هو أبو الجامعة السورية وقد وصفه الدكتور "صباح قباني": «رجل لكل الأقدار»، فقد رفع شأن بلده ولغته، فكان له فضل على كل طالب سوري درس وتخرج أو مازال يدرس، فقد ظلت جامعة دمشق مرتبطة باسم الدكتور "رضا سعيد" الذي يفتخر به كل السوريون.
مدونة وطن eSyria وبتاريخ 18/3/2013 وفي بحث أجرته في عدة كتب منها كتاب "عبقريات من بلادي" للمؤلف "عبد الغني العطري" حول الدكتور "رضا سعيد" مؤسس جامعة دمشق، تحدث عن نشأته الأولى بقوله: «ولد الدكتور "رضا سعيد" في دمشق عام 1876 أثناء فترة الاحتلال العثماني، عندما كانت ملامح النهضة العربية قد بدأت تتضح، بكل ما تحمله من أفكار التنوير وإصلاح الأنظمة الاجتماعية والمعيشية والتعليمية، وإعادة المجد للغة والتاريخ العربيين.
من خلال عمله كعميد للمعهد الطبي العربي والجامعة السورية نجح رضا سعيد في كسب احترام الأوساط العلمية والحكومية داخليا وخارجيا.. ورغم انخراط طلابه في العمل الحزبي والسياسي إلا أنه حاول جهده لعدم تسييس نشاط الجامعة
تلقى "سعيد" علومه الابتدائية والثانوية في المدرسة الرشيدية العسكرية، وتخرج فيها عام 1903 حاملاً رتبة رئيس في مدرسة التطبيقات السريرية في الفلخانة، وعين بعدها كمساعد للسريريات العينية في المدرسة الطبية العسكرية، ثم معاوناً للفريق التركي "أسعد باشا".
في العام 1908 رفع إلى رتبة (قول آغاسي)، وفي العام التالي أوفد الى باريس للاختصاص كطبيب مختص بالأمراض العينية، حيث درس في مستشفى (اوتيل ديو) مدة سنتين، نال بعدهما شهادة الاختصاص في الطب العيني من جامعة باريس، وحصل على لقب (مونيتور) أي طبيب باحث».
بعد عودته من باريس الى دمشق عام 1913 عين طبيب عيون أو كحالاً كما كان يسمى آنذاك، في المشفى العسكري المركزي بباريس، وفي عام 1914 عين رئيساً لأطباء الخط الحديدي الحجازي، ثم رئيساً للخطوط الحديدية السورية.
ويضيف "العطري": «في العام 1917 وخلال الحرب العالمية الأولى عينته السلطات العثمانية رئيساً لبلدية دمشق، حيث كانت دمشق في تلك الفترة تعاني الجوع وآثار الحرب، فركز جهوده على محاربة المجاعة وإبعادها عن أهالي دمشق، وبالفعل استطاع التخفيف منها».
مرحلة تأسيس الجامعة:
كان نشر العلم وتعليم أجيال من الأطباء والحقوقيين مشروعاً وطنياً لـ "رضا سعيد" فحين وضعت الحرب أوزارها كان على رأس العاملين من أجل إعادة افتتاح المعاهد العليا المغلقة، ويقول "العطري": «استطاع الدكتور "سعيد" وبمعاونة من آزره في هذا العمل تأسيس كلية الطب، والتي سميت أولاً بـ "المدرسة الطبية العربية"، ثم أطلق عليها اسم "الكلية الطبية العربية" وذلك عام 1919، وفي العام 1920 سميت بـ "المعهد الطبي العربي" ليحل محل المكتب الطبي التركي رغم جميع العقبات التي صادفته، وعمل الى جانب الدكتور "رضا سعيد" مجموعة من أبرز أطباء ذلك العصر، مثل الدكتور "عبد الرحمن الشهبدر"، والدكتور "أحمد العائدي" وغيرهم، وقد انتخب الدكتور "سعيد" رئيساً له نظراً لخبرته الواسعة بالأمور الإدارية وذكائه ومرونته، وكان أستاذاً للأمراض العينية فيه».
حاولت السلطات الفرنسية إغلاق المعهد إلا أن الدكتور "سعيد" عمل جاهداً دون الإغلاق، ونجح في ذلك واستطاع أن يوفر الازدهار والنمو للمعهد، كما نجح في إبقاء اللغة العربية لغة التدريس فيه، واشتغل في تعريب المصطلحات العلمية والطبية.
بعد انسحاب القوات التركية من سورية ولبنان، ساعد في تأسيس معهد الحقوق، وأصبح رئيساً للجامعة السورية في العام 1923.
في عام 1925 اختير ليكون وزيراً للمعارف، فصرف كل جهده لإصلاح التعليم ووضع مشروع البكالوريا السورية، فكتب "العطري": «في العام 1926 أعيد إلى رئاسة الجامعة السورية إضافة إلى رئاسة المعهد الطبي العربي وأستاذ أمراض العيون فيه، وعمل خلال توليه منصبه على توسيع الجامعة السورية فأسس فروعاً للمعهد في أقسام الصيدلة وطب الأسنان والتمريض والقبالة، وفي عام 1929 أصبحت البكالوريا السورية بفضل "رضا سعيد" شرطاً لقبول الطلاب في الجامعة، وبعد جهد كبير قام به "سعيد" وعدد من زملائه في تعريب الكتب والمحاضرات أصبحت الجامعة السورية وأيضاً بفضله، الجامعة الوحيدة في العالم التي تدرس باللغة العربية. ليعيد للغة العربية وهجها كلغة تدرس بها العلوم إلى جانب لغات العالم».
بعد الاستقلال انتقل المعهد من جوار المستشفى الوطني، إلى جوار كليات الجامعة الأخرى التي أنشئت وصار اسمه "كلية الطب".
الكاتب "سمير أنطاكي" كتب عن الدكتور "رضا سعيد": «أصدر "سعيد" كتابه المترجم للغة العربية "مبحث في أمراض العيون للمتمرنين" عام 1920 وهو من تأليف الدكتور الفرنسي "آ. كانتونه"، والكتاب مزود باثنين وخمسين صورة تتعلق بموضوع الكتاب، كذلك انصرف إلى تشكيل الهيئة التدريسية، وإيفاد الأساتذة إلى الخارج للتخصص، وحثهم على تعريب المصطلحات العلمية والطبية ونقلها إلى اللغة العربية وساعد في إصدار مجلة المعهد الطبي باللغة العربية».
في العام 1936 وبعد سنوات من النضال في سبيل ارتقاء التعليم في سورية أحيل "سعيد" إلى التقاعد بطلب منه ليتفرغ إلى عائلته وحياته الشخصية.
كتب الصحفي "سهير الذهبي" عام 2010 متحدثاً عن "رضا سعيد" بقوله: «من خلال عمله كعميد للمعهد الطبي العربي والجامعة السورية نجح رضا سعيد في كسب احترام الأوساط العلمية والحكومية داخليا وخارجيا.. ورغم انخراط طلابه في العمل الحزبي والسياسي إلا أنه حاول جهده لعدم تسييس نشاط الجامعة».
توفي الدكتور رضا سعيد بدمشق ودفن فيها عام 1945 بعد أن رفع شأن البلد ودعم اللغة العربية وورثنا ما نعتز به إلى الآن وهي جامعة دمشق وما تلاها من جامعات سورية لاحقة.
الجدير بالذكر أن "رضا سعيد" المؤسس تزوج مرتين وزوجته الأولى كانت سيدة فرنسية أنجبت له "رفيق وعدنان" وهو والد وزير الصحة الأسبق الدكتور "رضا سعيد".. وسيدة سورية من اللاذقية وقد أنجبت له ثلاث بنات وولداً.
يشار أيضا إلى أنه نال عدداً من الأوسمة نذكر منها:
المراجع:
كتاب "رضا سعيد.. مؤسس الجامعة السورية.. رجل لكل الأقدار" للمؤلف "صباح قباني".
كتاب "عبقريات من بلادي" للمؤلف عبد الغني العطري.
كتاب "رواد طب العيون في سورية" للدكتور سمير أنطاكي.