في عمله الأدبي "لقاء مع ملك الموت" يقول الدكتور "يوسف جاد الحق" الذي التقاه موقع edamascus بتاريخ 19/1/2009 للحديث عن السمة الغالبة على هذا العمل: «العمل نقدي فلسفي هادف بطريقة ساخرة يتناول الحياة والموت والظواهر الاجتماعية السيئة بين الأفراد عبر حوار لشخصية الرواية الأساسية التي تخضع لعملية جراحية لاستئصال المرارة مع ملك الموت في فترة زمنية لا تزيد عن ساعتين، تذهب بالشخصية المحورية لقضايا أبعد من التصور واستحضار للماضي والمستقبل في حياة أسرته وأصدقائه وعمله، والعلاقات الاجتماعية السيئة بين الأفراد ومحاسبة الذات بعد كل ذلك، وفيها حرصت على إدخال علم الروح والعقل الباطن للإنسان من خلال دراستي وبعض التجارب الأوروبية في استحضار الأرواح».
• بين السرد الروائي والحوار المسرحي، كيف ترى العمل عموماً ولأي الأجناس ينتمي؟
• النص ليس روائياً خالصاً تنطبق عليه مواصفات النص الروائي حسب المتعارف عليه لهذا الجنس من الأدب بحيث يكاد الحوار المباشر يطغى على السرد، كما أنه ليس مسرحياً صرفاً يقوم على الحوار من بدايته حتى النهاية إنما ينطوي على سرد حكائي، ووصف للمكان والشخوص بوفرة تشغل حيزاً من المساحة الكلية، إضافةً لوجود عناصر مشتركة بين الجنسين كالمونولوج الداخلي، وتيار الوعي، والحلم والاسترجاع، وما إلى ذلك من تقنيات وآليات معروفة يقوم عليها النص القصصي، لذلك فأياً من مواصفات هذين الجنسين لا تسود بحيث ننسبه بوضوحٍ لأيٍ منهما.
• لكن الانتظام الدقيق والتسلسل المنطقي لا يأتيان في الحلم والرؤيا كما يوضح العمل، فكيف يكون ذلك؟.
• في هذا النص نقف أمام التأويل للرؤيا لكي تصل إلى القارئ فيما ينقله من وقائع متخيلة، لذلك نرى الكتّاب يتكؤون على الفنتازيا والأسطورة والحكاية الشعبية والخيال العلمي، وإذا كنا نقبل اللامنطقي كحقائق ووقائع، فعلينا أن نقبلها بالحلم والغيبوبة الناجمة عن الموت المؤقت، وحالات النزع، وإن الخوف الذي ألمّ بالمريض قبل إجراء العملية خشية الموت يمكن أن ينجم عن رعب عصبي هستيري، أو حساسية مفرطة وهي من سمات المبدع.
• ما مدى تأثر النص بكل من "رسالة الغفران للمعري" و"الكوميديا الإلهية لدانتي ألليجيري"؟
• يختلف النص كثيراً عن واقعهما، "رسالة الغفران" تدعو للخوض في مسائل اعتقادية متأثرة بالقصص الديني الزاخر في تراثنا، لكن ثيمة "لقاء مع ملك الموت" تتطرق للخوف الأزلي من الموت وسيطرة الهاجس طوال سنين العمر، أما "الكوميديا الإلهية" فقد استوحى "دانتي" شكلها ومضمونها من "رسالة الغفران" لكنه ذهب لمخالفتها عبر مفاهيم متخلفة مسيئة للعروبة والإسلام، ولا يستقيم الأمر مع العقل والمنطق أن يحاكي عملٌ أدبيٌ آخرَ على خلاف واختلاف وتناقض.
وفي طيات مائة وثلاث وتسعون صفحة تدور رحى الحوار بين سائلٍ ومجيب تتعرض لحقائق ونسيجٌ من وحي الذاكرة المتقدة للأديب في تصويره الحركي وتجسيد المواقف من خلال مسيرته الطويلة التي بدأت مع الكتابة منذ منتصف القرن العشرين لتكلل مسيرة نجاح أعماله الروائية والشعرية والمسرحية والسياسية التي نذكر منها: "أشرقت الشمس"، "النافذة المغلقة"، "سنلتقي ذات يوم"، "قادمٌ غداً"، "الطريق إليها"، "الأرض ترفض الجثث"، "وأقبل الخريف"، "المستقبل الذي مضى"، وهي مجموعات قصصية، إضافةً لمسرحيتي "المحاكمة" و"المصير"، وديوان شعري بعنوان "حتى وداعاً لم تقولي"، ودراسة سياسية بعنوان "أضواء على المؤامرة الكبرى"، ويطبع قريباً: "أقوال النقاد في يوسف جاد الحق"، و"مضحكات ومبكيات"، و"بوذا القرن الواحد والعشرين".
يشار إلى أن الدكتور "يوسف جاد الحق" من مواليد "يبنا" في فلسطين، حاصل على شهادتي دكتوراه في الرواية والدراسات والأبحاث، عضو اتحاد الكتاب العرب في "دمشق"، وعضو لجنة التزكية والقراءة للمخطوطات في اتحاد الكتاب العرب ووزارة الإعلام، وأمين سر جمعية القصة والرواية لفترات، وعضو هيئة تحرير مجلة "الموقف الأدبي".