«يتعرف الإنسان على العالم منذ طفولته حتى نضجه، عن طريقين: طريق التجربة المباشرة، ونعني بها ما عاشه الإنسان وخبره بنفسه، وطريق التجربة غير المباشرة والمقصود بها، جملة ما يشاهده الإنسان وما ينقل إليه، عن طريق الآخرين كمعلومات ومعارف،
وكل ما يطلع عليه بنفسه من خلال الكتب، فيساعد على تشكل مشاعره وأحاسيسه وتكون شخصيته، كالشخصية الأدبية الكبيرة والقامة المعرفية "حنا مينا"».
الفقر والبؤس لم يكونا نصيب أسرة "حنا مينا" وإنما هما قاسم مشترك وسمة عامة وخط يجمع بين الناس كلهم وقد كان الفقر السمة العامة لهذه الفترة "النصف الثاني من العشرينيات" حيث كان فقدان الأمن والكرامة الإنسانية واستغلال القوي للضعيف والمالك للفقير تنويعات على نغم الفقر
هذا ما تحدث به الناقد الدكتور"عاطف عطا الله البطرس" وهو الذي أعد رسالة الدكتوراه في أدب الروائي الكبير "حنا مينا"، ومن كتابه "حنا مينا المعيش والمتخيل" لموقع eSyria بتاريخ 8/3/2009 أضاف يقول: «يصادف يوم 9 آذار من عام 1924 ولادة الأديب الكبير "حنا مينا" في مدينة "اللاذقية"، في أسرة فقيرة لأب أمي ووالدة كانت أيضاً لا تعرف القراءة ولا الكتابة، إنما حصيلة معارفها ما انتقل إليها في التوارث من معلومات دينية تركت في تكوينها آثاراً واضحة فهي أشبه ما تكون لقديسة مخلصة وفية مسيحية مستسلمة، لذلك كانت ترغب، في إرسال وحيدها "حنا" إلى دير ليصبح كاهناً ولكنه أصبح روائياً، وقدم للقارئ أعمالاً حفرت اسمها في تاريخ الرواية العربية "كالشراع والعاصفة، والشمس في يوم غائم، والياطر، وناظم حكمت" وغيرها من الأعمال التي تجاوزت طبعات بعضها عشر طبعات وهذا يعني الإقبال المتزايد على قراءة هذا الروائي الكبير».
وبين قائلاً: «الفقر والبؤس لم يكونا نصيب أسرة "حنا مينا" وإنما هما قاسم مشترك وسمة عامة وخط يجمع بين الناس كلهم وقد كان الفقر السمة العامة لهذه الفترة "النصف الثاني من العشرينيات" حيث كان فقدان الأمن والكرامة الإنسانية واستغلال القوي للضعيف والمالك للفقير تنويعات على نغم الفقر».
«لا تشكل الخبرة المباشرة من حيث الكم المكان الأول لتجربة الإنسان المعرفية للعالم فالجزء الأكبر من الخبرة الحياتية مستمد من مصادر غير مباشرة ولكن من الصعب الفصل بين ما حصل عليه الإنسان من خبرة مباشرة وغير مباشرة وهما في التشكل والتراكم أشبه بعملية المزج الكيميائي ويتمايز الناس بطرق ووسائل اكتساب تجاربهم وخبراتهم الحياتية فمنهم من نجد لديه رصيداً من التجربة المباشرة يفوق رصيده من التجربة غير المباشرة».
يقول الأديب الكبير "حنا مينا": «منذ كنت ابن ثلاث سنوات أن تلك الدار القديمة في مدينة اللاذقية والتي هدمت فيما بعد تتراءى لي كبقايا حلم لأنني ولدت وحبوت ودرجت فيها كانت بدء وعيي بالوجود وظلت رؤاها فرقاً تتجمع وتتفرق تظهر وتغيب ينقطع تسلسلها ينقلب تتجلى تمحي بفعل الزمن أو يمحي بعضها إلى أن قضت على ما تبقى منها، وأعدت الترميم والتوليف وسد الفجوات حتى تكاملت بقاياها واستقامت صوراً صالحة لمتابعة سياق حياة عائلة»
وبهذه المناسبة ونتوجه إلى الروائي الكبير شيخ الرواية السورية وأحد أعمدة الرواية العربية تحية "سورية" متمنين له عمراً مديداً وإبداعاً مستمراً وأقل ما يمكن من منغصات التقدم في العمر.