موسيقي سوري شاب استطاع أن يبرز كقائد أوركسترا وكأحد أهم عازفي آلة "الترومبيت"، إضافةً إلى أنه يعتبر أحد مؤسسي "مؤسسة الشام" التي تهتم بالتراث والموسيقا السورية في المهجر.
eSyria التقى الدكتور "ناهل " وكان الحوار التالي:
** تخرجت من المعهد العالي للموسيقا عام 2000 ومن ثم حصلت على منحة دراسية موسيقية من قبل وزارة التعليم العالي بالتعاون مع السفارة الايطالية في دمشق. وبعد وصولي قمت بزيارة عدة مدن إيطالية للبحث عن الأستاذ المناسب لأهدافي بالعزف على "الترومبيت"، واستقريت بمدينة "جنوا" حيث درست اللغة الايطالية وآلة الترومبيت إلا أن التركيز الأكبر كان على الناحية الموسيقية لأننا لانحتاج اللغة في الموسيقا. معظم الأساتذة الذين كانوا يسمعوني كانوا يرون امتيازي من الناحية التقنية، لكن هناك نقطة واحدة كان يركز عليها أستاذي Elia Savinoهي تقديم العمل بنوعية وأداء جيدين، وهنا كانت تكمن الصعوبة الموسيقية، وبقيت أقوم بتمارين خاصّة لتقوية نقاط الضعف إلى أن وصلت إلى السنتين الخامسة والسادسة من مراحل الدراسة فشعرت بالمتعة الاحترافية، الشيء الذي أكد لي بأن طريق الموسيقا الاحترافية غير منته. بذات الوقت كنت أدرس التأليف "الموسيقي المرئي" على يد البروفيسور Luigi Giachino ونتيجة الدراسة الصارمة معه تعرفت على ما يسمى "بالتحليل المرئي المسموع"، وأعتبر نفسي محظوظاً لدراستي هذا الاختصاص؛ وشاركت بعدة مسابقات أهلتني لربح الجائزة الأولى عن فيلم "الشاي في الصحراء". وأهم الجوائز التي حصلت عليها في إيطاليا بمجال التأليف الموسيقي كانت عن فيلم "الماء"، حيث كان المشاركين فيه من إيطاليا ومن اليونان ومن سورية ومن الدنمارك.
** ألفت عدّة أعمال للمسرح الراقص في "سورية ودولة الإمارات العربية المتحدة وعُمان" إضافةً إلى عمل درامي تلفزيوني واحد سوري جزائري.
** الموضوع يعود لمخرج العمل الدرامي، فإذا كان المخرج ذو سويّة علمية وأكاديمية عالية فسيكون من السهل التعامل معه فنياً؛ وفعلاً، خلال العمل الدرامي "عندما تتمرد الأخلاق" للمخرج "فراس دهني" والذي كان من إنتاج سوري جزائري حصل المسلسل على كيل من الجوائز في الجزائر وباريس كان إحداها أفضل موسيقا تصويرية، فمشاركتي بالموسيقا التصويرية ترتبط بالكادر الفني القائم على العمل.
*حصلت على الدكتوراه بالعلوم الموسيقية في إيطاليا وحالياً تقوم بتدريس إحدى موادها بالمعهد العالي للوسيقا وهو"علم الصوت"؟
** الشهادة التي حصلت عليها هي "الشهادة الاكاديمية للمستوى الثاني" وهي أعلى شهادة بالعلوم الموسيقية في أوروبا وهذا الأمر كان بالنسبة لمشرفَي الأطروحة مميزاً كوني نلت شرف أول خريجي إيطاليا الأجانب، واسمي حتّى الآن على رأس قائمة خريجي معهد "نيكولو باغانيني". النظام الدراسي عملي ونظري بالإضافة إلى التأليف الموسيقي، الشيء الذي سهل العمل على أطروحتي:"الموسيقا السورية مشاكلها وكيفية الحلول وعلاقتها بالآسيو أوروبية".
** هي مؤسسة ثقافية غير ربحية، مركزها في مدينة "جنوا" الإيطالية، تعرفت عليها صدفة في ايطاليا بعد ستة أشهر من وجودي في جنوا حيث قرأت إعلان عنوانه "الطريق إلى الشام"، وكان يعبر عن تظاهرة ثقافية، فأثارني الموضوع، ومن ثم قرأت أن هناك محاضرين من سورية فحضرت إلى المكان وتعرفت على الشخص المسؤول عن التظاهرة، وهو إيطالي يعشق سورية والسوريين ويزور سورية باستمرار، وكانت أوائل زياراته لسورية في ستينيات القرن الماضي بدعوة من الحكومة السورية من أجل البحث عن الآثار والمياه الجوفية، وبعد تعرفي على السيد "برونو ألوي" تعاونّا معاً للتعريف بالثقافة السورية بإيطاليا والعكس، علماً أن الثقافة الايطالية مشهورة بسورية ولكن من الممكن أيضاً دعمها عبر الموسيقا الجادة.
وقد قمنا بإرسال بعض من المتميزين الموسيقيين والرسامين والمحاضرين السوريين ليقدموا أعمالهم في إيطاليا، وبالمقابل كنا نستقدم المميزين من إيطاليا ليقوموا بعمل ورشات عمل للسوريين.
أصبحت بعد القيام بهذه الأنشطة عضواً بمجلس إدارة المؤسسة ومن ثم أصبحت رئيس المؤسسة في سورية، ونائباً للمدير العام، وعلى الرغم من تباعد المشاريع التي نقوم بها إلا أننا نقوم، من خلال الموسيقا ومن خلال الثقافة، بمشاريع ذات أمد مستدام كتوأمة "جنوا واللاذقية" مثلاً، وندرس حالياً إقامة توأمة بين "سافونا وطرطوس" وأخرى بين مدينتي "بومباي وتدمر".
علاقة التوأمة هامة جداً برأيي لأن كلا شعبي المدينتين يدرك تأثيرها في مجال الثقافة وفي المجال الاقتصادي والتجاري والسياحي وتبادل الخبرات العلمية. أيضاً أقمنا علاقة توأمة بين "جامعة القلمون الخاصة وجامعة جنوا".
** الذي أتمناه وأعمل عليه حالياً هو إنشاء مؤسسة الفرقة الفيلهارمونية، وهي مؤسسة تعتمد على الخطة المستدامة، ونحن في سورية لدينا أهداف قريبة وبعيدة، فلا يكفي أن يكون هناك فرقة واحدة في بلدنا لأن ذلك سيلغي التنافس وهذا أول أسباب الفشل، بالإضافة إلى أنه يوجد لدينا عدد كبير من خريجي المعهد العالي للموسيقا لايجدون فرص عمل جديدة فيتركون الموسيقا الجادة للعمل بالقطاعات الخاصة مبتعدين بذلك عن الأمر الرئيسي الذي تخرجوا من أجله.
الفرقة الفيلهارمونية مؤسسة يجب أن تتابع وتستمر وأن لا تتوقف بغياب بعض من أفرادها أو بسبب ندرة التمويل. وقد خططنا لاستقدام موسيقيين من الخارج لاكتساب خبرات جديدة، وليصبح هناك تبادل بالخبرات، وهناك خطة للقيام بأعمال أوبرالية ومشاريع شبه شهرية من أجل تقديم برامج سنوية مستمرة ومدروسة، وهنا سنكون بحاجة لدعم القطاع الخاص لأن القطاع الحكومي لايكفي، وهذا ما نسعى إليه من خلال التمويل السنوي للفرقة، والذي حتى الآن لم نتمكن من تحقيقه، على أمل أن تساعدنا دار الأوبرا على هذه الخطوة.
ترقبوا حدثا مميزا في شهر تشرين الأول، لم تشهده سوريا من قبل.
يذكر أن:
د. ناهل الحلبي من مواليد دمشق 1976، نال عام 2006 الشهادة الأكاديمية للمستوى الثاني – أعلى شهادة في العلوم الموسيقية في إيطاليا DASL. أطروحته "صوت من الصّمت" بإشراف كل من Raffaele Cecconi و Roberto Iovino من جامعة البحوث - معهد "N.Paganini" بمدينة جنوا الإيطاليّة. وحصل على اختصاص بآلة الترومبيت على يد Elia Savino وفي عام 2005 اختصّ بالموسيقا التّصويريّة في أصول التّأليف الموسيقي لدى البروفّيسور Luigi Giachino.