على الكتف الأيمن لسوق "البحصة" العصب التجاري لمدينة "دمشق" حيث الحركة..الأخذ والرد ..البيع والشراء...يلفت انتباهك هدوء صادر من شارع ضيق، يختلف كل الاختلاف عما يجاوره بأرضه المرصوفة والمقاهي المرمية على جنباته لتدار هناك حكايا وقصص بدأت من أيام المماليك لتستمر وتعيش حتى يومنا هذا في "حي ساروجة"
آخر الحكايا تلك التي رويت في مقهى "اللاروج" يوم الثلاثاء 10/11/2009 وسط حضور شبابي مميز في ظاهرة تختلف تماما عن أية أمسية أدبية إلا تلك المسماة بأمسيات "شغف".. قصص حملتها "لارا علي" من "اللاذقية" و"حسان الأخرس" من "حماة" ليحدّثانا عن "لون الكرز" و "مواعيد العشق".. عن "الضحية" و"العانس الأرملة".
eSyria تواجد في الأمسية لينقل لكم بعض مشاهدها، والتقى بـ "لارا" و"حسان"
يقول "حسان الأخرس" عن مشاركته: «حاولت أن أقدّم نمطا مختلفا من القصص يعتمد على التنويع بالسرد، وهذه لعبتي اللغوية، إذ حاولت شدّ المتلقي في كل لحظة»...
وأضاف: «أعتقد أن تجربتي مع "شغف" اليوم تختلف عن الأمسيات التي تقام في المراكز الثقافية، فـ "شغف" تشكل حالة مختلفة، فالحدث في حيٍّ قديم يمتلئ بالحياة وهو "حي ساروجة"، والقارئ لم يحضر أمسية أدبية وحسب بل كان يعيش حالة اجتماعية حولته إلى عنصرٍ أساسي ٍ من عناصر القصّة».
أما "لارا علي" فقد تحدثت عن مشاركنها قائلة: «كانت مشاركتي اليوم من خلال مجموعة قصص هي "إعراب"، "العانس الأرملة"، "تساؤلات"، "الصادقة الوحيدة"، "الضحية"، "الكلمة الأخيرة"، هذه العناوين لم تخلُ من الجرأة في طرح القضايا، لكن في النهاية أنا أعبر عن جزء من معاناة الجيل الشاب وقصصي تشبهني بنسبة 90%».
وعن "شغف" تخبرنا "لارا": «بالنسبة لي أنا كنت من جمهور "شغف"...أحببت الحالة فأصبحت مشاركة ً، هي أمسية غير تقليدية، وقرب الجمهور منك يشعرك بتفاعلهم».
**النقد كان موجوداً
وسط الحضور الشاب تواجد النقد، وكان له رأي..
السيدة "نبيلة علي" ناقدة قصصية وناشطة في مجال حقوق المرأة تقول: «نادرا مايكون التواجد كثيفا في أمسيات القصة، لكن اليوم كان العكس، بالنسبة للشاب "حسّان الأخرس" لعب لعبة اللغة فكسبها حينا وخسرها أحيانا أخرى. عادةً الإدهاش يغنيك عن النظر للأخطاء النحوية والإملائية الواردة في القصة، "حسان" يمتلك أدوات القصّ بقوة لكنه يخاف من التهذيب، ربما لأنه يحب كلماته..؟!
"لارا" تميزت بالشفافية ، أما الجرأة فكانت متواجدة وبقوة في الأمسية وتتمثل بالجرأة الاجتماعية عند "لارا" والجراة السياسة عند "حسان"».
أما القاص "زكريا المحمود" المحرر الأدبي في موقع "أوروك الجديدة"، فقد تحدث عن النتاج القصصي المقدم في الأمسية: «في قصص "لارا" كان هناك تركيز على الحالة، أي كانت عبارة عن إضاءات لحالة إنسانية ركزت من خلالها على الجانب النفسي من خلال الشخصيات التي ظهرت مهزوزة، كانت موفقة إلا أن بعض الشخصيات لم تأخذ مداها، فظهرت وكأنها ذات بعدٍ واحد، تأثرت كثيرا عندما قرأت قصة "العانس الأرملة"».
وأضاف: «أما "حسان" فتظهر تجربته أكثر خصوصية وأكثر معرفةً بما يريد فهو عندما يتناول القصة ينوع في الحدث في محاولة لرسم قصة تجريبية من خلال إضاءات متكئة على حدث مجزأ في كل ما قرأ "حسان".
عند "حسان" يظهر الفكر الذي لا يأتي مباشراً فجاً بل من خلال فنية ٍ في بناء قصصٍ تتجه نحو الحداثة، ولايمكن أن نقول أنها الحداثة المكتملة، لكنه قادرٌ على البناء الحداثي المقترب من الإدهاش».
**ماذا عن "شغف"؟
الشاب "محمد عرواني" هو أحد مؤسسي مشروع "شغف" الثقافي يخبرنا عنه:
«قمت أنا ومجموعة من الشباب بأمسية شعرية، وبعد تميزها ومطالبة الجمهور لنا بالأكثر فكرنا لماذا لا نستمر ونؤسس لمشروع ثقافي ، فانتقلت الحالة من تأسيس مشروع شخصي إلى تأسيس مشروع ثقافي اجتماعي، وكان الاختيار أن تقام الأمسيات في المقاهي حيث يتواجد الشباب، فالجمهور الذي يرتاد المقاهي هو مختلف تماما عن جمهور المراكز الثقافية، فجمهورنا ليس نخبويا...
مقهى "لاروج" غالبا ما يحتضن أمسياتنا وسط تجمع تجاري ضخم وفي زاوية قديمة شبه مهجورة، حاولنا أن نحرك هذه المنطقة بشكل جديد».
eSyria غادرت أمسية "شغف" على أمل أن تتحول إلى حالة اجتماعية ثقافية دائمة تحتضن تجارب وإبداعات الشباب برعاية ورعاية!
يذكر أن الشابة "لارا علي" هي من مواليد اللاذقية من مواليد 1982، حائزة على إجازة في علم الاجتماع، لها مجموعة قصصية بعنوان "اغتيال حبة المطر" ومجموعة من مسرحيات الاطفال منها "القرية السعيدة"، صحفية في موقع سيريانيوز.
أما الشاب "حسان الأخرس" فهو من مواليد حماة 1982 يحمل إجازة في الاقتصاد، له مجموعة قصصية مشتركة بعنوان "قصة مدينتين"، ومجموعة تحت الطباعة بعنوان "لون الكرز"، يكتب في مجموعة من الجرائد المحلية والدوريات، وهو مدوّن في موقع eSyria ومحرر في موقع أوروك الجديدة.