لم يكن يوم الثلاثاء 30/12/2008م يوماً عادياً من أيام احتفالية "دمشق" عاصمة الثقافة العربية، فهي تودع أحد أهم برامجها الدورية الذي قدمته خلال عامٍ كاملٍ وعملت على تميزه، ودأبت على تنظيمه في الأربعاء الرابع من كل شهر، نادي القراءة الذي كان نتاج "ورشة كتابةٍ مسرحيةٍ لليافعين"، فكان الوداع كما أرادته الأمانة العامة للاحتفالية،
حيث اكتظ مسرح المركز الثقافي العربي في "كفرسوسة" بجمهورٍ لم يستطع إلا وأن يعبر عن تفاعله مع النصوص المقدمة، وعن حزنه لوداع فعاليات الاحتفالية عموماً وهذه الفعالية خصوصاً، كالسيد "محمد أبو الخير" الذي تحدث إلينا قائلاً: «إن احتفالية "دمشق" عاصمة الثقافة العربية وفعالياتها هي ما دفع برأيي عدداً كبيراً من الأطفال والشباب إلى مطالعة الكثير من الكتب الثقافية، ومحاولة فهم معنى الثقافة الحقيقي، علماً أنني كنت أشارك أولادي بكافة فعاليات نادي القراءة للأطفال، ليفهموا كيف يصلون إلى ما يصبون إليه، وليرسموا خطهم الخاص في الحياة، وليتعلموا كيف يقرؤون وماذا يقرؤون». كذلك تحدث "حسام البرهو" بقوله: «حضرت بعضاً من فعاليات الاحتفالية، وكانت على العموم متميزةً تدل في معظمها على أن "دمشق" حقاً هي أم الثقافات، دون أن ننسى أنها أقدم عاصمةٍ في التاريخ، فهي أمٌ للحضارات والثقافات العالمية، وهناك آثارٌ تدل وتشهد على ذلك، وتعطي المعنى الحقيقي لعاصمة الثقافة العربية». الآنسة "روجين خلّو" مضيفةً تقول: «إن الفعاليات الثقافية التي نشطت في سورية في فترة الاحتفالية ليست جديدةً على سورية أو على "دمشق"، إذ كنت أشاهد إعلاناتٍ لعدة فعالياتٍ ثقافيةٍ في عدة مراكز قبل الاحتفالية، وانتقاء "دمشق" كعاصمةٍ للثقافة العربية لمدة عامٍ واحدٍ هو إجحافٌ بحق "دمشق"، وأتمنى أن تستمر هذه الفعاليات بكثافتها التي كانت عليها في فترة الاحتفالية حتى لو انتهت المدة المحددة للاحتفالية».
أشكر الأهل الذين ساهموا في إنجاح المشروع، ومساعدة أبنائهم في التعبير عن آرائهم الشخصية وتفهم متطلباتهم
وتخلل الحفل قراءةٌ للنصوص المقدمة بعد ورشة العمل، حيث قرأ اليافعون المشاركين في ورشة الكتابة المسرحية نصوص بعضهم البعض على شكل أداءٍ تمثيليٍ مسرحي، علماً أن النصوص المقدمة كانت بإشراف عددٍ من خريجي قسم الدراسات المسرحية في المعهد العالي للفنون المسرحية، وكان الأداء على الشكل التالي: "نص اللا عودة- لأميرة صادق"، "يوميات صراع- لبيان مهنا"، "المعادلة الصعبة- لتوفيق محمود رجب"، "الأبله- لجان، كارمن خليف"، "حلم- لدلال سمارة"، "اختطاف- لدينا أمين خليفة"، "امرأة في مهب الريح- لربا خمم"، "أمام المقهى- لسارية الميداني"، "أحلى الأيام- لصلاح الدين كوبا"، "الغرماء- لعبد الله أباظة"، "مهاجرٌ من الوطن- لعلي مصطفى الخوص"، "الليلة نلعب- لعمر قدور"، "ما يشبه النهاية- لعمرو علي"، "الرحلة- لفريد هشام القاسم"، "الصداقة- للورا أباظة"، "النافذة- للؤي صالح"، "الحارس الشخصي- لمالك الحسين"، "أبي- لمحمد عبد الرزاق الطويل"، "عزف منفرد- لمحمد عبد المجيد"، "كنز تونس- لمروان الأحمد"، "البوح- نبيل الكفري"، "أمام المرآة- لنور أمين خليفة"، "الضمير- ليارا أبو فخر"، وبعد الاستماع والمشاهدة كانت لنا اللقاءات التالية علها تنقلكم معنا إلى ما كنا فيه:
"يارا أبو فخر" عن المشروع أخبرتنا: «عادةً أكتب الشعر، وكنت أرغب في تعلم نمطٍ جديدٍ من أنماط الكتابة، وما أعرفه أن الكتابة المسرحية صعبة ولكنني لم أتصورها أنها إلى هذه الدرجة، خضت التجربة وهذا ما جعلني أرسم خط سير دراستي، والآن أرغب بالدخول إلى المعهد العالي للفنون المسرحية قسم النقد المسرحي». وعن سبب اختيارها لموضوع نصها المسرحي تضيف "يارا": «اخترت موضوع نصي ليكون عن الصحافة بشكلٍ عام مقارنةً بين كتّاب الصحافة الصفراء والصحافة الملتزمة، لأنني أرى أن الصحافة العربية عموماً مظلومةٌ وقد أوضحت ذلك من خلال النص، فمن المفروض أن تكون أفضل وأعلى، لأن الإعلام يعكس صورة البلد، لذلك فإن الصحافة بحاجةٍ إلى اهتمامٍ أكبر»، وعن التكريم قالت: «إن التكريم مهمٌ ومحفز للاستمرار قدماً نحو ما بدأناه، ولكن الأهم كان العمل الجماعي الذي قمنا به، فكلٌ منا لاحظ وقرأ نصوص الآخر، ولا أظن أن علاقتنا ستتوقف عند هذه النقطة فقط، إذ أننا أصبحنا إخوةً وأصدقاء، وفي النهاية لا يسعني إلا أن أشكر الفريق كاملاً لما بذلوه من تعب وصبرعلينا».
"نبيل الكفري" في وقفة سريعة قال لنا: «دخلت إلى هذا المشروع لأنني أحب المسرح، فهو أبو الفنون، وأحب الكتابة لأن الكتابة تعبر عن الذات من أفكارٍ وأحاسيس، ولكنني كنت بحاجةٍ إلى تحسينٍ في قواعد اللغة العربية وهذا ما ساعدني به فريق العمل. اخترت فكرة نصي لأنني كما الكثير من الجيل اليافع والشاب أجد مشاكل وصعوباتٍ في حياتي الشبابية، إضافةً للمشاكل التي لا تنتهي والصعوبات في إيجاد نقاط التقارب بين الأبناء والآباء».
وفي ختام الجلسة قامت اللجنة المشرفة المؤلفة من "سومر داغستاني ولمى عبد المجيد ولمى سلامة ووائل قدور" كأعضاء في فريق العمل والآنسة "ميسون علي" كمستشارةٍ دراميةٍ بتوزيع الشهادات التقديرية على الشباب اليافعين الثلاثة والعشرين المشاركين بورشة الكتابة، كما قدموا لهم باسم الأمانة العامة لاحتفالية "دمشق" عاصمة الثقافة العربية نسخةً من إصدارات الأمانة العامة تحت عنوان "ذاكرة المسرح السوري" وهو من منشورات "دار عدوان" الذي قامت الأمانة العامة بدعمه في بداية العام لإصدار عددٍ من الكتب.
وعن ورشة الكتابة كاملةً حدثتنا الآنسة "لمى سلامة" بقولها: «كانت الورشة لمدة ثلاثة أشهرٍ من العمل الدؤوب والنشيط، وكان شريكنا في هذا مشكوراً المركز الثقافي البريطاني، الذي بدأ هذه الخطوة منذ ثلاث سنوات، وأخرجوا منها عدداً من النصوص المتميزة، والآن تألفت ورشةٌ بدعمٍ من المركز الثقافي البريطاني تسمى "ورشة الشارع"، والتي تضم بعض المشرفين على ورشة الكتابة المسرحية». وعن الشروط التي تم قبول الشباب الثلاثة والعشرين أضافت الآنسة "لما" قائلةً: «تمت تعبئة الاستمارات التي وزعت على كافة المراكز الثقافية والموجودة أيضاً على موقع الأمانة العامة، وبعد أن أثبتوا رغبتهم بذلك وبالتعبير عن أنفسهم، ولم يكن من المهم بالنسبة لنا أن يكون لأحدهم أية تجارب سابقة في مجال الكتابة، سواءً أكانت شعريةً أم قصصية، لأن هدفنا لم يكن إخراج كتابٍ مسرحيين بقدر ما كان هدفنا هو تعليمهم كيفية التعبير عن ذاتهم وعن أحاسيسهم بأساليب جيدة، وقد اخترنا أن يكون المسرح لأن المسرح يساعد في صنع الذات وصقل الأشخاص، كما أننا اخترنا أن يكون المشروع موجهاً لليافعين لأنهم مظلومون من قبل الجميع، فليس هناك من يخاطبهم ليفهم آراءهم بما يحصل حولهم ويفهم أحاسيسهم وبماذا يفكرون، فالشباب الذين عملنا معهم كانوا متميزين واعين، لم يكن تفكيرهم محصوراً بآخر صرعةٍ للهاتف المحمول أو آخر موضة ثيابٍ، بل لهم همومهم ومشاكلهم الحقيقية، كانوا يرون سورية عموماً و"دمشق" خصوصاً على أنها الأم، يهتمون لمظهرها الجمالي ويناقشون مشكلاتها، وأرى أنه في حال تم تبنيهم فإن بعضهم إن لم يكونوا جميعاً سيصبحون كتاباً وأدباء عظماء». أما عن مدى التأثير الذي كان لفريق العمل على الشباب فحدثتنا الآنسة "لما" بقولها: «لقد كنا معهم كإخوتهم الكبار، ولم يكن أي تأثيرٍ على الأفكار التي طرحوها في نصوصهم، والمسودات الموجودة لدينا شاهدٌ على ذلك، ولكن كان تأثيرنا من خلال الإرشادات التي قدمناها لهم من الناحية الأدبية والصياغة، فالنصوص كانت من بنات أفكارهم».
وقبل الوداع تحدث "وائل قدور" للجمهور الموجود بعفوية: «أرى بأن هذه النصوص نصوصٌ عظيمة، قابلةٌ للتطوير، وعملنا لم يكن من أجل إنتاج كتابٍ مسرحيين بقدر ما كان عملاً الهدف منه بناء المسرح وإغناؤه من جديد، وإعادة المسرح لمكانته الصحيحة، وشرح أهمية وجود المسرح». أما "عبد الله الكفري" الذي كان مشرفاً على إعداد المناهج فتحدث إلى الجمهور بقوله: «أشكر الأهل الذين ساهموا في إنجاح المشروع، ومساعدة أبنائهم في التعبير عن آرائهم الشخصية وتفهم متطلباتهم».
الجدير ذكره أنه يمكن الحصول على النصوص الكاملة التي كانت نتاج هذه الورشة وهذا العمل من موقع الأمانة العامة لاحتفالية دمشق عاصمة الثقافة العربية http://www.damascus.org.