفرنسي والعمل على تحقيق الوحدة العربية،وقتها انضم "عبد الرحمن الشهبندر" إلى صفوف الثوار في "جبل العرب" بعد أن سمع عن الممارسات الفرنسية هناك وبقي مع "السلطان باشا الأطرش" يقاتل الفرنسين حتى كبدوهم خسائر كبيرة كان "الشهبندر" حينها واضعاً كل إمكانيته تحت تصرف الثوار ولخدمة الثورة السورية ضد الاحتلال الفرنسي، ولكن بسبب طاقات وقدرات الجيش الفرنسي أرغم على السفر "للعراق" ومن ثم إلى "مصر" وبقي هناك حينها أعلنت الحكومة الفرنسية حكم الإعدام عليه فظل في "مصر لمدة عشر سنوات يعمل للقضية العربية مع اللجنة التنفيذية للمؤتمر السوري الفلسطيني بالإضافة إلى ممارسته مهنة الطب».
يضيف الأستاذ "طباع":«ألغي حكم الإعدام عن "عبد الرحمن الشهبندر" في 11 أيار عام 1937 فعاد إلى "دمشق" وإلى نشاطاته السياسية فأقام له مجموعة كبيرة من أصدقائه والموالين إلى فكره أحتفالات شعبية واجتماعات واسعة وبدأ يخاطب الناس ويرفع من روحهم المعنوية أكثر حيث كان بخطبه مؤثراً وقياديا، هاجم المعاهدة الفرنسيةً عام 1936 وشرح كل سلبياتها على "سوريا" والشعب السوري وعلى أثر هذه الحركات انقسم الشارع إلى فئتين فئة أيدت المعاهدة والكتلة الوطنية بقيادة "هاشم الأتاسي" وفئة أيدت فكر "الشهبندر" ومواقفه السياسية ضد المعاهدة الفرنسية، وبسبب تلك النشاطات والتطورات على الصعيد السياسي حدث في يوم السادس من تموز عام 1940 في الصباح كان حينها "الشهبندر" في عيادته أن دخل إليه ثلاثة أشخاص تظاهروا أنهم يحملون مريض فجأة أطلق أحد الأشخاص عليه النار في رأسه فأرداه قتيلاً وهو "أحمد عصاصة"، شيع حينها أصدقائه والموالين لفكرته ضد الاحتلال الفرنسي جثمانه ودفنوه أمام قبر "صلاح الدين الأيوبي" في "الجامع الأموي" "بدمشق"».
يتابع معنا الأستاذ "طباع":«حاولت السلطات الفرنسية استغلال المواقف المختلفة بين الفرقاء وألصقت التهمة بثلاث أشخاص كان موقفهم مختلف من موقف الشهنبدر وهم "سعدالله الجابري"، "لطفي الحفار" و"جميل مردم بك فاضطروا إلى مغادرة البلاد ريثما تظهر التحقيقات الحقيقة التي أعلن عنها فيما بعد أن من قام بالفعل اعترف أنه قام به بدافع ديني لأن "الشهبندر" قد تعرض للإسلام في أحد خطبه فكان ذلك إنتقاماً للدين، حكمت المحكمة عليهم بالإعدام وعاد الأشخاص التي اتهمتهم الحكومة الفرنيسة إلى البلاد بكرامتهم الوطنية وواصلوا العمل ضد الاحتلال الفرنسي وتحقيق استقلال البلاد العربية».