رسّامٌ شعبيٌّ سوريٌّ ولد في "دمشق" عام 1888، وتوفي فيها عام 1973، نال من الشهرة والاهتمام ما لم ينله فنان تشكيلي سوري معاصر، على الرغم من أمّيته، وعدم التحاقه بمعهد للدراسة، والتزامه البقاء في مسقط رأسه.
مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 15 نيسان 2017، "علي المبيض" معاون وزير الثقافة، الذي تحدث عن حياة الفنان "محمد حرب" المعروف لدى العامة بـ"أبي صبحي التيناوي"، فقال: «أقيمت لأعماله معارض كثيرة في بعض المدن في الشرق والغرب، وصار الطلب على رسومه في أواخر أيامه يفوق طاقته، فاضطر إلى تجنيد أفراد أسرته كافة لمساعدته في إنجاز المطلوب، فهو حالة فطرية غريبة، وطاقة كبيرة من الإبداع.
اعتمد البساطة والتلقائية، وألوانه ذهبت باتجاه الفرح لأبطاله الخرافيين، والأساطير التي تعطي للعامة مسحة من الفرح والتفاؤل، وعلى الرغم من عدم معرفة الكثيرين به وبأسراره، إلا أنه غزا بأعماله مطارح لا يستطيع فنانون كبار اقتحامها بسبب اعتماده على الموروث الشعبي في التصوير
وكان "التيناوي" يرى في رسومه وتقانته سراً مقدساً لا يجوز البوح به أو التعرض له والحديث عنه، ويجد في المعارض التي تقام لأعماله الفنية في الخارج أمراً لا يعنيه، ما دام قد قبض ثمن لوحاته، وكان يؤمن بأن تقليد رسومه ونسخها في "سورية" وبعض الدول العربية أمراً متعذراً إن لم يكن مستحيلاً.
كما أن الراغبين في اقتناء أعماله يعرفون توقيعه: (الرسام أبو صبحي التيناوي، باب الجابية، زاوية الهنود، دمشق، سورية).
كان شديد الثقة بنفسه وفنه وأبطال رسومه، ففي مطلع السبعينيات من القرن العشرين ازدهر إنتاجه الفني، وازدادت الطلبات على لوحاته؛ إذ كان يقصده يومياً راغبون كثر جلّهم من اللبنانيين والأجانب، وكانت "بيروت" وراء تسويق أعماله وذيوع شهرته العالمية».
عرفته "أوروبا" قبل أن تعرفه بلاده على الرغم من انتشار رسومه (المطبوعة) في البيوت الشامية القديمة؛ إذ أمضى ما يربو على سبعين عاماً وهو يرسم مواضيع تحكي ما يفكر به سكانها، وتعكس تقاليدهم وأساطيرهم، وأحبّ الشخصيات إلى قلوبهم، ولا سيما "عنتر" و"عبلة" موضوع الرسام الأثير.
ويتابع: «ارتبطت رسوم "التيناوي" ارتباطاً وثيقاً بالثورة السورية الكبرى، فوصلت أعماله إلى "حمص" وانتشرت بين الثوار، وانعكست في تصرفاتهم وهندامهم وزينتهم؛ إذ كان "أبو زيد الهلالي" و"عنترة بن شداد" و"الزير سالم"، من الأبطال الذين سكنوا ضمائرهم، فحاولوا الاقتداء بهم وتقليدهم.
وتجسدت في رسومه القيم الشعبية الأصيلة والنبيلة، بتلقائية في الرسم واللون خرجت عن المألوف. واقتصرت موضوعاته في البداية على شخصيات، مثل: "أبو زيد الهلالي"، و"عنتر وعبلة"، و"الإمام علي"، و"عمر العامري"، و"الزير سالم"، و"ذياب بن غانم"، و"الزيناتي خليفة"، والنبي "داود وابنه سليمان"، و"النبي الخضر"، و"النبي إبراهيم الخليل"، و"الظاهر بيبرس"، ثم دخلت إلى رسومه مواضيع جديدة، مثل: "الذئبة والراعي"، و"سفينة نوح"، و"النبي يونس"؛ وهذا يؤكد أنه كان يستوحي ولا ينقل، ويبتكر ولا يقلّد. وهو إلى جانب كونه رساماً شعبياً، فنان بدائي وشعبي معاصر ارتبط بمصدر تاريخي مغرق في القدم، وبقي مع شعبيته وبدائيته متفاعلاً مع كل شيء يراه ويسمعه، محافظاً على نكهة الشرق المطعمة بالغرابة، تلك الروح التي تقرب بين أسلوبه وأسلوب المخطوطات القديمة، مثل: "كليلة ودمنة"، و"مقامات الحريري"، ومصادر الفن الشعبي العربي عموماً».
الكثيرون من العامة يعرفون رسوماته، ولا يدركون أنها لفنان لم يتعلم يوماً على يد أحد، وقد اشتهرت هذه الرسومات فيما بعد بالطباعة على الكؤوس والفخاريات، وهي موجودة في أغلب البيوت الشامية، يقول الفنان التشكيلي "فرزان شرف" عن أسلوب الراحل "محمد حرب" في الرسم: «اعتمد البساطة والتلقائية، وألوانه ذهبت باتجاه الفرح لأبطاله الخرافيين، والأساطير التي تعطي للعامة مسحة من الفرح والتفاؤل، وعلى الرغم من عدم معرفة الكثيرين به وبأسراره، إلا أنه غزا بأعماله مطارح لا يستطيع فنانون كبار اقتحامها بسبب اعتماده على الموروث الشعبي في التصوير».