التطوع هو المساعدة التي يمارسه الإنسان بشكل اختياري طوعي لرفع مستوى المجتمع. وذكر أن ثقافة التطوع ثقافة ايجابية تنمي روح التعاون والمحبة في المجتمع، وهو عملية ذات اتجاهين حيث يشعر الإنسان المتطوع بمشاكل مجتمعه وهمومه، وعندما يلتقي بأناس مثله تخف عنده هذه الهموم ويندفع للعمل بكل قوة، كما أن التطوع يقضي على ثقافة الأنا السائدة في المجتمع.
موقع "eSyria" وتحت عنوان "ثقافة التطوع" التقى بعدد من النشطاء في هذا المجال للوقوف عند المفاصل المهمة لتعزيز هذه الثقافة بين المجتمع، وبداية لقائنا كان مع الفنان السوري "دريد لحام" الذي له الكثير من الفعاليات والنشاطات في مجال التطوع والمشاركة في الحملات الإنسانية في الوطن العربي وسورية، خلال حواره معنا أشار إلى أهمية ثقافة التطوع في حياتنا ووجودنا، كما أن العمل التطوعي يجب أن يحتوي على الإرادة الجدية والقوية لدى الإنسان من خلال قيامه بأعمال تطوعية لخدمة المجتمع وأجياله المقبلة، وهنا أشار "لحام" إلى تجربته الخاصة فترة عمله كسفير النوايا الحسنة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة اليونيسيف والمحاولات التي قام بها في مجال العمل التطوعي لخدمة الأطفال.
إننا بحاجة إلى ندوات وورش عمل كثيرة لتعزيز هذه الثقافة، فهي ذات فائدة كبيرة بالنسبة لنا كطلاب، وهنا نطلب من كلياتنا توسيع قاعدة العمل التطوعي هذه، لتشمل مختلف ميادين العمل في المجتمع، فثقافة التطوع لها معاني كبيرة بتطوير المجتمع وتعزيزه، وهنا لكل فرد دور في تعزيز قدراته لتطوير هذه الثقافة ونشرها بين الطلاب والمجتمع ككل
لتعزيز هذه الثقافة ونشرها في المجتمع يجب على كل مواطن أن يقع على عاتقه المسؤولية الاجتماعية التي تهدف إلى تعزيز هذه القدرات في سبيل نشر هذه الثقافة، وهنا يقول "دريد لحام": «إن ثقافة التطوع واجب على كل مواطن وفرد من المجتمع، وهو مصطلح يعني أن تصنع فائض من وقتك وجهدك وإمكانياتك لتعزيز المجتمع، ومن هنا نرى أن التطوع يعطينا لذة العطاء، كما يعطينا معنى لحياتنا وعمرنا ووجودنا، فالتطوع لا يمكن أن يكون إلا بأن نستغني عن جهدنا وإمكانياتنا الفائضة لتعزيز المجتمع، يجب أن يكون هناك حراك اجتماعي من خلال عملية التطوع يضع المجتمع في وضع أفضل للوصول به إلى القناعة بأن ثقافة التطوع هي واجب على كل فرد وخاصة أننا اليوم وسط شباب وشابات لديهم القدرة الكافية لتعزيز ثقافة التطوع في المجتمع، وكما أن ثقافة التطوع متجذرة في المجتمع السوري، فيجب الاستفادة من هذه الحالة لتطوير المعنى العملي لثقافة التطوع».
محاولات جديدة في شمال غرب سورية لنشر ثقافة التطوع من خلال إقامة دورات لمحو الأمية لاقت النجاح والتطور في الفترات الأخيرة، من هنا نلاحظ أن التطوع يحتاج إلى تفعيل كل الشرائح الاجتماعية للمشاركة في هذه الثقافة المبنية على أسس واقعية وعفوية، وتطورت الفعاليات في سورية في الفترة الأخيرة لتشمل التطوع جيل الشباب والطلبة الذين هم عماد الوطن، وهنا يقول رئيس الاتحاد الوطني لطلبة سورية "عمار ساعاتي": «لقد ازداد عدد المتطوعين في الاتحاد ليصل إلى 2000 متطوع في صيف 2009 عقب ملتقى الشباب العربي والعمل التطوعي الذي عقد في دمشق عام 2007، وهذا الرقم بازدياد وقد يصل إلى 6000 طالب متطوع، إن الاتحاد ليس جهة خدمية تعمل على دهن الأرصفة أو إعادة تأهيل المدارس، بل هو جهة رقابية تشير إلى مواضع الخلل لإصلاحه، ومهمتنا الحقيقية نشر ثقافة التطوع دون الاهتمام بالنتائج فالهدف ليس خدمياً بل ثقافي توعوي، والمتطوعون الذين شاركوا لم يأتوا بمهمة أو غصباً، ونفخر بالعدد القليل الذي شارك بالعمل التطوعي».
إن ثقافة التطوع تقع على عاتق كل مواطن وفرد ومن هنا يشير الفنان "دريد لحام" إلى دور فرقة "جوقة الفرح" التي أسسها الأب "إلياس زحلاوي" في نشر ثقافة التطوع بين جيل الشباب، فيقول: «إن الأب "إلياس زحلاوي" هو من الأشخاص المعروفين الذين حاولوا تطوير وتوسيع ثقافة التطوع، حيث بذل جهده الخاص بنشر ثقافة التطوع من خلال تأسيسه لجوقة الفرح التي تضم /400/ شاباً وشابة يقفون على المسرح بدافع التطوع، هذه الفرقة التي تقوم بآداء الأغاني المحلية بأسلوب راقي، فحققوا بذلك إنجازات راقية جداً بتعريف العالم بالثقافة السورية وسورية من خلال الغناء، وهذا جزء كبير من عملية نشر ثقافة التطوع».
أرقام كبيرة وسعت دائرة التطوع في العالم ومن هذه الأرقام في "كندا" 26% يقومون بأعمال تطوعية أي ما يقارب 5.3 مليون مواطن، وفي "أمريكا" 32000 مؤسسة خيرية للأعمال التطوعية، يساهم 30% من الأمريكيين في هذه الأعمال، 40% منهم من طلاب الجامعات.
مؤسسات تعليمية، مدارس تربوية وفرق موسيقية لكل منها دور في تعزيز هذه الثقافة بين المجتمع، هنا وخلال لقائنا مع الدكتور "عمار المشلّح" في كلية طب الأسنان بدمشق والذي له الدور الكبير في ترشيد الطلاب في الكلية بالمشاركة في عمليات التطوع المختلفة التي تقام تحت إشراف اتحاد الطلبة، قال: «إن العمل التطوعي اليوم من أهم الوسائل المستخدمة للنهوض بمكانة المجتمع، فهو يكتسب أهمية متزايدة يوماً بعد يوم، فمع تعقد الظروف الحياتية ازدادت الحاجة الاجتماعية وأصبحت في تغيير مستمر، ولقد شهد العمل التطوعي تغييرات وتطورات كثيرة كان هدفها الأساسي تقديم الرعاية، والشباب هم عماد المورد البشري الممارس للعمل الاجتماعي، فحماس الشباب كفيل وحده بدعم ومساندة العمل الاجتماعي والرقي بمستواه ومضمونه فضلاً على أن العمل سيذكر الخبرات والمهارات والقدرات التي هي بأمس الحاجة إليها».
إن المجتمع الصورة الأكبر للعائلة، فالعائلة هنا هي التي تشكل المجتمع الأكبر، وهنا تؤكد الدكتورة "وفاء حمود" دكتورة في كلية الطب بدمشق إلى حاجتنا لتنمية العمل التطوعي في بلدنا حيث أنه أمر شائع جداً في دول الغرب ويعتبر من شروط التقدم لكبرى الجامعات مثل "هارفرد" أن تقوم بساعات معينة من العمل التطوعي قبل دخولك إليها، كما أشارت إلى أن الهدف من المحاضرات وورش العمل التي نقوم بها في الكلية تفعيل دور الشباب الجامعي لنهوض المجتمع حيث يفتح الباب للجميع للمشاركة في رفع مستوى الرعاية الصحية ومقاومة التدخين والأمراض الأخرى التي يجب أن تفعل بباب التطوع، ولفتح المجال أمام توسيع قاعدة العمل التطوعي.
أما الطالب "محي الدين راشد" فيقول: «إننا بحاجة إلى ندوات وورش عمل كثيرة لتعزيز هذه الثقافة، فهي ذات فائدة كبيرة بالنسبة لنا كطلاب، وهنا نطلب من كلياتنا توسيع قاعدة العمل التطوعي هذه، لتشمل مختلف ميادين العمل في المجتمع، فثقافة التطوع لها معاني كبيرة بتطوير المجتمع وتعزيزه، وهنا لكل فرد دور في تعزيز قدراته لتطوير هذه الثقافة ونشرها بين الطلاب والمجتمع ككل».
الجدير ذكره أنه وبدعوة من كلية طب الأسنان بدمشق وتحت عنوان "ثقافة التطوع" أقيمت مؤخراً ندوة حوارية مع الطلبة حول مفهوم التطوع وإيجابيته، بحضور الفنان السوري "دريد لحام"، حيث تمحورت الندوة حول مفهوم وتأثير العمل التطوعي وانعكاساته الإيجابية على حياة الفرد والمجتمع.