التواصل بين الكاتب والقارئ من خلال النص المقروء هو جزء من توسيع وانتشار شبكة القراءة بين الجمهور الذي غاب عن العملية الإبداعية، ففي السبعينيات والستينيات من القرن الماضي كان للنوادي والصالونات الأدبية السورية دور هام في طرح الكتب الأدبية والنقدية لقراءتها ونقدها بأسلوب أدبي واقعي ضمن الحركة الثقافية العامة..
فلهذه الصالونات الأدبية أثر كبير على أجيال عانقوا الكتاب صديقاً إلى يومنا هذا، ونحن هنا أمام تجربة جديدة هي "نادي طاولة القراءة" التي تقام السبت الأول من كل شهر، وذلك في المركز الثقافي العربي "أبو رمانة" بحضور /150/ منتسباً يأتون للاستماع والتواصل مع الكتاب والكتاب.
تمت قراءة عدة كتب وروايات لروائيين عالميين وسوريين ومنها رواية "تلك المرأة تلك النار" للقاصة "رباب هلال"، "وراق الحب" للكاتب "خليل صويلح"، "الصيف" لألبير كامو، "الخيميائي" لباولو كويلو، بالإضافة إلى عدة محاضرات عن المسرح والفلسفة
موقع "eSyria" التقى من أعضاء ومنتسبي النادي الأستاذ "عماد حمد" إعلامي ليحدثنا عن أهمية هذه التجربة وفائدتها: «يهدف النادي الذي لم يمض على تأسيسه كثير من الزمن، إلى تشجيع المطالعة والحوار، فخلال توزيع الكتب المجانية على القراء الذين وصل عددهم إلى /150/ عضواً وأغلبيتهم من طلاب الجامعة نحصل على المعلومة الثقافية المهمة ونجدد حالة القراءة التي افتقدناها في عصرنا هذا وخاصة بين الشباب، كما أنه خلال الندوة يجري حوار بيننا وبين مؤلفي هذه الكتب أو أحد النقاد الأدبيين بعد انتهائهم من قراءتها وبذلك وبعد عملية القراءة المفصلة ندخل حالة نقاش وحوار مع الكاتب أو الناقد الذي يجيب على استفساراتنا وأسئلتنا حول الكتاب.
نادي "طاولة القراءة المستديرة" له أهمية كبيرة في توسيع واسترجاع حالة القراءة المكثفة، وخلال جلساته استضفنا عدة كتاب منهم الأديب "وليد إخلاصي" في مناقشة حول كتابه "حروف تائهة"، والأديب "عبد الكريم ناصيف" لمناقشة روايته "الطريق إلى الشمس" إضافة إلى الروائي "خليل صويلح" عن روايته "وراق الحب"».
طلاب وإعلاميون ومثقفون مهتمون بحالة القراءة في سورية يجمعون في غرفة ضمن المركز الثقافي لخلق حالة من الحوار حول كتاب ما، ومن المنتسبين لهذا النادي التقينا الأستاذة "منال غانم" لتحدثنا عن أهمية هذه الحالة الثقافية: «إنها من البوادر الثقافية المهمة في سورية، فخلال تجمعنا في النادي نحاول أن نخلق حالة من الحوار النقدي حول الكتب التي نتحدث ونتحاور عنها، وقد استضفنا عدداً كبيراً من الكتاب والروائيين السوريين في النادي، فخلقت هذه الحالة من النقاش والحوار آراءً جديدة توصلنا إليها بالنقاش، وهنا الدور الكبير يعود للأستاذ "صباح حديدي" الذي يقوم بإدارة الطاولة المستديرة، ونأمل من وزارة الثقافة والجهات المعنية دعم هذه الظاهرة أكثر، لخلق ثقافة ومدرسة لنقد القراءة».
وخلال انتقالنا إلى الفنان التشكيلي "محمد صباح حديدي" صاحب فكرة إقامة هذا المشروع، حدثنا عن أهمية هذا النشاط وفكرته ومغزاه، قائلاً: «انطلقت فكرة تأسيس ناد للقراء بسبب ما نلحظه من تراجع في تسويق الكتاب والتعاطي معه في ظل طغيان ثقافة الصورة وانصراف الشباب إلى الإنترنت، وكان علينا في البداية أن نطرح أسئلة على أوائل القراء الذين التحقوا بالنادي، أهمها كيف نُعيد للكتاب مكانته عند الجيل الجديد، وكيف نعيد للقراءة كنشاط ثقافي واجتماعي وفكري أهميتها وترسخها كتقليد يومي بامتياز، حيث تلقينا دعماً من وزارة الثقافة السورية التي قدمت لقراء النادي 75 نسخةً مجانية من كل إصداراتها، كما أهدى اتحاد الكتاب العرب 750 كتاباً إلى نادي القراء، إضافة إلى دار الجندي للطباعة والنشر بدمشق الذي يقدم شهرياً أهم إصداراته لهذه التجربة الجديدة من نوعه في عالم القراءة».
يبتسم "الحديدي" ويقول: «إنني متفائل من ازدياد عدد أعضاء الطاولة المستديرة، حيث في كل جلسة هناك منتسبين جدد من كافة المحافظات، في ظاهرة مهمة ويجب تشجيعها من قبل كافة الوسائل الإعلامية والمؤسسات الثقافية، كما أن أغلب المنتسبين من طلاب الجامعة وبعض الدكاترة والمحاضرين فيها، إضافة إلى عدد لا بأس به من الإعلاميين».
ربما عدم استطاعة البعض على شراء الكتب هو سبب عزفهم للقراءة، ولكن هنا لنادي الطاولة المستديرة دور في إزالة هذه العقبة وتقديم الكتب لكل الأعضاء حتى إن كانوا في محافظاتهم، وهنا يقول "الحديدي": «إننا نقدم الكتب بشكل مجاني لكل المنتسبين والأعضاء حتى إن كانوا في محافظات أخرى، وبهذه الطريقة نحاول أن نشجع القراءة ونزيل عقبة عدم الحصول على الكتب بسبب غلائها، فالإقبال ممتاز جداً على القراءة والندوات الثقافية التي نقيمها، حيث في سنة واحدة تجاوز عدد المشتركين 90 قارئاً وقارئة وهذا عدد كافي لتعزيز دور الكتاب وتأثيره في حياتنا من جديد».
لكل نادي أو مدرسة ثقافية دور وهدف، عن أهمية وجود نادٍ للقراء كنادي "طاولة القراءة المستدير" يقول "الحديدي": «على الرغم من وجود الكتب الإلكترونية وعالم الانترنت الذي يوفر لك أية معلومة، نحاول أن يكون هناك قراء مدمنون يقدمون أفكاراً ثقافية ونقدية لتأسيس نواة جديدة وبنية ولمدرسة نقدية تخص القراءة، تجربتنا بدأت من "دمشق" وهناك منتسبين من محافظات أخرى يأتون في هذا اليوم فقط لحضور الندوة التي نقيمها في أول سبت من كل شهر، وفي الأيام المقبلة وبمساعدة الجهات المعنية سنحاول توسيع حلقتنا وطاولتنا لتشمل محافظات ومدن سورية أخرى، فحالة عزوف الناس عن القراءة منتشرة في أريافنا ومدننا الأخرى نسعى للوصول إليهم عن طريق "طاولة القراءة المستديرة"».
يتابع الأستاذ والفنان "محمد صباح حديدي" حديثه معنا عن أهم الروايات التي تمت قراءتها في النادي: «تمت قراءة عدة كتب وروايات لروائيين عالميين وسوريين ومنها رواية "تلك المرأة تلك النار" للقاصة "رباب هلال"، "وراق الحب" للكاتب "خليل صويلح"، "الصيف" لألبير كامو، "الخيميائي" لباولو كويلو، بالإضافة إلى عدة محاضرات عن المسرح والفلسفة».