بدأ بكتابة أول رواية له وهو في الثامنة عشرة من عمره لكنه حسبما ذكر لموقعنا لم ينشرها. في /1976/ صدرت روايته الأولى "ملكوت البسطاء". ثم صدرت ثلاثيته الروائية (حسيبة- فياض- هشام) التي كان لها علامة فارقة لدى النقاد في الأدب الروائي السوري الحديث.
حول رواية "لو لم يكن اسمها فاطمة" التي اختارها من بين رواياته أراد الكاتب السوري "خيري الذهبي" أن يكون حوار موقعنا "مدونة وطن" معه فكان اللقاء التالي:
** حتى نعرف الشخصية في مضمارها الحقيقي علينا أن نتذكر كيف بدأت. "فاطمة" امرأة جميلة قبل كل شيء وبدأت حياتها بصنع أسطورة هي نفسها لا تعرف كيف اصطنعت وهي أنها خرجت يوماً من بيتها وهي الصبية الجميلة لتقوم ببعض الأمور فإذا بالجنود السنغال يطاردونها وهم يهتفون "فاتيما" وهذا الاسم هو الاسم الاسلامي الوحيد الذي يعرفونه فأحست أنها هي الوحيدة المقصودة فأحرجها الأمر وأقسمت ألا تخرج من البيت طالما هناك جندي سنغالي وهي تقصد محتلا فرنسيا وهنا تبدأ إشكاليتها لأنها الوحيدة التي تتحدى الاحتلال فتصبح حدثاً صحفياً ينطلق من دمشق إلى بيروت إلى الاسكندرية إلى الصحافة وحينما يأخذون صورة قديمة لها يصنعون لها رتوشا فتتحول إلى "غريتا غاربو" ثم تصبح "جان دارك" وإذا بالناس الذين يريدون الحصول على رمز يحصلون عليه من خلالها فتصبح رمزاً حقيقياً. تبدأ اللعبة بمحاولة الانتداب إفساد هذه الصورة فيلجؤون إلى زوجها الرجل العادي الذي يحمل الكثير من العيوب ما يؤدي إلى وجود صراع بين هذه المرأة وزوجها وهي أفضل منه بعدة مستويات لكنها في النهاية مثل كل نساء الشرق عليها أن تصنع قدرها فتجد نفسها معزولة معه في إحدى المدن المنسية في شرقي سورية وعليها أن تبدأ حياتها. هنا عليها أن تصنع أسطورتها الثانية فتمر بأكثر من مرحلة بدءاً من انتصارها على الضباع إلى مشيها سافرة دون غطاء وقيادتها السيارة.. الخ، ثم تتعرض إلى الفساد الذي وصل إليه بعض البيروقراطيين حين تصنع معرضاً للرسم فتصطدم بأحد الفاسدين في وزارة الثقافة. "فاطمة" هي صورة حقيقية لسورية في الخمسين سنة الأخيرة في صعوداتها وهبوطاتها.
** ليست مهمتي أو مهمة أي كاتب أن يطبطب على أكتاف الأخلاق أو الدين أو السياسة ليقول أنتم على صواب. مهمة الكاتب أن يرى الانسان الحقيقي في صعوده وهبوطه. حين يتحول الأدب إلى إعلام يصبح الأمر كارثياً. الأدب أكبر من الاعلام ومن السياسة ومن الدين ومن الأخلاق. لقد كان لروايتي الاعجاب الشديد من قبل النقاد السوريين والمصريين والمغاربة. لقد عملت هذه الرواية تحولاً كبيراً بالرواية السورية.
** سؤالك قد يتبدى بسيطاً لكنه ليس كذلك. هناك أمر علينا معرفته: من هو الانسان المخاطب الذي يخاطبه الكاتب؟ هل الكاتب يعرف قارئه فيخاطبه أم أن ذلك لا يهمه؟ هل يخاطب قارئاً مصنوعاً بطريقة غربية كما يعرف الأدب الغربي فيخاطب ما يراه فيه، أم يخاطب الناقد، أم القارئ المتوسط؟
للأسف نحن ليس لدينا أجهزة سبر لنعرف القراء وكيف يفكرون. أنا يهمني في النهاية القارئ المثقف وليس العادي الذي لا يقرأ ولا يهتم بما أكتب. في الآونة الأخيرة أصبحنا نرى الجمهور السوري مهتماً بأعمال لا تمت للأدب بصلة وهذا برأيي ظلم لهذا الجمهور لأنه اختطفت منه المرحلة الهامة للقراءة التي مرّ بها العالم الغربي والمصري. المرحلة التي صنع بها الكاتب علاقة وثيقة مع الكتاب، والصحافة. لقد فقدنا طقس القراءة للصحيفة والكتاب، وحُرم الناس وانظلموا من إقامة الصلة الحميمة معهما نتيجة التوجيه الموجود باتحادات الكتّاب بنوع الكتب المطلوبة من المؤلف فظهرت مئات من أرباع الكتّاب الذين لا يعرفهم أحد في العالم فلذلك رفضهم القارئ وانعزل عنهم وصار زبوناً دائماً للتلفزيون ولم يعد يهتم بالكتاب. الانسان لن يستطيع تطوير عقله إلا عبر الكتاب الذي نقيم معه حواراً.
** في هذه الرواية كنت حريصاً على صنع لغة خاصة بي. هذه اللغة ليست متقعرة وليست هشة بل هي لغة روائية كما يجب لها أن تكون، ومن أحد الأخطاء التي يقع بها السوريون تحديداً هي أنهم بالأصل صانعو لغة شعرية والشاعر عادة يكون خادماً للغة فيحسنها فيضيع الهدف منها. اللغة خادمة للرواية وليس العكس وقد كتبت فصلاً كاملاً في روايتي بالعامية وأنا أتعمد ذلك لأني أردت أن أقدم الوجه الآخر للغة والشخصية والحس بما يجري.
الكاتب "خليل صويلح" قال: «إن "خيري الذهبي" في روايته "لو لم يكن اسمها فاطمة"، يستنجد بمعجم آخر أقل بذخاًً وخشونة، وبجملة روائية بسيطة تواكب اليومي ومفرداته، في مشهدية تستمد عناصرها من مهنة الشخصية المحورية "سلمان". تنطوي الرواية على مفارقة سردية لافتة، يسعى عبرها إلى مقاربة منطقة روائية مختلفة عما أنجزه قبلاًً، إذ طالما اهتم هذا الروائي السوري بتخوم التاريخ وتحولاته وعبوره إلى ضفاف شخصيات مأسورة في مصائرها الأكيدة. صورة فاطمة كما يرسمها كراو إضافي لمجموعة رواة المخطوط، هي الوجه الآخر للوحات التي كانت ترسمها هذه المرأة مثلها مثل المدن الميتة، وما السيناريوات المتبدلة التي يقترحها الراوي المجهول على عدسة المخرج، إلا إشارات للحال التي وصلت إليها البلاد اليوم، وفي معنى آخر هي صورة لمخطوط بحاجة إلى تنقيح وتصحيح، وإلى من يعيد كتابته على نحو مختلف.
يذكر أن "خيري الذهبي" روائي ومفكر سوري من مواليد دمشق 1946 ،غادر إلى مصر في بداية الستينيات وتلقى هنالك تعليمه الجامعي في جامعة القاهرة حيث درس الأدب العربي وتتلمذ أدبياً على يدي يحيى حقي ونجيب محفوظ وطه حسين، عاد إلى سورية وساهم في الحركة الثقافية السورية بكثافة في الصحافة والاذاعة والتلفزيون والأدب بشكل خاص، حاز جائزة أدب الأطفال الأولى في السبعينيات، وشارك في تحرير العديد من دوريات وزارة الثقافة واتحاد الكتاب، له الكثير من المؤلفات والاعمال الادبية والروايات، من مؤلفاته:
ملكوت البسطاء. رواية 1975
طائر الأيام العجيبة. رواية 1977
ليال عربية. رواية، الفارابي، بيروت. 1980. دار التكوين. دمشق. 2008.
الشاطر حسن. رواية. 1982.
المدينة الأخرى. رواية. اتحاد الكتاب العرب. دمشق. 1983.
ثلاثية "التحولات": 1- حسيبة. رواية. 1982
2- فياض. رواية 1989.
3- هشام. رواية 1997.
الجد المحمول. قصص. وزارة الثقافة. 1993.
فخ الأسماء. رواية، دار الآداب. 2003، دار التكوين. 2009دمشق.
لو لم يكن اسمها فاطمة. رواية، دار الهلال 2005. القاهرة. دار الخيال بيروت 2006، دار التكوين دمشق 2007.
صبوات ياسين. دار كنعان، دار الخيال، بيروت. رواية. 2006.
التدريب على الرعب. مقالات مختارة. 2004 دار كنعان دمشق / سورية.
رقصة البهلوان الأخيرة. رواية. دمشق. دار التكوين 2008.