قدمت في إطار فعاليات اليوم الأول من مهرجان القصة القصيرة الفلسطينية الذي تقيمه جمعية القصة والشعر في الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين، خمس قصص سردية تتمحور مواضيعها بين القضية والواقع لخمسة قصاصين، وناقد متخصص يناقش بنيتها وتقنيتها الفنية.
إذ لعبت القصة القصيرة الفلسطينية دوراً هاماً في الساحة العربية والعالمية وكتبت وترجمت للغات عديدة من العالم وأصبح كتابها أعلاماً في الساحة الثقافية، على حد قول القاص "وليد معماري" عضو اتحاد الكتاب العرب الذي شارك بقصته "شربنا الحليب معاً" وتابع لموقع eSyria بالقول: «عمل الكتاب والأدباء على نشر قضيتهم بأدب القصة القصيرة، لأن قضية فلسطين هي القضية الأولى والمركزية للعرب، إضافة إلى العنصر الفلسفي الموضوعي الذي تتضمنه القصة أو الرواية من نواحي إنسانية واجتماعية، على رغم أن هناك روايات وقصصا فلسطينية ابتعدت قليلاً عن نقطة الارتكاز لديها، ربما كان هذا من حق الكاتب أن ينفض عن ذاته لذاته، وهو الشعور النضالي لأدب المخيمات برؤية إنسانية متجددة في عالم الأدب، بمواكبة تقنيات العصر».
إن الفلسطيني موسوم بأنه لا يحسن الكتابة إلا عن المخيمات، بمعنى هو كاتب تراجيدي بحكم الأزمة التي يعيشها
وبعد أن قدمت القاصة "سلوى الرفاعي" قصتها "وجدان" أوضحت قائلة: «تكمن أهمية مهرجان هذا اليوم بإتاحة المجال للاطلاع على نتاجات كتاب، بمعنى هناك فرصة للاستماع إلى عدد كبير من الكتاب في فترة زمنية قصيرة، وأيضاً التعرف على أدباء والتواصل معهم وخلق روح حوار ثقافي بينهم، ولهذا أحببت المشاركة، لأننا بحاجة أيضاً إلى نقد موضوعي يساهم بتطوير عمل القاص من خلال التوجيه بأحدث النظريات النقدية وأسلوب كتاب القصة بما ينسجم مع واقع العصر وتقنياته، والنقاد الذي يقدمون آرائهم النقدية في المهرجان أكفاء وهم يرفدون الحركة النقدية الأدبية بأفكار حديثة ومواكبة لمتطلبات الزمان والمكان والقضية».
رئيس الجلسة "احمد جميل الحسن" منظم المهرجان ومقرر جمعية القصة القصيرة في الاتحاد أشار إلى وجود روائي وقاص مميز هو د. "حسن حميد" واصفاً إياه بأنه أمير القصة القصيرة، وله العديد من الروايات والمجموعات القصصية والأبحاث في أدب المخيمات مشيراً إلى آخر رواية له بعنوان "مدينة الله"، وقبل أن يقدم قصته "كائنات الليل" بيّن د. "حسن حميد" بالقول: «هناك نقطة تلطخ برأسي أننا نحن الفلسطينيون لا يجيدون الكتابة إلا عن فلسطين، وعن غطرسة العدو الصهيوني، والمجازر الذي يرتكبها، وإننا ابتعدنا عن طريقة الكتابة التي يكتبها كتاب العالم، بل انحصر أدبنا بأدب المخيمات فقط، علماً بأن سائر خلق الله تكتب بمجالات الحياة كافة إلا أن قضيتنا تبقى عندنا الأساس، ولهذا ربما اخترق بقصتي اليوم هذا الفضاء».
تبقى الكلمة الأدبية معبرة عن فكر وثقافة الكاتب، بما يحمله من مبادئ وقيم اعتبارية في مجالات الحياة وتطورها، لأن الكلمة تحمل النضال وروح القومية وتابعت القاصة "توفيقة خضور" التي نالت جائزة المزرعة للإبداع الفني والأدبي عن مجموعتها القصصية لعام 2010 بدورة الشاعر "يوسف الخطيب" قائلة: «اعتبر مشاركتي مع جميع الأدباء هامة في هذا المهرجان، لأن الكلمة تبقى حاملة لواء الكفاح، والعمل للوصول إلى أهدافنا المرجوة وعلينا جميعاً أن نكون جديرين بحمل ما تمليه علينا هذه القضية، واليوم اخترت قراءة قصة من قصصي التي أتحدث بها عن حالة اجتماعية، تهاجم أولئك الذين يعتبرون الدين وسيلة للوصول إلى أهدافهم الدنيئة، على الرغم من أن الممارسات والسلوك يحمل مجموعة من القيم والأخلاق والوجدان الإنساني والعاطفي والروحاني، دون زلفى ولا ملقاً».
كلمة النقد هي الحكم والحد الفاصل بين المتلقي المنتظر إطلاق حكم قيمة على النص الأدبي وبين المعرفة الأدبية، لأنواع مختلفة من النصوص كالقصة والرواية والقصيدة الشعرية، فقد أوضح الناقد الدكتور "عاطف البطرس" المكلف بنقد القصص لليوم الأول والثاني من المهرجان بالقول: «إن الفلسطيني موسوم بأنه لا يحسن الكتابة إلا عن المخيمات، بمعنى هو كاتب تراجيدي بحكم الأزمة التي يعيشها».
وتابع الناقد "البطرس" عرض نقده على القصص حيث أشار قائلاً: «القصة التي قدمها "د. حسن حميد" طويلة الحجم وهي لا تراعي شروط التلقي في مثل هذا اللقاء، وهذا يقاسمه فيها القاص "وليد معماري"، لأن اختيار القصة مرهون بشروط التلقي، والمدة الزمنية، نصف ساعة تسمح للشرود وإذا حذفنا كلمة من مقطع يهتز البناء الفني، إلا أنها تحمل الترميز رغم أنها تتحدث عن الحب، والمعنى الدلالي للمرأة هي ترميز لفلسطين التي ينتظرها "تحسين" في المقهى ولا تأتي وتبقى وعداً، وهو غيّر في المكان من المخيم إلى المقهى وبقيت القضية واحدة، وهذا ليس ضعفاً، وبالنسبة لقصة "انفاق وأرانب" للكاتب "عدنان كنفاني" لديه اهتمام في توصيف المكان وأنسنة الحيوان بجعله حاملاً سردياً للأرانب، والثعالب، مجسدة للصراع بين وحشية العدو الصهيوني "الثعالب" وطيبة وبساطة الفلسطيني "الأرانب" وأنها قصة فكرة تتوخى سردياً تحويلها إلى فعل القص، وفي القفلة الأرانب تحفر أنفاقا هنا دون التدقيق بالمعنى ميكانيكياً، أما الأخت القاصة "سلوى الرفاعي" فقد تميزت بقصتها "وجدان" بتقديم نمط سردي جديد يعتمد على المشهد المسرحي، والحوار بين شخص وآخر، وهي تخرج من نسق القص الذي استمعنا إليه اليوم الأقرب للكلاسيكي المحدث، وهي تعتمد التجريب لأن النصوص القائمة على الثبات والاستقرار تحكم على نفسها بالتلاشي، أما قصة الأستاذ "وليد معماري" فهي قصة داخل قصة، والحدث التتابعي يشكل بعداً دلالياً في النتيجة وقصته تحتاج إلى الأذن والعين والذاكرة، لأنها غير تقليدية، ولست بصدد ملاحظات في السرديات، لأنه من رواد التجريب، ولكن بين الماضي والخبرة والألفة والاعتياد لا تسمح بالخروج الكامل عن الأخيرة وربما تحتاج إلى "وليد" آخر، أما قصة الأديبة "توفيقة خضور" فلم أستمع إليها بسبب لقاء تلفزيوني أثناء قراءتها لقصتها».