أشعلت الروائية السورية "نهى الحافظ" أصابعها بحرارة الحب والألم من خلال روايتها العاطفية الأخيرة "حور بغداد في ربوع الشام"، والتي قدم لها الأديب "وليد إخلاصي" بقوله: «معظمهن نسوة قذفت بهن عاصفة الرياح المجنونة إلى غير أرضهن»، وحاولت الروائية السورية أن ترصد بعين المشاهد معاناة عدد من النسوة العراقيات اللواتي أجبرن على مغادرة العراق.. ليجدن في "دمشق" حضناً دافئاً كما عهده كل العرب دائماً.
ويوم الأربعاء 18/2/2009 استضاف المركز الثقافي العربي في "كفرسوسة" ندوة "كاتب وموقف" شارك فيها عدد من الكتاب والمهتمين بالشأن الأدبي والثقافي، كما وقعت بعدها الكاتبة "نهى الحافظ" روايتها "حور بغداد في ربوع الشام".
المدرسة الواقعية من خلال تصوير بانورامي لكل شخصية، والعناية بالتفاصيل التي خدمت مسار الحبكة فجاءت مسارب السرد مباشرة مبعدة القارئ عن التخمينات، مركزة على المونولوجات وأسلوب التداعي النفسي الحر للتوفيق بين ما هو وطني وإنساني
ويصف لنا الفنان التشكيلي د."حيدر يازجي" ما لمسه من جماليات في الرواية بقوله: «أتحدث بصفتي فناناً تشكيلياً قرأ رواية أدبية، وقبل أن أتم قراءتها بشكل كامل ارتسم في ذهني سؤال عن السبب الذي دفع الكاتبة إلى كتابة هذه الرواية، وفي نهايتها عرفت أنها تستعيد حالات إنسانية على لسان أشخاص عاشوا تجربة الغربة وألم البعد عن الوطن، وتمثلت لي الشخصيات في الرواية وكأنها لوحات فنية تشكيلية تحكي قصصاً من الواقع ومن الحياة».
بدورها قالت الصحفية "مريم خير بك" «من الجميل أن تجمعنا الكلمات والحروف وهموم الوطن في جلسة واحدة، وبالنسبة لي فقد عشت وعايشت نبض الكاتبة "نهى الحافظ" وهي تخرج أعمالها إلى النور، واليوم ومن خلال هذه الرواية فإنها سارت على خطها الطبيعي الذي يوضح انتمائها ومسار حياتها، فشخصيات العمل تلعب بأقدارهم الحرب.. وهي بذلك تقوم بأهم وظيفة للأدب.. وهي مواكبته لحياة المجتمعات من خلال شخصياتها النسائية التي تؤرخ للعراق قبل سقوط "بغداد"».
وأضافت "خير بك":«إن الأساليب الفنية التي اعتمدت عليها "الحافظ" تحيل القارئ إلى لهاث وراء القصة التي تمسكه من الصفحات الأولى، من خلال اعتمادها على طرح المتناقضات التي تعطي للعمل الروائي قوة خاصة.. إضافة لاعتمادها على الأبيات الشعرية والنصوص النثرية من تراثنا العربي، وهي بذلك تقترب من أسلوب "المنفلوطي والعقاد"».
من جهته وجد الصحفي "مروان ناصح" أن الرواية تصلح لأن تكون مسلسلاً درامياً عربياً يوثق بالصور معاناة عاشتها نسوة العراق بعد أن هجرن من أرضهن، واستعان "ناصح" بوصف شخصيات الرواية يقول: «استطاعت الكاتبة أن تقدم عدة نماذج من الشخصيات النسائية، من خلال شخصية "جاكلين" الشاعرة والمحاضرة في جامعة "بغداد" والتي تهرب من العراق عندما تضطر لقتل جندي أمريكي حاول أن ينال من عفاف ابنتها أمام عينيها، فتذهب إلى "دمشق" تحت اسم آخر بعد أن تتهم زوراً بقتل زوجها».
فيما لمست د."جورجيت عطية" في رواية "نهى الحافظ" ما يشبه تجربة مرت بها عند نزوحها من الجولان في العام 1967 تقول عن ذلك: «عرفت معنى النزوح والبعد عن الوطن وعرفت معنى أن تغادر تاركاً وراءك المنزل والأرض وأجمل ذكريات العمر، وأعرف معاناة امرأة تركت كل شيء خلفها هرباً من القصف والموت.. وأعتقد أن العرب شعروا عند احتلال "بغداد" أنهم أصبحوا خارج التاريخ، وأتت رواية "الحافظ" لتكون شاهدا على مرحلة قاسية من حياة العراقيين، فاختارت الكاتبة شريحة النسوة العراقيات على اعتبار المرأة والطفل من أكثر الناس الذين يتعرضون للأذى في الحروب».
وتحدثت الشاعرة "هنادة الحصري" عن المادة الخام للرواية التي حققت بها الكاتبة "نهى الحافظ" عوالمها، حيث اعتمدت على حدقولها:«المدرسة الواقعية من خلال تصوير بانورامي لكل شخصية، والعناية بالتفاصيل التي خدمت مسار الحبكة فجاءت مسارب السرد مباشرة مبعدة القارئ عن التخمينات، مركزة على المونولوجات وأسلوب التداعي النفسي الحر للتوفيق بين ما هو وطني وإنساني».
يذكر أن الكاتبة "نهى الحافظ" من مواليد مدينة "دمشق" ولها عدد من المؤلفات نذكر منها: "ذات مساء.. "هذا ما جنيت".. "وداعاً أيها الصمت"