في روايتها الثانية "على حافة الصمت" نقرأ للكاتبة "لمى اسماعيل" حواراً ثنائياً دسماً بين عالمين متناقضين من الغنى والفقر، الحياة والموت، مع أشخاص أغنياء وفقراء يعيشون على ضفتي النهر الشرقية والغربية.
نقرأ فلسفة صوفية لعلاقة النفس البشرية مع الآخر عنوانها: "على الإنسان أن يبحث دائماً عن روحه الحقيقية ويندمج فيها" سواء كان ذلك البحث لغني مثل "عمران" أو فقير مثل "تيسير".
حول روايتها "على حافة الصمت" التقى موقع "مدونة وطن" مع الكاتبة وكان هذا الحوار:
** منذ وعيت وهاجس "العدل" يؤرقني. دائماً كنت أسأل: هل يوجد عدل في هذه الحياة؟
في البداية كنت أستعين بالشرح الديني لكني وجدت أن الدين يحتاج إلى تعمق كثير، فحاولت الاعتماد على نفسي لأني رأيت أننا يجب أن نفعل ذلك كي نعرف. العدل المادي غير موجود لذلك حاولت أن أقول إن الموت هو العدالة التي يتساوى بها الناس.
كل ثنائية متضادة في روايتي تتمم الأخرى. "تيسير" يتساوى مع "جواد" في الموت. "عمران" هو المتمم "لتيسير". حتى "نوال" المرأة السلبية هي المحركة "لهند" المختبئة في شخصية غير ذاتها، و"هند" هي المتممة لابنتها. هكذا أردت أن يتحول كل اثنين وكل نقيضين إلى واحد. قرأت ذات يوم قولاً أعجبني كثيراً للعلامة الصوفي "النفّري": "يا عبد، إذا رأيتني في الضدين رؤية واحدة اصطفيتك لنفسي". ما أريد أن أقوله في روايتي إننا كي نشعر بالراحة لابد أن نجمع النقيضين في الحياة.
** المفروض أن الكاتب يتميز بهذه الصفة من غيره من الناس، فأنا مثلاً لا أعكس حياتي لكني أعيش أي لحظة أتخيلها وأجعلها واقعاً في روايتي فأتخيل البطل وكأنني أعيش معه ويعيش معي لأني في حياتي أهتم بمن حولي وبحياتهم. في النهاية ما ينقله الكاتب هو نوع من الخيال أو مخزون اللا وعي.
** الكاتب لا يفصل نفسه عن شخصياته لأنه من خلالهم يعبر عن مخزونه، وأمنياته. في روايتي هذه أردت توجيه رسالة للناس من خلال أبطالي، وقد فاجأتني ردود أفعال الناس في هذه النقطة بالذات فمن أردت أن تصلهم رسالتي لم يفهموها، بالمقابل فهمها أناس لم أعرفهم. ردود أفعال الناس تفاجئني دائماً فمنهم من قال إنه يرغب بقراءتها ثانية، ومنهم من استطاع الوصول إلى العمق الذي أردته. هناك أشخاص تربطني بهم علاقات قوية كانوا يقولون لي إن البطل الفلاني يشبهني في كذا، وآخرون قالوا إن البطلة تشبهني في كذا. الغريب أن الناس تبحث عن أبطال يشبهونهم في أية رواية يقرؤونها، فالمرأة تبحث عما يشبهها في "نوال" أو "هند" بينما أتساءل أنا: لماذا لا تبحث المرأة عن رجل يشبهها في الرواية كعمران أو تيسير مثلاً؟
** الكتابة تساهم كثيراً، لكن بالنسبة لي ما يهمني من نقل التجربة ليس التجربة نفسها وإنما بعض التفصيلات الصغيرة فيها والتي قد لا يراها أو يهتم بها آخر غيري، فعندما قرأ "تيسير" ورقة النعي شعر بانتماء إلى مجموعة أوراق النعي الملصقة على الجدران أكثر من انتمائه إلى مجموعة الأحياء الذين يسيرون قربه. أردته أن يقرأ الورقة لأنه محكوم بالموت. مثل هذه اللقطة قد لا تهم الناس لكن أنا أفكر بها وتؤثر بي لأني مؤمنة أن الكثير من التجارب الصغيرة هي كبيرة على المستوى الانساني.
** الكتابة بالنسبة لي هي الدواء.. هي الخدر الذي يهدئني، لذلك ساعدتني كثيراً على ذلك.
** في هذه الرواية تحديداً أجيب نعم. لقد كتبتها كي تفعل ذلك. لقد حاولت بطريقتي أن أوضح أن كل شيء يصبح متساوياً في النهاية، الرغبة عندما تكون حقيقية يجب أن تصل لهذا الكون. أنا أقول في روايتي مثلاً إن "تيسير" يؤمن بفكرتين متضاربتين لكن الكون يخبره أن رسالته مشوشة ولن تقبلها الحياة. إننا يجب أن نعرف ما هي رغبتنا الحقيقية كي نثير الجدل ونلقي الضوء عليها.
** الكتابة تعوض الفراغات الكثيرة الموجودة في نفوسنا، وكثيرون يعوضون ذلك بالايمان مثلاً، أو الأمومة، أو الحب، أو الصداقة. أنا عوضت ذلك بالكتابة ووحدها من جعلني أشعر بالامتلاء.
يذكر أن الكاتبة لما اسماعيل: