يعدّ "ياسين بقوش" أحد أقطاب الكوميديا السورية، في الدراما التلفزيونية والسينما، حيث اتّبع أسلوباً فريداً بعيداً عن التقليد، وخاصة بشخصيته الشهيرة "ياسينو"، الشخصية البسيطة، لكنها معقدة وصعبة الأداء.
مدونة وطن "eSyria"، التقت بتاريخ 5 أيار 2018، الناقد الفني والإعلامي "جوان جان" رئيس تحرير مجلة "الحياة المسرحية" بمكتبه في مديرية "المسارح والموسيقا"، حيث قال عن الجانب المسرحي للفنان الراحل "بقوش": «لا تقتصر المساهمة الإبداعية في مجال العمل الدرامي عند الفنان "ياسين بقوش" على مجموعة من الأعمال التلفزيونية والسينمائية والمسرحية، التي قدم فيها شخصية الرجل البسيط شبه الأبله، بل يحفل تاريخه في مجال العمل المسرحي تحديداً بكمٍّ من الأعمال التي قدم فيها شخصيات جادّة أصبحت اليوم نسياً منسياً، لأنها لم تعد موجودة سوى في ذاكرة من عاصر عقدَي الستينات والسبعينات من القرن الماضي؛ إذ شارك في عدة أعمال للمسرح القومي، ربما كان أبرزها دوره في مسرحية "سهرة مع أبو خليل القباني"، التي أخرجها الفنان "أسعد فضة"».
الفنان "ياسين بقوش" قامة فنية مبدعة، من جيل عمالقة المسرح "نهاد قلعي"، و"سعد الله ونوس"، و"عبد الطيف فتحي"، وهو الذي صبغ المسرح الكوميدي والدرامي بلونه الخاص، عبر أدوار بسيطة في الشكل، وكبيرة في المضمون
وأضاف: «في مرحلة لاحقة من عمله المسرحي كوّن "ياسين بقوش" فرقة مسرحية سماها: "الفرقة الدرامية"، بالاشتراك مع زميله المخرج "يوسف حرب"، وقدم فيها مجموعة من الأعمال المسرحية المعتمدة على نصوص عالمية بعد نقلها إلى البيئة الشامية. وفي سنوات عمله المسرحي الأخيرة انضم إلى فرقة مسرح "دبابيس" للإخوة "قنوع وقاسم"، العنصر الأساسي في الفرقة الفنان "مروان قنوع"، بطولة عدد من الأعمال المسرحية ذات الطابع الشعبي».
"عادل نبي" الإعلامي، ومدير تحرير مجلة "عشتروت"، قال: «الفنان "ياسين بقوش" قامة فنية مبدعة، من جيل عمالقة المسرح "نهاد قلعي"، و"سعد الله ونوس"، و"عبد الطيف فتحي"، وهو الذي صبغ المسرح الكوميدي والدرامي بلونه الخاص، عبر أدوار بسيطة في الشكل، وكبيرة في المضمون».
وأضاف: «من خلال أدواره على خشبة المسرح، جسّد قولاً وفعلاً، أن المسرح سواء كان كوميدياً أو درامياً، فهو يقدم رسالة هادفة ثقافياً واجتماعياً، في سياق التطور الحضاري للمجتمعات، وهو الذي ظل وفياً لمبادئه والفن والمسرح ووطنه حتى آخر لحظة، لذلك وضع بصمة عند الأجيال، فضلاً عن إنسانيته وتعامله الجميل مع الجميع».
"نورس برّو"، المخرج المسرحي، قال: «"ياسينو" أو "ياسين بقوّش" (الكاراكتر) المتفرد في تاريخ الفن السوري، ببساطته وعفويته ودروشته، استطاع أن يخلق اسمه بحروف بالأبيض والأسود. قدّم شخصية على بساطتها، إلا أنها السهل الممتنع بالنسبة لأي ممثل يبحث عن معادلة تصل به إلى بر التميز عن الآخرين. عاش فقيراً، ومات فقيراً، توسط غناه وسط قلوب الناس وذاكرتهم حول التلفزيون السوري، الذي كان أحد أعمدته، ومن مؤسسي الكوميديا في "سورية" إلى جانب أسماء كبيرة، مثل: "دريد لحام"، و"نهاد قلعي"، و"ناجي جبر"، و"عمر حجو"، وغيرهم. مشوار "بقوش" لم يبدأ من "صح النوم"، ولم ينتهِ بـ"ملح وسكر"، بل كان بهارات المساء اليومية بالنسبة للمشاهد السوري خصوصاً، والعربي عموماً».
أنهى "برّو" حديثه قائلاً: «ما يميز "بقوش" أيضاً أن العديد من الفنانين حاولوا تقليد شخصيته فيما بعد دونما أن تترك أي أثر في ذائقة الجمهور الذي بقي محتفظاً بحق الحب للفقير الغني الذي قتلته الحرب، لكنها أحيت يومها ذكراه مجدداً في تاريخ العقل الجمعي للمشاهدين».
"إحسان السمكري" مهندس وقريب من "بقوش" قال: «تميز الفنان "ياسين بقوش" بإنسانيته وتعامله مع كل من حوله، لم يضمر الشر يوماً لأي الشخص، شخص بسيط، كل ما بباطنه يشبه ظاهره، أحبه جميع الناس، كان يمشي بالشارع ويتحدث مع الكل، ويسأل عن أحوالهم، وعلى مسافة واحدة مع كل الشرائح، ابتعد عن الحسد والغيرة، كان ببساطة "ياسنو" تماماً، ولكن بعقل كبير وثقافة عميقة».
يذكر أن "ياسين بقوش" من مواليد "دمشق" عام 1938، من أعماله الدرامية: "مساكين، ملح وسكر، صح النوم، وين الغلط، وادي المسك، عريس الهنا، تلفزيون المرح، ياسين تورز، سيف بن ذي يزن...". وفي السينما، نذكر: "غزلان، الثعلب، رحلة حب، عروس من دمشق، عنتر فارس الصحراء، غوار جمس بوند، الغجرية العاشقة، حارة العناتر، أمطار صيفية، اتفضلوا ممنوع الدخول، دمشق مع حبي...". وفي المسرح، آخر عمل له كان "السقوط". وقد منحه السيد الرئيس "بشار الأسد"، وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة بعد استشهاده، تقديراً لإنجازاته في خدمة الفن، حيث استشهد عام 2013 في "دمشق"، تاركاً خلفه إرثاً فنياً كبيراً